الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

يهرب من أعباء الإدارة.. إلى غرفة العمليات د. عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس: التهاب «الزائدة» غـــيـــر حيـــــــاتى

  • 9-3-2017 | 11:05

طباعة

حوار: فاتن الهوارى
تصوير: مصطفى سمك

كان والده يعده لأن يكون مهندسا مثله ، يحكي له حكايات عن عمله كمدير أعمال خزان أسوان، و كان يحصل على الدرجات النهائية في الرياضة والفيزياء،  لكن معجزة  حولت مساره إلي  دراسة الطب ليصمم وهو في الثالثة عشرة من عمره أن يكون أستاذ جراحة، وبإرادة من حديد يتحقق الحلم.. ليصبح  جراحا و أستاذا ويتربع على كرسي رئيس الجامعة في قصر الزعفران
 الوجه الآخر للأستاذ الدكتور عبدالوهاب عزت الرئيس رقم 23  لجامعة عين شمس ..في سطور الحوار التالي...
● حدثنا أولا عن نقطة التحول التى دفعتك لدراسة الطب؟
- عندما كنت في الثانية عشرة من عمري  أصبت بالتهاب حاد  فى الزائدة الدودية وأجريت جراحة استئصالها  عند أستاذ مساعد وقتها أصبح لاحقا أكبر أستاذ جراحة كبد فى الشرق الأوسط هو الدكتور رفعت كامل يرحمه الله وتأثرت بشخصيته وأنا فى هذه السن وقررت أن أكون مثله، وكنت لصيقا به فى هذا الوقت أقضي كل إجازتى الصيفية فى مستشفى د.رفعت كامل، أصحابى كانوا يلعبون الكرة ويركبون الدراجات وأنا أجلس معه فى المستشفى وأدخل غرفة العمليات معه وأنا فى ثانوى ، طب عين شمس كانت وقتها تأخذ مجموع 89% و حصلت على مجموع 98% وصممت على دخول الكلية، فكانت عملية الزائدة الدودية ومعرفتى للدكتور رفعت كامل نقطة التحول فى حياتى.
● العلاقة الجميلة التي تصفها  بين د.رفعت كامل و تلاميذه هل نجدها الآن بين الأساتذة والتلاميذ؟
- إطلاقا... أستاذ وكبير يري فى طفل صغير موهبة، فيشجعه ويحضر معه وهو أستاذ كبير فى المستشفى أعتقد أنه غير موجود الآن.
ولكننا نحاول أن نقترب من نهجه، فأطلقنا «جامعة الطفل» حيث نختار  عشرة أو خمسة عشر طفلاً ويدخلون الجامعة لمدة ثلاثة أسابيع نريهم   كليات الجامعة ومعامل كلية العلوم والطب والحدائق الملكية التى لدينا ويعيشون جو الجامعة ويعملون دراسات حاجة لطيفة جدا..
● هل استمرت رعاية د. رفعت كامل لك بعد دخولك كلية الطب؟
- داخل الكلية لم يكن له علاقة بى ... ولكن خارج الكلية فقط، داخل الكلية كنت طالبا مثل أي طالب، ولم يفعل ذلك معى أنا فقط ولكن مع ابنه كمان.
● هل هناك أساتذة آخرين تعتز بهم؟
- نعم.. قابلت أساتذة كثيرين فى حياتى محترمين جداً، كان لهم تأثير علىّ كبير سواء فى الجراحة أو غيرها، الأستاذ الدكتور خالد عبدالغفار والأستاذ الدكتور عبدالله الفقى والأستاذ الدكتور محمد راغب والأستاذ الدكتور أحمد صدقى والأستاذ الدكتور على بشير.
● كنت متفوقا وحصلت طوال سنوات الدراسة على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف فهل كنت تأخذ دروسا  خصوصية؟
- إطلاقا لا فى الثانوية العامة ولا فى الجامعة.
● الدروس الخصوصية الآن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية؟
ــ  هى ثقافة مصرية.
● وكيف نقضى عليها؟
ــ بأن  نحسن من فكر الطلبة والمنتج بتاعنا اللى هو الكتاب والامتحانات لا تكون تلقينية، ومواد محفوظة يدخل الامتحان الطالب يكتبها ويمشى، ولكن يكون فى إطلاع أكثر على الدوريات العلمية والمراجع.
● هل فعلتم ذلك فى الجامعة؟
- نحاول.
● بالنسبة لطالب  الطب لو أخذ دروساً خصوصية  تكون كارثة لأننا سوف نخرج طبيبا فاشلا؟
- لا يستطيع أحد يقول إنه طبيب فاشل إذا أخذ دروساً خصوصية لأن الطب ممارسة والذى ندرسه فى كلية الطب ما هو إلا إعداد للطبيب، نحن نبدأ مشوار التعلم بعد التخرج من الكلية..
● هل اختلف تعليم الطب هذه الأيام عن أيام كنت طالبا؟
- نعم.. الآن فى طرق مختلفة للتدريس ودراسة الأجهزة المختلفة للجسم فى نفس الوقت التى تؤدى نفس الوظيفة من أفرع مختلفة من الطب وطريقة الامتحانات اختلفت عن أيامنا وطريقة الأسئلة اختلفت عن أيامنا والكثير من الأمراض استحدثت وجزء كبير جدا من امتحاناتنا كان شفوياً وأصبح الآن لا يمثل أكثر من 5% من درجات  الطالب، الدنيا تغيرت والذى يحدث الآن هو الأصح والدراسة الآن أفضل وفى النهاية الطبيب الماهر يأتى بالتدريب.
● كل يوم بروتوكولات وأنشطة كثيرة لماذا؟
- الطالب يأتى  من المدرسة الثانوى وعمره 16 سنة، جزء كبير من شخصيته ومن دماغه فاضى ولابد أن نملء دماغه بكلام محترم حتى لا يملأه غيرنا بكلام فاضى، لذلك لابد أن نكون قريبين منه ونفهمه أن الجامعة ليست علماً فقط، ولكن علم وأنشطة وأدب وثقافة ورياضة وتوعية ودورات تدريبية ليخرج من عندنا قوي الشخصية وقادرا علي المنافسة فى سوق العمل، فليس المهم أن يكون محاسبا شاطر فقط،  ولكن محاسب شاطر ويعرف يتحاور ويتكلم ويتصرف وعنده خلفية تاريخية وثقافية.
● كيف تتعامل مع الطلبة والزملاء والأساتذة؟
- العلاقة اللينة وشبه العائلية تؤدى إلى أفضل نتائج، لازم يكون فى حدود، ولكن من الضروري أيضا  وجود  حميمية فى التعامل ونوع من أنواع التواصل المستمر.
● دعنا ننتقل إلي المنزل .. دائما نقول الرجل المحظوظ الذى يقابل فى حياته امرأة تحبه وترعاه فهل أنت محظوظ؟
- نعم الحمد لله «عندما يتكلم عن زوجته تلمع عيناه بقوة  مائة فولت وفولت».. زوجتى الدكتورة هالة السعيد رئيس قسم الكيمياء الحيوية فى معهد الكبد بطب المنوفية وعندنا ابنة واحدة «داليا» فى المرحلة الثانوية بمدرسة «رمسيس كوليدچ».
● هل تزوجت عن حب وهل الجراح عنده وقت للحب؟
- طبعا الجراح إنسان وكان زواجاً تقليدياً جدا هى خريجة كلية طب قصر العينى وكانت معيدة عند زميل لى دفعتى ويعمل فى طب المنوفية وتلاقينا فكريا وتزوجنا سنة 1995 وأنا أستاذ مساعد وشهر العسل كان فى الساحل الشمالى.
● بالمناسبة.. ما هو رأيك فى حب الطلبة؟ فالحب يجب أن ينتهى بالزواج أما المعرفة والصداقة قصة ثانية خالص.
● المرأة فى حياتك هى الزوجة والبنت فقط؟
- لأ، طبعاً هناك الأم والأخت والخالة والعمة، رغم  أن الحميمية فى العلاقات العائلية سواء مع الرجال أو السيدات أصبحت غير موجودة كما في السابق،  وأنا عندى خالة واحدة ربنا يعطيها الصحة وهى على قيد الحياة وعندما أكلمها وأقول لها يا خالة تقول لى قول طنط ولكن الخالة فيها خصوصية.
● هل أنت “سى السيد” فى البيت؟
-  إطلاقا.. أنا ممكن أعمل أى حاجة فى البيت وأساعد زوجتى فى كل شىء وممكن أنشر الغسيل عادى جدا وألمه، والدكتورة بتعرف تطبخ وساعات أعلمها بعض الحاجات فأنا طباخ ماهر.
● تبدو زوجاً صعباً.. وكمان بتحب الأكل يا ترى إيه الأكلة المفضلة لك؟
- نعم أحب أكل البصارة، العدس، الفتة، و ليس لى فى أكلات التيك آواى.
● كيف تربي  ابنتك  وهل كنت تتمنى أن تنجب  ولداً؟
- إطلاقا أنا أحبها جداً وأدلعها جداً وأكون حريصاً على أن تكون لها بجانب الدراسة هوايات.
● ويا ترى ما هواياتك أنت؟
- القراءة فى الأدب، الجراحة، التاريخ والدين والفقه، وعندى فى البيت 6 مكتبات كما اقرأ في علم الإدارة  لأننى أمارس الإدارة منذ 26 سنة عندما كنت نائب مدير مستشفى عين شمس التخصصى لمدة 7 سنوات ثم مدير مستشفى الجراحة لمدة سنة ومدير عام المستشفيات لمدة سنة ثم نائب رئيس الجامعة ثم رئيس الجامعة.
● هل هناك صفات فى الإنسان الذى يمارس الإدارة؟
ــ  الإدارة علم و موهبة، فى بعض الأحيان تحتاج للشدة، وأحياناً أخري إلي اللين فى بعض الأحيان نحتاج إلي   روح القانون الذى يساعد الناس، ولابد أن يكون المدير ملما بالشئون المالية والإدارية، لكى يدير دولاب العمل والإنسان طالما بيحب عمله يستطيع أن يعمل كل شىء إدارة وجراحة وشعر وأدب وأنا قرأت الأيام لطه حسين 13 مرة ومن شدة إعجابى به وفى عبارات لطه حسين حفظتها.
● يقال إن  صفات الجراح الناجح أن يكون  له قلب  أسد و يد امرأة و عين صقر وماذا أيضا؟
- طبعا كل هذه الصفات بالإضافة إلى سرعة البديهة ويأخذ قراراته بسرعة شديدة جدا لأنه ممكن يتعرض لمشكلة كبيرة وهو يجرى العملية.
● هل تختلف فى غرفة العمليات فى التعامل كطبيب وجراح عندما تقوم بإجراء العملية لقريب أو شخصية مشهورة وإنسان بسيط؟
- لو زوجتى أوابنتى أو قريب لى ممكن أتراجع.
● وأين قلب الأسد؟
- ربنا يبعد عنهم كل حاجة وحشة، ولكن دائما الجراحين يبعدون عن الأقارب وكلنا زملاء وممكن أى زميل يعمل لهم العملية، أما بالنسبة للمرضى فلا أفرق بين هذا مركزه إيه أو غيره كلهم مرضى والتعامل معهم واحد.
● سافرت إلي  اليمن ثلاثة أشهر والمدينة ثلاث سنوات للعمل حدثنا عن تجربتك هناك؟
- سافرت اليمن أثناء  الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب وكنت الجراح الوحيد في محافظة كاملة، وكان فى حظر تجول  والاتصالات مقطوعة، ركبت آخر طائرة طلعت من مطار القاهرة إلى اليمن وركبت أول طائرة  من اليمن إلى القاهرة بعد الحرب واستمتعت بهذه التجربة جداً، واليمنيون يعشقون المصريين واستفدت من الثلاثة أشهر على مستوى الجراحة جدا لأننى كنت اشتغل جراحة عامة وجراحة مسالك ومخ وأعصاب وجراحة تجميل على المستوى الشخصى كنت سعيداً جداً بالتعامل مع اليمنيين ناس فى منتهى الأدب والأخلاق ويضعون المصريين فى مكانة عالية جدا واستفدت تاريخيا بالتعرف على الحضارة اليمنية وتعرفت على أماكن كان عمرى ما فكرت أزورها وكانت رحلة جميلة.
أما سفرى للمدينة المنورة ثلاث سنوات استفدت العامل النفسى، المدينة المنورة لها طابع مختلف تماما عن أى مكان فى الدنيا وأهل المدينة ناس فى منتهى الظرف واللطف ويقدرونك تقديراً شديداً وأنا كنت زعلان جدا وأنا أغادرها.
● لماذا عدت؟
- بسبب والدتى كانت مريضة ولم تطلب منى، ولكن الأخلاق تحتم ذلك.. وسافرت إلى بلاد كثيرة مؤتمرات وندوات البحرين، ألمانيا، النمسا، دبى، أمريكا.
● الطبيب المصرى كيف تصنفه؟
- عندما تسافرين خارج مصر تعرفين لأن النظام فى الخارج ممكن يجعله نابغة.
● هل عندك وقت فراغ تذهب للنادى، أو للسينما؟
- لأ، صعب العمل بين المستشفى والعيادة والقراءة اليوم راح خلاص.
● ووقت الزوجة والبنت؟
- بالنظام وتنظيم الوقت وكل حاجة لها وقتها.
● هل تشاهد التليفزيون؟
- أحيانا وأنا أحب فنانين زمان نجيب الريحانى وإسماعيل ياسين وأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالمطلب وعبدالحليم حافظ. وهناك أغنية وحيدة عندما أسمعها فى الراديو أو التليفزيون أطلب منهم عمل كوب شاى وأجلس أسمعها وأترك كل شىء فى يدى وهى الأطلال لأم كلثوم.
● هل أنت سعيد لأنك أصبحت رئيس جامعة عين شمس؟
- طبعا سعيد بكل تأكيد، وفى يوم من الأيام عندما كنت صغيراً أضحك مع زوجتى وأنا أمشى فى الجامعة وقلت لها سوف أكون رئيس الجامعة وأجلس فى هذا المكتب.
● ما هى أحلامك للجامعة؟
- أتمنى تصنيفاً أعلى عالمياً والحمد لله بنتحسن، ولكن عايز أحسن كمان.