الأحد 16 يونيو 2024

عودة الصراع في سوريا بعد تفكيك «داعش»

تحقيقات12-2-2018 | 13:11

نشرت صحيفة "الباييس" الإسبانية، مقالًا عن الحرب الدائرة في سوريا، قالت فيه إنه بدلا من تراجع وتيرة الحرب في سوريا بعد هزيمة تنظيم داعش زادت بعض المناطق اشتعالا، مثل المرحلة النهائية للصراع.

وقد أدى القتال الدائر في سوريا إلى مقتل نحو نصف مليون شخص ودفع نصف السكان إلى مغادرة منازلهم وتراجع الاقتصاد، وبعد سبع سنوات من اندلاع النزاع، فإن الاشتباكات والتفجيرات تتنشر في خمس جبهات على الأقل مع وجود عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب في البلاد.

وضمن هذا السيناريو للحرب العالمية المصغرة على حد تعبير الصحيفة فقد دفع نشر روسيا وإيران والميليشيات الشيعية لجنودهم القوات المعارضة لبشار الأسد إلى الانسحاب ولكنه لم يتمكن من تكريس انتصار النظام رغم سيطرته على ثلثي أراضي البلاد. 

وكانت الولايات المتحدة التي جعلت من القضاء على تنظيم داعش هدفها العسكري الوحيد؛ إلا أنها شاركت في الأيام الأخيرة في الدفاع عن حلفائها الأكراد بشن هجوم مضاد قاتل ضد الميليشيات الموالية للحكومة.

كما تدخلت تركيا عسكريًا منذ ثلاثة أسابيع على الحدود الشمالية الغربية، وشنت إسرائيل أكبر هجوم لها منذ أكثر من ثلاثة عقود فى سوريا بعد مقتل أحد طياريها فى عملية انتقامية ضد أهداف إيرانية، وتسبب القصف الجوي المتكرر للنظام الذي استهدف السكان المدنيين المحاصرين في آخر معاقل التمرد، في وقوع مئات الضحايا، وفرار عشرات الآلاف من الأسر.

ورأت صحيفة "الباييس" الإسبانية أن جيوب الصراع التي تتضاعف أعدادها في الحرب السورية تهدد بتنحية هدف الهزيمة النهائية للجهاديين جانبا، فالأمر لم يعد يتعلق فقط حسب ما تراه الصحيفة بمجرد اشتباكات معزولة بين الأتراك والأكراد أو عمليات تنفذها قوات النظام ضد معاقل المتمردين أو تصفية حسابات بين القوات الأجنبية مثل ما أدى إلى إسقاط طائرة حربية روسية وأخرى إسرائيلية في أسبوع واحد أو حتى المواجهة المباشرة بين قوات الموالية لبشار الأسد والتحالف الدولي.

وأشارت الصحيفة إلى أن كل هذه التحركات التي تسعى لتحقيق مكاسب إقليمية على حساب الصراع السوري يفسرها بعض المحللين على أنها انحراف غير مناسب عن الاستراتيجية المشتركة التي تسعى لمنع داعش من معاودة الظهور على الساحة، وقد هرب مقاتلو داعش إلى الصحراء على الحدود السورية العراقية حيث يمكن أن يمثلوا تهديدًا بإعداد كمائن ضد القوات السورية أو الكردية وتنفيذ هجمات إرهابية على المدن كما حدث في العراق المجاور، ومدينة عفرين.

وتواجه القوات التركية مقاومة شديدة من وحدات حماية الشعب، الميليشيات المنتمية لقوات سوريا الديمقراطية التي طردت داعش من شمال وشرق سوريا بدعم من القصف الأمريكي، ويبدو أن روسيا - التي تسيطر على المجال الجوي منذ نهاية عام 2015 - تسامحت مع التوغل العسكري التركي على الرغم من أنه يبدو أن حكومة دمشق سمحت أيضا لتعزيزات كردية بالمرور عبر محافظة حلب للوصول إلى المدينة المعزولة، ويبدو أن التصحيح الإقليمي الذي سعت إليه تركيا على الحدود الشمالية الشرقية السورية سيستغرق وقتًا. وقد نزح أكثر من 15 ألف مدني بسبب تقدم القوات التركية في المنطقة.

وأشارت الصحيفة أيضا إلى محافظة إدلب، التي أصبحت آخر معقل كبير للمعارضة وتوفر ملجأً لأكثر من مليون سوري من مناطق أخرى. وتسيطر على أجزاء من إدلب أيضا جماعات إسلامية متطرفة أو مقربة من القاعدة، وقد أدت الغارات التي تشنها روسيا والنظام على المحافظة إلى نزوح أكثر من 300 ألف مدني لمناطق أخرى داخل البلاد منذ شهر ديسمبر الماضي.

وفيما يتعلق بمنطقة الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام وحلفاؤه منذ عام 2013 وتضم نحو 400 ألف نسمة فتتعرض الميليشيات المتمردة التابعة لجيش الإسلام وجبهة النصرة السابقة "فرع القاعدة"، للقصف الجوي المستمر الذي أدى في الأسبوع الماضي لأكثر من مائتي حالة وفاة "نصفهم من النساء والأطفال.

 ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وفي هذه المنطقة الواقعة في ضواحي دمشق فيبدو أن ما يسمى بـ"اتفاقات المصالحة" لضمان إجلاء المقاتلين المحاصرين مع أسرهم قد لا تُنفذ.

وأما في مدينة دير الزور فعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات وهو أكبر نهر في سوريا، توجد ميليشيات قوات الدفاع الذاتي تحت القيادة الكردية وعلى الضفة الغربية ينتشر جيش النظام مع حلفائه، وحتى قبل يوم الخميس الماضي أبقى الجانبان على مسافة بينهما مع وجود هدف متفق عليه متمثل في طرد قوات تنظيم داعش نحو الحدود العراقية في مصب النهر.

وقتل أكثر من مائة مقاتل موالٍ للأسد بعد ذلك في غارة للتحالف الدولي أثناء محاولتهم السيطرة على إحدى قواعد قوات الدفاع الذاتي؛ سعيا للتحرك نحو حقول النفط الرئيسية فى البلاد؛ ولكن تم وقف تقدمهم بهجوم أكثر فتكًا شنته الولايات المتحدة فى سوريا ونشرت أربعة آلاف من قواتها الخاصة هناك.

واختتمت الصحيفة الإسبانية مقالها بالتطرق إلى الوضع في منطقة الحدود جنوب غربي سوريا التي وصفتها الصحيفة بأنها منطقة معقدة حيث تشهد نزاعًا بين جماعات المتمردين التي تواجه القوات الحكومية السورية، وعلى الحدود الثلاثية مع الأردن ومرتفعات الجولان "التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967"، توجد مجموعة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي أيضا، وأشارت الصحيفة إلى الحادث الأخطر الذى تورطت فيه إسرائيل منذ اندلاع الثورة قبل ما يقرب من سبع سنوات حيث تم إسقاط مقاتلة "إف -16" يوم السبت الماضي بعد تدمير منشآت إيرانية بالقرب من مدينة تدمر فى الصحراء وسط البلاد.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل لن يتم إخافتها بعد أن فقدت أول طائرة قتالية لها منذ عام 1982 رغم أن جيشها عانى بالفعل من إسقاط طائرة هليكوبتر في لبنان عام 2006. وقال "سنضرب بقوة قوات إيران وسوريا وسنواصل القيام بذلك"، وحذر من أن" طريقتنا في التصرف لم تتغير".

يذكر أن العملية الانتقامية واسعة النطاق التى نفذتها إسرائيل لتدمير ثماني بطاريات مضادة للطائرات وأربعة مواقع إيرانية، اعتبرتها تل أبيب الأكثر أهمية منذ أكثر من ثلاثة عقود فى سوريا.