الجمعة 17 مايو 2024

لماذا تدعم الحكومة المدارس الأجنبية والدولية؟

15-1-2017 | 14:14

جاء فى الخبر الرسمى المنشور يوم الجمعة الماضى ٩ أكتوبر، أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قد طلب عقب اجتماع عقده يخص مدارس النيل الدولية، بضرورة إعداد دراسة اقتصادية شاملة لتطوير هذه المدارس والنهوض بها نظراً للتحديات التى واجهتها الفترة الماضية.

وطبقاً للخبر المنشور فى كل الصحف المصرية أن سيادته أيضاً قد حدد وقرر عقد اجتماع عاجل الأسبوع بعد المقبل لمجلس إدارة الصندوق الحكومى لتطوير التعليم الذى يرأسه رئيس مجلس الوزراء وتتبعه مدارس النيل لتحقيق المطالب العاجلة لحل مشاكل هذه المدارس والتى وصفها الخبر بأنها مدارس ذات جودة تعليمية رفيعة المستوى لأنها تحصل على الرخصة من جامعة كمبرديدج البريطانية! بل الأكثر من ذلك تضمن الخبر، أن رئيس مجلس الوزراء طلب أو لفت النظر لإمكانية التوسع فى هذه المدارس؟!!

أولا علامة التعجب والاستفهام من عندى ولم يتضمنها الخبر الوزارى وسببها أو أسبابها لكى أكون أكثر دقة هى شكل الخبر ومضمونه أيضاً.

فمن ناحية الشكل أولا كنت أتمنى أن يكون عقد الاجتماع العاجل لرئيس مجلس الوزراء لبحث المشاكل التى بدأت مع أول أيام الدراسة فى٥٣ ألف مدرسة حكومية خاصة أن أخبارها طازجة ويومية فى الصفحات الأولى بالصحف بل وصفحات الحوادث أيضا، وتتمثل فى عدم وجود أماكن للتلاميذ وبالتالى تصارع أولياء الأمور لحجز مكان للأبناء فى الصفوف الأولى.. أو حول عدم استكمال الصيانة بالمدارس وكأن موعد دخول المدارس مفاجأة غير سارة تفاجأت بها الحكومة لا سمح الله!.. أو حتى يبحث رئيس الوزراء المشكلة التى تشغل بال أكثر من نصف مليون طالب فى الثانوية العامة بعد القرار المفاجئ بتطبيق درجات للسلوك فى المجموع الكلى للالتحاق بالجامعات خاصة اعتراض اتحاد طلاب مصر أكثر من مرة على لائحة التطبيق التى صدرت من وزير التعليم الجديد د.الهلالى، وكنت أتصور أن يستدعى رئيس مجلس الوزراء وزير التعليم ليناقش معه هذه الأزمات وليس أن يكون اجتماع رئيس مجلس الوزراء الأول الذى يخص التعليم خاصاً بمدارس النيل الدولية وعددها خمس مدارس لا غير ؟! حتى لو كانت هذه المدارس بها أبناء الأكابر.

هذا من ناحية الشكل أما إذا انتقلنا إلى المضمون فإن علامات التعجب والاستفهام يزيد عددها كثيراً.. وأول هذه الأشياء هى لماذا لم يتساءل رئيس مجلس الوزراء عن لماذا استثناء هذه المدارس تحديداً لتكون تحت إشراف وتبعية صندوق تطوير التعليم الحكومى، الذى يرأسه رئيس مجلس الوزراء ولماذا هذه المدارس لا تتبع وزارة التعليم أو التعليم الخاص أو حتى الدولى؟!

وليسمح لى سيادة رئيس الوزراء بالإجابة عن هذا السؤال الأساسى لأنه فى البحث عن البدايات تكمن الإجابة عن هذه الاستثناءات .

كانت “المصور” تحديداً هى صاحبة السبق إن لم تكن المطبوعة الوحيدة التى كشفت أمر إنشاء هذه المدارس أيام ثورة يناير ٢٠١١ وكيف أن د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء دقتها أقام هذه المدارس بأموال حكومية ومن قوت الشعب المصرى لتكون المنبع الذى يمد جامعة النيل- التى أنشأها رئيس الوزراء أيضاً- بأموال حكومية، ولن أدخل فى جدل حول جامعة النيل وما إذا كانت جامعة خاصة أو أهلية وحقيقة الصراع بينها وبين جامعة د.زويل لأن هذا الموضوع قد حسم رغم تحفظى حول مشروع جامعة النيل وما يتم حولها.

ولكن مدارس النيل أمر مختلف لأنها جرى التأسيس والإشهار فى الخفاء وكله بأموال حكومية لإنشاء مدارس دولية؟!

وبالطبع لأن الفضيحة أيام الثورة، لم يلتفت أحد لما كانت نقول، ولكن بدأت الأزمات تتوالى على هذه المدارس لأنها كيان خارج النسق وكل وزير تعليم أتى بعد الثورة كان يعرف الملف ومشاكله والجميع ابتعد عنه تماماً سواء بإلغائه أو تحسين شروط العمل به.

حتى جاءت حكومة المهندس محلب وقرر أن يعطى هذه المدارس قبلة الحياة بل والأكثر دهشة أنه وافق على إعطائهم نسبة مرنة من الاستثناءات للالتحاق بالجامعات الحكومية، وأصدر وزير التعليم الأسبق د. محمود أبوالنصر قراراً بذلك بل الأكثر من ذلك فتح الباب لدعم هذه المدارس وتذليل العقبات لها؛ ولأن قرار حكومة المهندس محلب ووزير تعليمه أبو النصر أعطى لهم قبلة الحياة، أخذوا يروجون أنهم حصلوا على ترخيص مدى الحياة وأنهم مدعومون ومسنودوين إلى آخره، بل الأكثر من ذلك أنشئت من أجل عيون ٥ مدارس فقط وحدة اسمها وحدة مدارس النيل الدولية.

ورغم أن المدارس بها مشاكل جمة تبدأ من أن نهاية الاتفاقية مع كمبريدج فى العام الحالى (ولا أعلم هل جددت أم لا) ولا تنهى بعقود المعلمين والمناهج .

فإنه يبدو أن هذا التشجيع الحكومى من رئيس الوزراء السابق قد فتح شهية هؤلاء المدعومين طبقاً للخبر المنشور من أحد أعضاء المجلس الاستشارى العلمى للرئيس السيسى لكى يتقدموا بطلب لعقد اجتماع عاجل مع سيادتكم بل والأدهى كما يقول الخبر إنهاء كل المشكلات التى يتعرض لها المشروع والتوسع فيه وإنشاء ١٤ مدرسة جديدة.

وطبقاً للمعلومات التى حصلت عليها من داخل هذا الاجتماع الذى عقد برئاسة رئيس الوزراء وحضور وزير التربية والتعليم بأنه قد تم عرض طلب وإمكانية أن تبيع “وحدة مدارس النيل” المناهج والامتحانات للحكومة المصرية وتحديداً لوزارة التربية والتعليم وتحديداً طرح مبلغ ٢٠ ألف جنيهاً لكل مدرسة وهو ما وعد وزير التعليم بدراسته ؟!

وهنا أسأل سيادة رئيس الوزراء هل أموال صندوق تمويل وتطوير التعليم الحكومى تخص مدارس النيل وحدها حتى تصرف أمواله على حل مشاكلها بل والتوسع فى إنشاء المزيد منها ؟.. وكيف نسكت أصلاً عما تم صرفه فى سنوات سابقة، على اعتبار “آهو ده اللى صار وأدى اللى كان” كيف يستمر العبث بأموال الشعب المصرى دافع الضرائب والذى يمول الصندوق الحكومى وليس “جامعة كمبريدج مثلا” ونقرر التوسع وحل مشاكل هؤلاء، هذا هو الاستفهام الأكبر لمصلحة من نهدر أموال الشعب وبدلاً من أن نحاسب من انشأها على إهدار أموال تطوير التعليم، الذى يخص كل المصريين ندعم إنشاء المزيد منها؟

وكما يقول المثل “سكتنا لجحا دخل بحماره” فهم الآن يريدون بيع الكتب والمناهج والامتحانات للحكومة المصرية التى دفعت أصلاً مقابل إنشاء هذه المدارس ولم يساهم أحد فى إنشائها إلا الصندوق الحكومى فكيف نسمح إذن لهذه الجهات بأن تقترح تحصيل أموال مقابل ما يتم ؟!

وأكثر ما يثير الدهشة أيضاً فى بيان وكلمات رئيس مجلس الوزراء هو قوله أن هذه المدارس ذات جودة تعليمية رفيعة المستوى لأنها تحصل على الرخصة من جامعة كمبريدج البريطانية العريقة.. نعم أتفق معه تماماً أن جامعة كمبريدج جامعة عريقة وترتيبها العالمى من الخمس جامعات الأولى عالمياً وأنه بسبب سوء التعليم المصرى وشهادته لجأت حكومة نظيف ونظام حكم مبارك لإنشاء تعليم أجنبى دولى يتبع الحكومة، وللحقيقة أنا أؤيد التعليم الأجنبى خاصة مناهج كمبريدج، لذلك حرصاً على أموال المصريين أطالب بتعميم تجربة مدارس النيل فى المناهج والامتحانات على كل المدارس الحكومية الـ ٥٣ ألف مدرسة وليس فقط ٥ مدارس لا غير، وأؤيد استيراد المناهج والنظم كما نستورد كل شىء فى حياتنا، على الأقل ستكون هنا المساواة حقيقية والجميع سواسية خاصة أن مدارس النيل أنشئت بأموال الحكومة التى يريد بعض المروجين لمدارس النيل بيع المناهج والامتحانات للحكومة هى أصلاً التى انشأت بأموالها هذه المدارس؟!!

سيردى رئيس الوزراء: سوف أختم بما قاله شارون ، رئيس وزراء إسرائيل عقب حرب اكتوبر١٩٧٣ بأن هذه الحرب كانت مختلفة وإنجاز المصريين فيها واضح بسبب الجندى المصرى المتعلم، تعليماً جيداً وليس الأمى الذى حاربته إسرائيل فى ٥٦ و ١٩٦٧ ، انتهى.

نحن نريد شعباً متعلماً وأن تكون رخصة كمبريدج للجميع وليس لأصحاب الياقات البيضاء!

كتبتب  :إيمان رسلان