الخميس 23 مايو 2024

الألش والأفيه في حياة "ام كلثوم "

8-3-2017 | 13:07

ام كلثوم هذه السيدة الأشهر في عصرها والصوت الخالد على مر العصور كان لها جانب آخر في شخصيتها التي عرفت بالصلابة، وهو الجانب الكوميدي المرح الذي كان مخرجا لها من مآزق كثير تعرضت لها، كما اشتهرت ب”الأفيه” الذي يعد أحد أدوات المسرح المهمة. 
في هذا التقرير نبرز أهم المواقف التي تجلت فيها هذه القدرات الخفية من خلال محاور توضح “الألش” كفن في حياتها والأفيه كمخرج من الأزمات، ومكون مهم  في شخصية ومسيرة كوكب الشرق. 

"الآلش عند ثومة: 

يعتمد الآلش كشكل من أشكال الكوميديا على التلاعب بالألفاظ وهو الأقرب إلى فن " الواو " في الشعر والذي يقوم على الجناس التام، بمعنى تطابق كلمتين في نفس الحروف مع إعطاء معاني مختلفة وكان لأم كلثوم في هذا الشكل من الكوميديا مواقف كثيرة تدل على حضور الذهن وسرعة البديهة والذكاء الشديد.  
يحكي ثروت الخرباوي في مقاله "فلنضحك.. أفضل من حرقة الدم " والذي يحكي فيه عن طرائف ونوادر العظماء انه "كان لأم كلثوم جارٌ من كبار القوم ثقيل الظل، يحضر إليها دائماً فى فيلتها الشهيرة بالزمالك ويظل جالساً لا يغادر المكان ولا بالطبل البلدى، وفى أحد الأيام جاء إليها هذا الثقيل وكان عندها الشاعر أحمد رامى والملحن رياض السنباطى، فأراد الضيف الثقيل أن يتبسط معها فقال وهو يسلم عليها «إزيك يا ثومة» وكأنه أحد المقربين منها ولا كلفة بينهما، فرحبت به أم كلثوم ثم قامت بتقديم ضيوفها إليه فقالت: هذا ملحن ثومة، وهذا شاعر ثومة، ثم أشارت إلى جارها الثقيل وقالت لهما: وهذا «جارثومة»ويتضح تلاعب ام كلثوم في تركيبة جار وثمة ليشكلا معا الكلمة المعروفة ب”الجرثومة” بمعناها الشهير.
كما يحكي الكاتب الصحفي فارس يواكيم عن ام كلثوم أنها كانت في جلسة عائلية في القاهرة، وبين الحضور رجل بليد وولده. والولد طفل مزعج لفرط بكائه، والأب مزعج لأنه لم يحرك ساكناً ليسكت عويل ولده. إلى أن همس أحدهم في أذنه فقام وخرج مع ولده إلى الحديقة. تنفس الحضور الصعداء وأولهم كوكب الشرق. وسأل أحدهم عن الطفل: "إبن مين ده؟" فأجابت أم كلثوم بعفوية "ابن اللئام"! ويمكن تأويلها "ابن اللي قام"! 

الكوميديا كمخرج من المأزق : 
بطبيعة المشاهير والشخصيات العامة ومن لهم علاقات إجتماعية كثيرة، يتعرضون لمواقف تضع صاحبها في مأزق واحراج كبير ويعتمد الخروج من هذا المأزق على سرعة بديهة صاحبه والرد السريع وحضور الذهن كحل أمثل دون الدخول في مشاكل قد تعرض صاحبها او شهرته أو حب الناس له للخطر. 
كان لأم كلثوم السيدة الأشهر في عصرها الكثير من المواقف التي كانت من الممكن أن تسبب لها أزمة لولا سرعة بديهتها وحسها الكوميدي فيحكى أنه في إحدى حفلاتها انطلق أحد المحبين الحاضرين، لحفلات السيدة أم كلثوم بجملة "ياجاموس المغنى"، وأخذ يرددها أكثر من مرة، فشعرت ام كلثوم بالغضب، وأرادت أن تغادر المسرح، بينما تدخل "حسن أنور"، أحد أفراد فرقتها الموسيقية ليوضح أن هذا الرجل صعيدي وينطق "قاموس المغنى"، خطأ كما ينطقها الصعايدة، فضحكت أم كلثوم للرجل قائلة: "فين العجول اللي تفهم؟". وهي بالطبع لاتؤاخذ لانها اذا سألت فانها ستقول انها تقصد العقول ولكن بالنطق الصعيدي.
ومرة أخرى كانت السيدة ام كلثوم مدعوه لاحياء حفل لدى كبار الاعيان لكنها وجدت هرجا ومرجا وحديثا  وضوضاء، فقالت لصاحب الحفل: أغني أزاي ونص الموجودين قلالات الأدب؟ فغضب الجمهور واعترضوا على ما قالته، فردت: أنا قصدي ان نص الموجودين مؤدبين".  

الافيه أحد اهم أدوات المسرح : 
اهم مايميز الممثل المسرحي هو حضور الذهن الذي يتجسد في الأفيه كأداة من أدوات الكوميديا، ام كلثوم أيضا كانت تمتلك هذه الملكة سواء على المسرح او في حياتها اليومية،بينما  كانت أم كلثوم تشدو بقصيدة "الأطلال"، وخاصة في المقطع "هل رأى الحب سكارى مثلنا"، تفاجئت بشاب يصعد على المسرح وينام تحت قدميها ليقبلها، فحاولت أن تدفعه مرددة "هل رأى الحب سكارى بيننا"، وتشير عليه وعليها في هذه اللحظة ليصفق الجمهور ضاحكا.
كان لفرقة ام كلثوم أيضا النصيب الأكبر من الايفهات فيحكى ان الموسيقار الشهير وعازف العود القدير، محمد القصبجي، قد اشترى ذات يوم ربطة عنق بأربعة جنيهات. وظل يرتديها سنوات. وبعدما عفى عليها الزمن، أراد أن يبيع هذه “الكرافتة” إلى أحد العازفين في فرقة أم كلثوم. 
وطلب القصبجي أربعة جنيهات وأصرّ العازف على دفع جنيهين اثنين فقط، فحاول القصبجي أن يغريه بأن الكرافات حرير أصلي ومن ماركة شهيرة، لكن العازف تمسك بالجنيهين نظراً لأنها مستعملة، بل وكثيرة الاستعمال. 
كانت أم كلثوم حاضرة وسمعت المساومات فتدخلت في الحديث وقالت للعازف: أعطه الجنيهات الأربعة" فأجاب العازف:أربعة كثير، اثنين كفاية فعلقت الست: وفيها باتنين جنيه دهن، يبقى الحساب مزبوط. في اشارة للزيوت التي تتراكم على بعض الملابس من العرق.  
مرة اخرى جلست أم كلثوم وسط فرقتها الموسيقية، بحفل بإحدى العوامات على النيل، وقالت: الواحد خايف أحسن العوامة تسيب من الحبال وبعدين منعرفش نعوم لغاية البر، فرد القصبجي : "ولا يهمك، أنا أشيلك على رأسي" فمزحت أم كلثوم على صلعة رأسه قائلة: "بصراحة أخاف أتزحلق برده".