الحلبي: السادات استخدم «القوة الذكية» لتحرير سيناء بالمفاوضات بعد النصر العسكري
أحد أبطال حرب أكتوبر يروي تفاصيل 15 عامًا لتحرير سيناء
36 عامًا مرَّت على تحرير أرض الفيروز من الاحتلال الإسرائيلي، بعد انتصار عسكري مجيد حققته مصر في أكتوبر عام 1973، لتستمر بعدها المفاوضات السياسية والعسكرية لإتمام الانسحاب من كل شبر من أرض سيناء، وهي معركة أكد عسكريون أنها استخدم فيها الرئيس الراحل أنور السادات «القوة الذكية» بالبدء في المفاوضات بعد النصر العسكري، حيث استمرت عملية التحرير 15 عامًا بدءًا من عام 1967 حتى 1982 برفع العلم في سيناء، عدا طابا التي استمر تحريرها لنحو 7 سنوات إضافية بمعركة قانونية انتصرت فيها مصر في 1989.
القوة الذكية
اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، قال إن مصر استخدمت نموذجًا استراتيجيا لتحرير كل سيناء باستخدام القوة الصلبة والناعمة في استراتيجية واحدة لتحقيق هدف واحد، مضيفًا أن مصر بعد نصر أكتوبر تحركت من أرضية واضحة من القوة الصلبة وبعد الحرب بدأت المفاوضات العسكرية وعملية السلام.
وأوضح الحلبي، في تصريح أدلى به لـ"الهلال اليوم"، أن الغرب خصوصا الولايات المتحدة يحاولون دراسة مفهوم القوة الذكية الذي طبقه الرئيس الراحل أنور السادات، ووصل إليه قبل أكثر من أربعين سنة، مضيفًا أنه بعد نصر أكتوبر بدأت مرحلة مفاوضات السلام وهي مرحلة مهمة اشترك فيها رئيس الدولة والعسكريون والسياسيون باستخدام كل إمكانات الدولة في عملية السلام.
وأضاف المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أنه لا يمكن فصل نصر أكتوبر عن عملية السلام، لأنها لم تكن تتحقق إلا بالنصر الاستراتيجي الذي كسر نظرية الأمن الإسرائيلية التي كانت تحتمي وراء مانع طبيعي وآخر صناعي لاحتلال الأرض، وهما قناة السويس وخط بارليف، مضيفًا أن الجيش المصري كسر هذه النظرية والغرور الإسرائيلي وبدأ في صناعة عملية السلام من خلال القوة الذكية.
وأشار الحلبي إلى أنه بعد تحرير الأرض ظلت طابا حتى الاحتلال حتى لجأت مصر إلى التحكيم الدولي وكان هذا الدور قانونيا، مؤكدا أن الأطماع في سيناء لم تنته ولكن أصبحت بأدوات مختلفة من خلال تصدير الإرهاب والإرهابيين، وتواجهها مصر من خلال 3 سبل، أولها الجانب العسكري والأمني، والثاني المشروعات التنموية التي تسير فيها الدولة.
وأكد المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أن البعد الثالث هو الوعي بطبيعة التهديد وتغيير أشكاله من خلال جماعات إرهابية ترعاها دول وحرب نفسية على المصريين والمنطقة كلها.
تفاصيل 15 عامًا لتحرير سيناء
قال اللواء طه السيد مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أحد أبطال حرب أكتوبر، إن الشعب المصري وكل مَن شارك في حرب أكتوبر أو إعدادها والتخطيط لها أو مرحلة المفاوضات، يفتخر بما حققوه لتحرير سيناء، مضيفًا أن هذا اليوم يعيد للذاكرة دور الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار الحرب، وشهداء مصر في حرب أكتوبر، وكل المصابين فيها وتضحياتهم.
وأوضح السيد، في تصريح أدلى به لـ"الهلال اليوم"، تفاصيل عملية تحرير سيناء التي استمرت نحو 15 عاما بدءًا من عام 1967 حتى 1982، وبعدها 7 سنوات لتحرير طابا وإثبات مصريتها، مضيفًا أن تحرير سيناء لم يبدأ مع انتصار أكتوبر 1973 إنما في مرحلة ما قبلها وهي الفترة من 1967 حتى الحرب، وهي مرحلة الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر.
وأكد مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أن تلك المرحلة استكمل فيها تنظيم وتسليح وتدريب القوات المسلحة، واكتسبت خلالها الخبرات القتالية والقدرات، لكي تنتصر ذلك النصر المجيد في أكتوبر 73، مضيفًا أن المرحلة التالية هي الفترة من 6 أكتوبر 1973 حتى 25 أبريل 1982 برفع العلم المصري في سيناء، وتنقسم إلى ثلاث مراحل.
وأضاف السيد أن المرحلة الأولى منها هي الفترة من 6 أكتوبر حتى 28 أكتوبر بصدور قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة المفاوضات العسكرية التي استمرت مدة عامين بين الطرفين المصري والإسرائيلي في محادثات الكيلو 101 بطريق القاهرة- السويس.
وأشار مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق إلى أنه كانت نتيجتها أمرين، التوقيع في 11 نوفمبر 1973 على اتفاق الطرفين بإيصال الإمدادات لمدينة السويس وإخلاء الجرحى وتبادل الأسرى وتوقيع اتفاقية فض الاشتباك الأول بين الطرفين في يناير 1974، مضيفًا أنه بموجب الاتفاق انسحبت إسرائيل شرقًا لمسافة 30 كيلومترا من غرب القناة، وهذا الانسحاب يؤكد كذب وفشل الثغرة، لأنها لو كانت ناجحة لم تكن لتنسحب في أقل من 3 أشهر من التوقيع.
المفاوضات السياسية
أوضح مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أنه تم توقيع اتفاق فض الاشتباك الثاني في سبتمبر 1975، وعلى إثره انسحبت إسرائيل من مساحة 4500 كيلومتر مربع من سيناء، مضيفا أن المرحلة الثالثة هي مرحلة المفاوضات السياسية، والتي بدأت بزيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس في نوفمبر 1977، واستمرت المفاوضات برعاية أمريكية، إلى أن تم توقيع معاهدة السلام في مارس 1979.
وألمح السيد إلى أن الانسحاب كان على مراحل حتى 25 أبريل 1982 بانسحاب آخر جندي ورفع العلم في العريش ورأس محمد، لكن ظلت طابا ومساحتها كيلومتر تحت الاحتلال، ولجأت مصر بعدها إلى المفاوضات القانونية والقضائية واستمرت 7 سنوات، احتكمت فيها مصر إلى التحكيم الدولي حتى، وافقت اللجنة في 1988 على عودة طابا، إذ عادت في مارس 1989 إلى مصر.
وعن مشاركته في حرب أكتوبر، أوضح مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أنه كان ضابطًا برتبة ملازم أول في نطاق الجيش الثالث الميداني، مؤكدًا أن الجندي المصري الذي حارب في 1967 هو بطل حرب أكتوبر 1973، مضيفًا "أجمل اللحظات كانت لحظة عبور قناة السويس ونداء الله أكبر هو السائد على خط الجبهة، وكان المشهد في أثناء العبور رائعًا، والأجمل كان رؤية العلم المصري مرفوعًا على الساتر الشرقي لقناة السويس".
وأكد السيد أن 85% من المشاركين في حرب أكتوبر من جنود حرب 1967 أخذوا الثقة في أنفسهم وتدربوا جيدًا حتى قضوا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر وخط بارليف، كما أن أكتوبر لم تفرق بين مسلم أو مسيحي، وروى الشهيد المصري بدمائه الأرض المصرية، مضيفا أن حرب 1973 كانت فاصلة في تاريخ العرب وإسرائيل.
وعن الدروس المستفادة منها، يؤكد مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أن معركة تحرير طابا قانونيا تؤكد أن مصر لم تفرط في شبر من أراضيها ولن تفرط أبدًا، وأن بها خير أجناد الأرض سواء ضابط أو ضابط صف أو جندي، وأن نظرة حولنا في الشرق أو الغرب تؤكد أن الأعداء محيطون بمصر وسيظلون يحاولون، ولهذا يجب أن يتكاتف ويتلاحم الجميع للحفاظ عليها، ومصر في رباط إلى يوم الدين.