الأربعاء 3 يوليو 2024

في ذكرى ميلاده.. سيد درويش عالج بموسيقاه آفات المجتمع

13-3-2018 | 23:07

من الطبيعى أن تؤدي شيء تحبه أو تمتهنه، ولكن بعض الأشخاص لا يكتفون فقط بالآداء، فهو الرتابة بعينها، وسيؤول المؤدي بالطبع إلى صفوف التجاهل، ومن لا يكتفي بالآداء يسعى إلى آفاق الإبداع، وهنا يكمن سر الخلود، إذن بيديك أن تخلد نفسك أو تتوارى في غياهب النسيان.

الصدفة وحدها هي من أظهرت نابغة الطرب وموسيقى الشيخ سيد درويش، ففي أحد الأيام جلس اثنان من المشتغلين بالفن وهما الشقيقان أمين وسليم عطا الله على أحد المقاهي، وكان بالقرب من المقهى عمال بناء يشيدون بيت جديد، فاسترعى انتباه الأخوين صوت شاب يملك كل مقومات الطرب الأصيل، وكان ضمن العاملين بالبناء، ونظراً للخامة الجيدة لصوت الشاب وكان سيد درويش، فقط اتفق معه الأخوان أن يبدأ العمل معهما من خلال رحلة إلى الشام في نهاية عام 1908.

تغيرت حياة الشاب سيد درويش وعاد إلى مصر بعد رحلته من الشام، لكنه من المؤكد أن أعجبه الحال في الشام فعاد إلى هناك عام 1912 ومكث عامين عاد بعدهما إلى مصر وانتقل إلى القاهرة لتبدأ رحلة سطوع نجمه عندما بدأ في التعاقد مع الفرق المسرحية على تلحين الأوبريتات المسرحية بها ، ويبدو أنه كان يشعر بأجله القصير، فكان الرجل يسابق الزمن، وظهر ذلك في غزارة الإنتاج الموسيقى الذي بدأ يقدمه لفرقة نجيب الريحاني وعلى الكسار وغيرهما من الفرق.

أخذ سيد درويش على عاتقه التجديد في الموسيقى، فعند أول حفل أقامه في القاهرة بمقهى الكونكورديا احتشد كل نجوم الطرب والتمثيل في ذلك الوقت لسماع سيد درويش ، حتى فاق عدد المشتغلين بالفن عدد الحاضرين من الجمهور، وكانت المفاجأة أن انسحب البعض بعدما رأى فيم يلحنه ويؤديه سيد درويش خروجاً عن المألوف وما تعودوا على سماعه سنوات طويلة، وبقي الكثير منهم بعدما أدركوا ما سيقوم به الرجل من تجديد سيكون لصالح الغناء العربي وإرساء قواعد جديدة متطورة للموسيقى العربية والشرقية.

وبعد الطفرة الهائلة التي أحدثها الشيخ سيد درويش في الموسيقى العربية، وضع في اعتباره أن تلك الموسيقى والألحان لن تكون فقط للمتعة السمعية والتطريب بما تهواه القلوب، بل بدأ في تطويع ألحانه لخدمة المجتمع ورصد السبيات والآفات التي تهد كيان الوطن، فكانت تلك الألحان بمثابة القوى الناعمة التي تؤثر في الوجدان والعقول لتنبيه كل فئات المجتمع بما يحيط بهم من مخاطر، وهكذا استطاع سيد درويش أن يخلد إسمه بما تركه من تجديد في الموسيقى وما تركه من ألحان كان لها عظيم الأثر في تغيير المجتمع .