تعتبر ترجمة الأدب العربي إلى لغات أخرى، وسيلة جيدة لتعريف الغرب بعادات المجتمع العربي، وتساهم في رسم صورة إيجابية عن الشرقيين، كما تفتح آفاقًا جديدة ومختلفة للتبادل الثقافي المشترك.لكن بالنظر إلى حركة ترجمة الأدب العربي الحديث إلى اللغات الأخرى، فسنجد أن وجوده على الخريطة العالمية يكاد يكون معدومًا قبل عام 1988م، أي قبل فوز الأديب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل. أما بعد فوزه بالجائزة وحتى الآن نجد أن حركة الترجمة زادت لكن على استحياء، وما زال تواجد الأدب العربي على الخريطة العالمية هزيلًا وحبيسًا للتسويق الداخلي فقط؛ بسبب حركة الترجمة الضعيفة.
ويرى الدكتور أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة، أن أزمة الأدب العربي وقصور وصوله إلى الغرب يعود إلى عدم حضور المثقف في بلاده، وكذلك التقصير من قبل الدولة ودور النشر في التسويق للأدب".
وأوضح مغيث أن الاختلاف القائم في فهم دور الثقافة ما بين الغرب والشرق يعزز من عزلة الأدباء العرب، خاصة أن الأديب العربي لا يشعر بالاستقلال وسهولة التعبير عن رأيه الخاص، لاسيما أثناء التمثيل في المحافل الثقافية؛ حيث هناك رؤية خاطئة في العالم العربي تفيد بضرورة اتساق آراء الأديب مع السياسة العامة للدولة التي يمثلها.
واستدل مغيث بمشروع المركز القومي للترجمة في مصر قائلًا إنه لا يلقى الاتساع المطلوب لخدمة حقل الترجمة، مشيرًا إلى أن اختيار الأعمال للترجمة في سياق المركز يعتمد على الأكثر أهمية، خاصة أن أغلب من يأتي للمركز من الباحثين والدارسين ومحبي الاطلاع والتعمق في عوالم جديدة لحقول مثل المسرح والعلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والتنظير والفلسفة وغيرها من العلوم التي لا تتوفر فيها المراجع والكتب في أغلب المكتبات.
واعتبر الناقد الأدبي الدكتور شريف الجيار، أن غياب الترجمة والحضور الثقافي العربي عن الساحات الثقافية الغربية مسؤولية مشتركة بين وزارات ثقافة الدول العربية ودور النشر الخاصة، لنقل الثقافة العربية إلى آفاق جديدة وفتح نافذة للعالم للاطلاع على الأدب العربي، لافتًا إلى ضرورة ألا تقتصر الترجمات على الإنجليزية فحسب؛ بل لا بد من توجيهها إلى الفرنسية والألمانية والإسبانية أيضًا.
ووجه الجيار بضرورة تحرك المكاتب الثقافية والمستشارين الثقافيين العرب في الغرب لمساندة الكُتّاب الشباب الذين يحتاجون إلى دفعة قوية من الدولة لنقل أدبهم الحديث إلى الأسواق والمجالس الثقافية الغربية، لاسيما مع الزخم الكبير في الأدب الإبداعي.
وقال الجيار إن التسويق لا يقوم بدوره الصحيح، بالإضافة إلى تعرقل العملية التجارية التسويقية للكتب الهامة والمفيدة والناضجة فكريًا وأدبيًا؛ لذا لا بد من وجود ساحة للتسويق أكبر وأكثر انتقاء.