وصف الكاتب الصحفي أحمد باشا رئيس تحرير جريدة روز اليوسف مسألة إقالة رئيس تحرير المصري اليوم في مقاله بأنها مجرد مناورة لتنظيم كبير داخل الجريدة التي تحولت إلى ملجأ للنشطاء وأن هذا المنصب ما هو إلا واجهة لا يعني تغييرها كثيرا .
ووجه باشا النصيحة للقادم رئيسا للتحرير إن «صلاح» وولده «توفيق،» المناوران يعلمان تمامًا أن محمد السيد صالح لم يكن إلا واجهة معلنة للجريدة مضيفا: ربما يأتى رئيس تحرير جديد، حاملًا الأمل فى أن يسيطر على هذا التنظيم ويخضعه لقواعد المهنة، ونقول له «واهم أنت لا بطل،».
وطالب أحمد باشا في مقاله الدولة بأن تستكمل تحقيقاتها لرفع الغطاء عن هذا التنظيم كما طالب النقابة بأن تتدخل لتحصيل مستحقات من تم فصلهم عنوة بعد أن عجز التنظيم عن السيطرة عليهم.
إلي نص المقال:
«تسليم الخرفان» قاعدة ثابتة ومعروفة لدى تجار السموم، اتخذوها دستورًا لهم من دون القانون أو حتى الإنسانية.. اعتادوا التضحية ببعض الصبيان أو «أنصاف المعّلمين» وإلقاءهم فى طريق الشرطة، لعلها تكتفى بهذا القدر من الضبطيات، أو تنشغل بهم عن أباطرة الصنف وكبار الجلابين أو ديلرات التجارة بالجملة، بهذا المفهوم يتعامل بعض أباطرة السموم الصحفية.
بالأمس القريب سمعنا خبر إقالة رئيس تحرير المصرى اليوم «محمد السيد صالح» الذى وصف فض رابعة بالمذبحة، مطالبًا بمحاكمة المسئولين عنها.. إقالته جاءت كمحاولة لامتصاص الغضب، الذى انفجر فى وجه راعى الجريدة صلاح دياب، فأراد المناورة مع الدولة لعلها تهدأ وتنسى بمرور الوقت سبب غضبها، فأطاح برئيس التحرير من منصبه، الذى قبِل أن يستمر كاتبًا فى نفس الجريدة بكامل مستحقاته المالية، ليؤكد أن صفقة التسليم تمت برضا الجميع وبالترضية المالية المتفق عليها!
محمد السيد صالح وافق بعملية التسليم، وافق أن يكون «كبشًا» للفداء، ولو أن كرامته الصحفية رفضت ذلك، لما استمر كاتبًا فى نفس الجريدة، التى أقيل من رئاسة تحريرها، إذ يبدو أن الاتفاق كان على ذلك منذ البداية.
«صلاح» وولده «توفيق،» المناوران يعلمان تمامًا أن محمد السيد صالح لم يكن إلا واجهة معلنة للجريدة، وأن إقالته لا تعنى قرارًا بتغيير سياستها، طالما ظلت المجموعة التى تسيطر على سياستها موجودة، والتى حوّلت الصحافة من عمل مهنى إلى عمل تنظيمى، عن «التراس» خالد البلشى داخل الجريدة نتحدث بالاسم (عمر الهادى - أحمد محجوب - إيهاب الزلاقى - فتحى أبوحطب - آية عبدالله- دينا سمير ).
المدهش أنهم لا يكفون حديثًا عن الحريات والحقوق، بينما راعيهم يفصل من زملاء المهنة من يشاء وقتما يشاء، دون أن يحرك أحدهم قيد أنملة أو ينطق ولو بشطر كلمة!
على قدم وساق تتم الآن عملية اختيار شحنة جديدة لرئاسة التحرير، قابلة للتسليم عندما يحل عليها الموعد، ربما يكون محمد أو حمدى أو مجدى أو حتى «أبوفروة» ليس مهمًا، المهم أن يكون قابلًا لصفقة التسليم وسط حالة من «صمت الخرفان» المقتبسة دراميا من فيلم «صمت الحملان،» حيث تؤكل لحوم البشر فى الفيلم، بينما فى الواقع تؤكل كرامات البشر.
ربما انسحاق أعضاء هذا التنظيم الصحفى أمام رُعاتهم من أصحاب المزارع الصحفية، يجعلهم أكثر شراسة مع الدولة تعويضًا عن حالة القهر الصحفى، التى يخضعون لها داخل صحفهم فى محاولة لإثبات، أنه ما زالت بقية من مهنية أو حتى إنسانية، فينطلقون متجبرين على الدولة فى جلساتهم الخاصة وعنابر تواصلهم الاجتماعى، ربما ليجدوا سببًا يمكنهم من النظر إلى أنفسهم فى المرايا أو فى وجوه أبنائهم.
الحقيقة الدامغة أن الطبع يغلب التطبع والتطبيع يغلب عليهما، تسليم محمد السيد صالح أو عدم تسليمه لن يغير من الأمر شيئا، طالما أن التنظيم لا يزال مسيطرًا بقيادة النجل توفيق بن دياب، لكنها حالة غريبة من اجتماع الذئاب مع الخرفان، والتى لا يمكن أن تستمر أبدًا.
يسهم فى بناء هذه الحالة صاحب الخبرات الزراعية والمزرعية صلاح دياب وصاحب التوكيل الحصرى للشتلات الإسرائيلية، تاريخه الزراعى يغلب على أسلوب إدارته للجريدة التى تشهد حالة من الهيستريا الصحفية كلما حل عيد الأضحى سنويًا.
حتما هناك قادم جديد فى طريقه إلى منصبه الصورى رئيسا لتحرير الجريدة، حتما لن يعلو اسمه صفحات الجريدة، إلا بعد أن يؤدى قسم الولاء، منضمًا لعضوية التنظيم الذى يتخذ من الجريدة واجهة له، حتما سيؤدى قسم الولاء على أن تسانده الجريدة فى السراء ولن تتردد فى تسليمه عند الضراء.
بينما التنظيم القابع فى قلب الجريدة، ينتظر حلوله لقياس درجة قابليته للتسليم بـ«حالة التسليم» التى تنتظره فى أى وقت، ليرفعوا التقرير إلى توفيق، ومنه إلى صلاح صاحب الحق الوحيد فى تحديد تفاصيل الصفقة مكانًا وزمانًا.
ربما يأتى رئيس تحرير جديد، حاملًا الأمل فى أن يسيطر على هذا التنظيم ويخضعه لقواعد المهنة، ونقول له «واهم أنت لا بطل،» سيخضعك التنظيم لقواعد اللعبة طوعًا أو كرهًا، سيدفعك فى طريق التورط اللاإرادى بالأفعال، حيث لا رجعة فيه، سيمنحونك شعورًا بتضخم الذات، لأنك ترأس تحرير أهم صحيفة قادرة على ابتزاز الدولة، وأن مسئوليها سيأتونك سعيًا أو هرولة، يضاعف من هذا الشعور العطايا المستمرة، بداية من علب الكعك وحلوى المولد إلى عبوات العسل المستخلص من «زهرة البرسيم» وصولا إلى فيلتك فى مدينة «نيو جيزة».
هى حالة لا إرادية تتلبسك، فتظل أسيرًا لها تعانى من أعراضها الانسحابية حتى بعد أن تتم عملية تسليمك.
انظر إلى من سبقوك، انظر إلى أنور الهوارى، الذى كتب مقالًا اتهم فيه صلاح دياب بالخيانة والآن يعلن تضامنه مع الجريدة ولا تزال علب الكعك تصل إلى منزله.
إلى القادم رئيسًا لتحرير الجريدة، نقدم لك نصحًا مهنيًا لوجه الله والوطن، لا تتورط فى إهانة نفسك بنفسك، لا تستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير، دعهم يدفعون بأعضاء تنظيمهم إلى حيث أدوارهم فى التسليم، دعهم يجففون أنفسهم بأنفسهم، لا تخدع نفسك سيحيط التنظيم بك ويتحكم فى معدلات «أدرينالينك الصحفى» وسيدفعك إلى الانتحار الصحفى باستخدام أسلوب «الخروف الأزرق» اقتداء بتكتيك «تحدى الحوت الأزرق».
وإلى الدولة نقول: ارفعى الغطاء عن هذا التنظيم، الذى يتخذ من الصحيفة مشروعًا للغسيل التنظيمى، وإلى النقابة نقول: باشرى تحقيقاتك لتحصيل مستحقات من تم فصلهم عنوة بعد أن عجز التنظيم عن السيطرة عليهم.
نحن أمام حالة متفردة لتنظيم حول الصحافة إلى منشور علنى، نحن أمام داء عضال أصاب المهنة من بوابة هذه الجريدة، التى أتاحت للنشطاء التستر بستار المهنة، نحن أمام حالة من «صحافة المقاولات،» التى تشغل الدولة عما يدور حولها بفعل مقال فى الجريدة أو مانشيت فى صدر صفحتها، نحن أمام شبكة تنظيمية تنشر أعضاءها فى إعداد البرامج والإذاعات وكواليس القنوات، ومن الآن نقول لكم: إن عودة الإخوان لن تكون إلا من بوابة هذا التنظيم!