الخميس 27 يونيو 2024

عاشق مصر أقام حفل زفاف نجلته فى أسوان والطعام والملابس والطيران «كله مصرى» درس صالح كامل لرجال الأعمال المصريين

15-3-2017 | 12:15

تقرير: وليد عبد الرحمن

«الرجال مواقف.. يظهرون دائمًا وقت الأزمات.. يقدمون الخير دون النظر إلى المقابل».. هكذا عبر مواطنون من مدينة أسوان الساحرة عما قام به رجل الأعمال السعودى، الشيخ صالح كامل، عندما صمم على إقامة حفل زفاف نجلته «نضير» فى فندق كتراكت، وتذكروا عبارته الشهيرة، التى قالها فى مايو عام ٢٠١٦ خلال ملتقى مصر الثانى للاستثمار «إذا أصيبت مصر ببرد.. سيعطس المسلم فى السعودية وباكستان».

وقام الشيخ «كامل» المُحب لمصر ولأهلها بحجز فندق «كتراكت» العريق بالكامل لإقامة فرح ابنته، كما حجز خمسة فنادق أخرى لاستقبال ضيوفه من جميع أنحاء العالم، ومن المملكة العربية السعودية، ومن أوربا، ومن عدد من الدول العربية، الذين حضروا على متن ٥ طائرات لمدينة أسوان.. ليس هذا فقط، بل قرر شراء جميع مُستلزمات الزفاف من فستان العروسة وبدل العريس من مصر، فضلًا عن المأكولات والمشروبات كلها كانت «مصرية خالصة».

دعوة الشيخ «صالح» للأمراء ورجال الأعمال والشخصيات العامة فى السعودية لحضور حفل الزفاف بمصر، له جوانب عديدة فى مقدمتها، إرسال رسالة للشعبين المصرى والسعودى بأن العلاقات بين البلدين قوية وأذلية، ولا يُمكن لأى شائبة أن تُعكرها.

أما الجانب الثانى هو توجيه أنظار العالم إلى أسوان، تلك المدينة السياحية العظيمة من أرض مصر، ولتحويل النظر إليها لتكون نقطة جذب سياحية.

أما الجانب الثالث فهو الجذب السياحى الكبير، الذى شهده مطار أسوان الدولى، والطائرات الخاصة التى أتت من منطقة الخليج، وأخرى من أوربا، والتى حملت المدعوين لحفل الزفاف، فضلًا عن الزخم الفندقى الذى شهدته أسوان.

فيقول أسامة إبراهيم، مرشد سياحى، إن «الإشغال الفندقى الذى شهدته أسوان لم يحدث منذ سنوات»، لافتًا إلى أن «حفل الزفاف كان له أكبر الأثر فى نفوس من يعملون فى هذه الفنادق، التى كانت تُعانى من الكساد طوال الفترة الماضية»، مؤكدًا أن هذا الإشغال الفندقى الكبير يؤكد على الإمكانات التى تتمتع بها فنادق أسوان، لافتًا إلى أن «الابتسامة على وجوه حضور حفل الزفاف من الخدمة العالية فى الفنادق، بٌشرة خير للأيام المُقبلة».

الشيخ السعودي، هو أحد المستثمرين المشهورين فى مجال الإعلام، وصاحب قنوات الـ»إيه آر تى»، لم يفعل كما فعل بعض رجال الأعمال المصريين، الذين أقاموا حفلات زفاف لهم أو لأبنائهم فى أوربا، كما حدث مؤخرا، بعدما ترجم فعليًا انتماءه الكبير لمصر، ومصريته الخالصة، التى تفوق فى قيمتها تلك الجنسية المُسجلة فى بطاقات وجوازات سفر بعض رجال الأعمال المصريين.

وقد حرص الشيخ صالح كامل، التى تعددت مواقفه فى حب مصر، على إقامة حفل زفاف نجلته فى أسوان، لتوصيل رسالة إلى بعض رجال الأعمال المصريين، الذين يفضلون الخارج على بلدهم، مفادها «حبو بلدكم.. شجعوا بلدكم».

وكان عام ٢٠١٦ قد شهد العديد من حفلات زفاف رجال الأعمال المصريين وذويهم خارج مصر، فاثنان من رجال الأعمال المشاهير أقاما فرحي أبنائهما فى فنادق مدينة فلورنسا بإيطاليا، وكان تكلفته ٣ ملايين دولار، وارتدت فيه العروس تاجًا مرصعًا بالألماس، وتحملت أسرة العروسين استئجار طائرة خاصة من شركة مصر للطيران لنقل المعازيم الذين قاربوا الـ١٥٠ فردًا من أقارب وأصدقاء ورجال أعمال للأسرتين من القاهرة إلى إيطاليا، فضلًا عن عدد من نجوم الفن والغناء، وكان الأكل والمشاريب كله «شُغل إيطالي».. ورجل أعمال آخر أقام فرحه فى جزيرة ميكونوس اليونانية، والمعازيم قدروا بـنحو ٤٠٠ فردًا، خُصصت لهم سفينة لنقلهم من مصر إلى الجزيرة، وتم تجهيز ٢٠ فيلا لإقامتهم طوال الزفاف.

وكان من الممكن لصالح كامل أن يُقيم حفل الزفاف فى أى منطقة أخرى من العالم، فهو يستطيع فعل ذلك بسهولة، لكنه أراد توصيل رسالة مُعينة فى ذلك التوقيت، الذى تحارب فيه مصر الإرهاب وتسعى أن تمضى قدمًا فى الإصلاح الاقتصادى، بأن كل إنسان مصرى أو يعيش على أرض هذا البلد يستطيع أن «يدعم ويُنشط السياحة بطريقته، سواء كانت بسيطة أو كبيرة».

مراقبون قالوا بأن «رسالة صالح كامل وصلت بالفعل، وأحرج دون أن يقصد بعض رجال الأعمال المصريين، الذين استفادوا من مصر كثيرًا وصنعوا منها ثروات، ثم إذا حضرتهم مُناسبات خاصة أقاموها فى العواصم الأوربية، وأنفقوا عليها ملايين الدولارات واليورو.. وهى عُملة صعبة لن تستفيد منها مصر وشعبها، لكن يستفيد منها الغُرباء والأجانب». وفندق «كتراكت» العريق، هو قطعة من التاريخ الحى وسحر الحضارة الفرعونية، يتلمسها بوضوح زائر الفندق العريق على جدرانه وقاعاته وأفنيته.. وكذلك أضواؤه الخلابة، التى تُضيء ظُلمة الليل.

ونشر عدد من نجوم الفن صورًا عبر حساباتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «انستجرام» من داخل الحفل للعروسين وللتجهيزات وكواليس حفل الزفاف، فيما وزّعت إدارة الحفل صورًا لجوانب من ليلة الزفاف.

ضيوف رجل الأعمال السعودى الشهير، الذين استضافهم الفندق، وقضوا فيه أسعد الأوقات، لم يكونوا هم أول من زاروا «كتراكت»، فقد حرص الفندق على استضافت «علية» القوم ومشاهير العالم، كان أشهرهم أغاخان الثالث، وقيصر روسيا نيكولاس الثاني، وعالم‏ ‏الآثار‏ ‏الإنجليزى ‏هوارد كارتر مُكتشف‏ ‏مقبرة‏ ‏ توت‏ ‏عنخ‏ ‏آمون، والملك فاروق، والملك محمد‏ ‏الخامس،‏ ‏ملك‏ ‏المغرب‏‏، والأميرة‏ ‏ديانا‏.

والشيخ صالح كامل، هو رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، يستثمر فى مصر منذ ١٩٧١ ليس حبًا فى مصر فقط، لكن بسبب الفائدة الكبيرة، التى يحققها أى مُستثمر مصرى أو عربى من مصر، ويدعو دائمًا جميع المستثمرين الخليجيين والأجانب للاستثمار فى مصر، ويرى أن «المشاريع العملاقة التى افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، من طُرق ومحطات للطاقة ستُساعد على جذب الاستثمارات».

موقف «كامل» الأخير، ذكر المصريين بموقفه عقب مذبحة الأقصر الشهيرة، التى وقعت فى ١٧ نوفمبر ١٩٩٧ فى الدير البحري، وأسفرت عن مصرع ٥٨ سائحًا، وكان هذا الحادث له تأثير سلبى على السياحة فى مصر، وأقيل على أثره وزير الداخلية الأسبق اللواء حسن الألفي، أصر حينها على عقد اجتماعات شركاته فى الأقصر، لإرسال رسالة للعالم أن «مصر بلد الأمن والأمان».

حفل الزفاف الأسطورى لم تعم فوائده على «الفنادق» والطيران فقط، بل على السوق السياحى الشهير فى أسوان، وأيضًا على أصحاب عربات الحنطور المنتشرة بطول الكورنيش، حيث كان ظهور الشيخ «كامل» فى السوق السياحى – كما حدثنا أهلنا فى أسوان - له أكبر الأثر فى نفوس أصحاب البازارات والمحال السياحية، الذين يعانون من الكساد طوال السنوات الماضية، ويقول حمادة عبد اللطيف، صاحب بازر سياحي، إن «السوق شهد رواجًا تجاريًا كبيرًا من ضيوف حفل الزفاف، وحدثت انتعاشة كبيرة فى المبيعات خاصة فى الملابس الفرعونية»، لافتًا إلى أن «أسوان تحتاج لمثل هذا الحضور الكبير من كل أشقائها العرب لتأكيد أن مصر تفتح أبوابها للجميع».

لم يكن حديث «عبد اللطيف» مُختلفا عن كلام أحمد صبري، صاحب محل بيع للمُنتجات الأسوانية، حيث قال بشكل عفوى «يا ريت كل الناس المشاهير تأتى لعمل أفراحها هُنا، بدل من بلاد برة».. فمصر بها أماكن أفضل من أى مكان فى العالم»، مضيفًا: أن «تجول معازيم الفرح فى السوق السياحى أدى إلى رواج كبير فى البيع، لم نشاهده منذ فترة.. وأن ما حدث من الشيخ «كامل» بإصراره على إقامة الفرح فى أسوان يؤكد بالبلدى أن «الرجالة مواقف يظهرون وقت الشدة»، لافتًا إلى أن «أسوان كُلها انتعشت بالفرح، المطاعم، والمحلات، والسوق، والمراكب النيلية».