الخميس 6 يونيو 2024

مدبولى يُعيد القاهرة لسيرتها الأولى

28-1-2019 | 17:28

مجدى سبلة

قبل يومين ناقش الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون، وقبلها بأيام انتهى من مخطط ماسبيرو وقبلها بعام من الدويقة إلى حى الأسمرات وقبلها بعام تم البدء فى خطة تجديد شباب وسط العاصمة القاهرة وكان المشروع الوحيد الذى كان قد تم إنجازه قبل عشر سنوات هو إنشاء حديقة الأغا خان وتطوير شارع المعز.




 الآن هناك إصرار لا يلين من جانب الحكومة وتوجيهات لا تقبل القسمة على اثنين بضرورة عودة عاصمة مصر إلى بهائها وسيرتها الخديوية الأةلى قبل ١٠٠عام.




 وكانت اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية قد تشكلت بقرار من رئيس الجمهورية فى أواخر ٢٠١٦، بمناسبة مرور ١٠٠ عام على حصول القاهرة على لقب أنظف وأجمل مدينة فى العالم عام ١٩٢٥، وصدرت وثيقة «القاهرة التراثية ٢٠٢٥» منذ عامين بهدف عودة القاهرة أنظف مدينة فى العالم فى مئوية حصولها على هذا اللقب نجد المؤشرات كلها تقودنا إلى عنوان افتقدناه كثيرا وهو (عودة القاهرة التراثية التى خطفتها العشوائيات ).




وكما نكتب عن المشروعات القومية الجديدة التى يجرى تنفيذها فإننا تجاهلنا مشروعا مهما وضخما وهو عودة عاصمة مصر القاهرة بتراثها وبهائها العمرانى الفريد والتى تعرضت لأكثر من ٧٠ عاما طمست عليها عشوائيات هذا الزمن وغطت ملامحها ويجرى إزالتها الآن بعزم حكومة تعمل على عودتها من جديد وإن تأخرت كثيرا.




 ظهر هذا العزم فى اجتماع رئيس الوزراء مدبولى مع وزيرى والمالية والتجارة والصناعية ومحافظ القاهرة قبل ٣ أيام أثناء مناقشة الموقف التنفيذى لتطوير منطقة سور مجرى العيون، بعد نقل المدابغ إلى مدينة الجلود بالروبيكى.




هذا المشروع الضخم أجريت دراساته وتسجيله فى قوائم منظمة اليونسكو بهدف حماية القاهرة التراثية، وتم عرض هذا التقرير قبل البدء فيه على الرئيس السيسى وتضمن إعادة توظیف المقرات الحكومیة بالقارة «الخدیویة» والمقرر نقلا فى المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإداریة الجدیدة لإعادة استغلال واستثمار ضمن مشروع إعادة إحیاء القارة التراثیة. 


وتم البدء فى اتخاذ الإجراءات التنفیذیة لإعداد الدراسات اللازمة لخلق كیان مؤسسى لإدارة المبانى والمنشآت التراثیة یعمل على تحقق المعاییر التراثیة والاقتصادیة وتعظيم قیمة تلك المناطق، وإعادة النظر فى القوانین المتعلقة بحمایة المناطق التراثیة وقوانین الإیجارات والقوانین المنظمة للنشاط التجارى داخل المناطق التراثیة. 


والنظر فى وضع «مشروع إحیاء الحدائق التراثیة» فى مصر باعتباره مشروعا قوميا یعزز مساعى الدولة المصریة فى الحد من التغیرات المناخیة وتحسین البیئة الصحیة والحضریة فى مصر.


ومنع وسائل الدعاية من الإعلانات الجدارية على شرفات العمارات ومبانى وسط البلد، ورفع اللافتات المخالفة ومحاسبة المخالفين 


بهدف الحفاظ على مرور ١٥١ عاما على إنشاء القاهرة الخديوية، والحفاظ على الأبنية والعقارات ذات الطراز المعمارى المتميز ووضعية منطقة وسط القاهرة التراثية تاريخيا وجغرافيا؛ حيث كانت تمثل الوجه الحضرى لمشروع تراثي، ونموذج رائد ومختلف فى العالم العربى وقت تخطيط القاهرة الخديوية. 




ويستهدف المشروع إحياء المنطقة التاريخية لسور مجرى العيون وإعادة إبراز رونقها الحضارى، بما تتمتع به من قيمة ثقافية، لتمثل إضافة جديدة على خارطة المقاصد الأثرية والسياحية بمصر لافتا إلى أن هذا المشروع يعد جزءا ضمن تصور شامل لإعادة القاهرة كمدينة للتراث والفنون، ومركز للإشعاع الحضارى والثقافى، ومقصد سياحى رئيسى على صعيد الدائرتين الإقليمية والعالمية.




وتم توقيع بروتوكول بين وزارة المالية، ومحافظة القاهرة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ؛ للتعاون فى تطوير منطقة سور مجرى العيون، وفق الآلية التى تم اتباعها فى تطوير منطقة ماسبيرو.




وينظم البروتوكول اختصاصات كل جهة فى إطار هذا التعاون، حيث تتولى محافظة القاهرة بموجبه كافة مسئوليات وصلاحيات الجهة الإدارية المختصة وفقاً لأحكام قانون البناء رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ .




ومن جانبها، تختص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بموجب البروتوكول بإعداد مخطط تطوير المنطقة، بما يتناغم مع المناطق المحيطة بها وإرجاع تراثية القاهرة إلى عبق الماضى، بالاهتمام بالأبنية التى ترجع إلى مصر الملكية والخديوية وتخضع كافة عمليات التجديد للإشراف من جهاز التنسيق الحضارى بالمحافظة، بما يناسب تاريخية الأبنية والميادين التاريخية.




 كما قامت الحكومة المصرية متمثلة فى وزارة الإسكان بإخلاء منطقة مثلث ماسبيرو عبر تقديم عدة خيارات للمالكين والمستأجرين وفى إطار متابعة حالة مثلث ماسبيرو وطرحها لشركات الاستثمار العقارى.




 كما ستراعى تنمية وتخطيط المناطق التاريخية أن القيمة الاقتصادية الواردة من النشاط الاقتصادى الناتج عن تطوير عقارى كبير الحجم، مثلما هو مزمع فى هذا المشروع، قد تجلب مردودًا اقتصادياً يضاعف هذا الرقم عدة مرات، وذلك نتيجة للاستثمارات الكبيرة والمتوسطة المتوقعة، وما يصحبها من إتاحة فرص للإنتاج والتوظيف.




 كانت هذه المبانى التاريخية محاطة بتلال القمامة.. والمبانى المخالفة طمس الإهمال والعشوائية الهوية التاريخية لسور مجرى العيون مثلا لسنوات طويلة ومازالت تشوه حضارة مصر القديمة، ولكن سرعان ما تبدلت الصورة بعد أن بدأت الحكومة فى محوها من خلال مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون، والذى يشمل ترميم الأجزاء المتهدمة وإحياء السواقى والإضاءة بالليزر وإقامة الحدائق والاستراحات والكبارى المعلقة إلى جانب مرسى على النيل يربطه بالمناطق السياحية الأخرى وإنشاء فنادق سياحية بمنطقة المدابغ بعد إخلائها.




 عندما تطأ قدمك سور مجرى العيون الذى قام بإنشائه الناصر صلاح الدين الأيوبي، تشاهد تكدس القمامة على جانبى السور، وغياب أعمال النظافة الدورية وعدم توافر صناديق للقمامة، بالإضافة إلى تراكم تلال من مخلفات البناء، كما طال الإهمال حديقة مجرى العيون الملاصقة لمستشفى سرطان الأطفال، بعد أن أغرقتها مياه الصرف، واتخذتها الكلاب الضالة مقرا لإقامتها، علاوة على أكوام «روث الحيوانات» والقمامة الملقاة بها.




وفيما يتعلق بفلسفة التنمية الشاملة للمنطقة على المدى البعيد والتى يشترط لها أولا إزالة منطقة «المدابغ ومصانع الغراء»، فهى تعتمد على محاور عديدة أولها اعتبار المنطقة ضمن المسار السياحى الذى يبدأ من القلعة ثم منطقة سور مجرى العيون من تقاطعه مع شارع صلاح سالم وحتى كورنيش النيل ثم مقياس النيل ثم قصر محمد على بالمنيل، وإنشاء متحفين بمنطقة السور؛ الأول يقع فى المنطقة الترفيهية المزمع إقامتها مكان المدابغ وجنوب السور مباشرة، ويعرض تطور صناعة الدباغة والجلود «ويعد بمثابة البوابة الشمالية للمحور الخدمى الترفيهى المقترح»، والثانى فى منطقة السواقى «فى الجهة الغربية للسور» ويعرض أفكار الهندسة الهيدروليكية فى إنشاء السور.




كما سيتضمن المخطط إنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاة رئيسى يتجه من الشمال إلى الجنوب وتتخلله مجموعة من الانحناءات تخلق بدورها مجموعة من الفراغات بين مسار المشاة وكل من السور أو الطريق الآلى المقترح غرب المنطقة الخضراء، وتستخدم هذه الفراغات كمناطق ترفيهية بها بعض الخدمات الداعمة للنشاط الترفيهى والسياحى.




 آخر تطورات مشروع التطوير الشامل للعمارة الخديوية .




 يشير المخطط الحضارى إلى تأسيس شركة متخصصة فى إدارة هذه العقارات بما يضمن استغلالها.على الوجه الأمثل لإعادة القاهرة إلى سيرتها الأولى.