الأحد 16 يونيو 2024

في ذكرى الشيخ زكريا أحمد.. هل كان يشعر بقرب رحيله؟

15-2-2018 | 23:12

في صباح الأربعاء 15 فبراير 1961 دق جرس الهاتف في حجرة مجدي فهمي رئيس تحرير مجلة الكواكب ، ليرفع السماعة ويستقبل صوت الشاعر والكاتب الكبير صالح جودت .. وتسقط السماعة من يد مجدي فهمي وأطرق برأسه وغمغم بعد أن أبلغه صالح جودت بالخبر .. مات زكريا أحمد .

هل كان يشعر الشيخ زكريا أحمد بقرب أجله .. نعم .. وهذا ما أكده الكاتب الصحفي والشاعر خفيف الظل عبد القادر حميده ، وقد كان من المقربين من الشيخ زكريا ، وكان دائم اللقاء معه في سنواته الخمس الأخيرة ، وهو من وصف شعور الشيخ بقرب رحيله من خلال ما سمعه منه وما رآه بعينيه .

في الأعوام الخمسة الأخيرة دأب عبد الفادر حميده على لقاء الشيخ زكريا أحمد ، وخلال كل تلك اللقاءات كان الشيخ يتحدث معه في كل شئ ولا ينسى أبداً أن يذكر له أن الموت مقرون بخريف الأعوام الستين التي تثقل قدميه بالروماتيزم ودمه بالسكر وصدره بالذبحة .. ورغم إحساسه الواثق بقرب نهايته ، إلا أنه كان يتحدث عن الموت بشكل عابر دون خوف منه أو وجل ، فهو في نظره أمر محتوم .

في لقاء بمقهى البسفور بباب الحديد يجمع بين الشيخ زكريا وعبد القادر حميده ، دخل المقرى الشيخ سيد ندا ، وتحامل الشيخ زكريا على نفسه كي ينهض ليصافح ندا ، لكن الأخير سارع إليه مشفقاً ليستبقيه جالساً وصافحه ثم قبل يده قائلاً : ازيد يا أستاذنا العظيم ؟ ربنا يطول في عمرك .

 

تطلع الشيخ زكريا إلى الشيخ ندا مبتسماً ثم قال له بصوت لاهث مبحوح : هذه دعوه في محلها يا شيخ سيد .. ولكن هل تظن ؟ وأطرق الشيخ ندا برأسه وكأنما كبر عليه أن يكذب إحساس الشيخ زكريا أحمد بالموت .

ظهر لعبد القادر حميدة معالم تؤكد أن الشيخ يشعر أنه في أيامه الأخيرة ، ففي إحدى لقاءاته بالشيخ في منزله وجده ينصت بشدة لحديث أولاده ، وكأنه يشبع من صوتهم قبل رحيله ، وناداهم وبدأ في معانقتهم وطوقهم بنظرة حانية وعطوف ، فبادره حميده قائلاً : أنت لست فقط شيخاً للملحنين .. أنت أنت أيضاً أب رائع .. رد عليه الشيخ زكريا قائلاً : ربما .. وربما أيضاً لأنهم لن يجدوا مخلوقاً يستمع إليهم بمثل هذه الشهية بعد أن أموت . 

 

رحل الشيخ زكريا أحمد بعد أن لحن 58 مسرحية و36 فيلماً و162 طقطوقة و30 دوراً و25 قصيدة و65 موشحاً و300 منالوج وديالوج وقد أهدى إلى جيلين متعاقبين عبقرياً خالداً كسيد درويش وصوتاً عبقرياً كأم كلثوم .