الجمعة 21 يونيو 2024

السينما المصرية المستقلة تترك علامة ثقافية إبداعية في مهرجان كان السينمائي

فن19-5-2018 | 09:56

مع تتويجه بجائزة "فرانسوا شاليه" لدى الإعلان مساء أمس "الجمعة" عن أولى جوائز مهرجان كان السينمائي الدولي الذي يختتم دورته الـ 71 اليوم "السبت" فإن الفيلم المصري "يوم الدين" يكون قد ترك علامة ثقافية إبداعية مصرية في المهرجان الدولي الأشهر للفن السابع بقدر مالفت الأنظار لأهمية "السينما المستقلة".

وجائزة "فرانسوا شاليه" التي تحمل اسم صحفي ومؤرخ سينمائي فرنسي يرجع تاريخها الى عام 1997 وتمنح للأفلام ذات المضمون الإنساني الفني الرفيع المستوى وأصحاب الرؤى السينمائية التي تعلي من القيم السامية في الحياة فضلا عن القيم الصحفية النبيلة. 

ومن قبل لم يستبعد بعض النقاد والمعلقين السينمائيين إمكانية فوز فيلم "يوم الدين" الذي ينتمي للسينما المستقلة بجائزة في ختام الدورة الـ 71 لمهرجان كان السينمائي وخاصة جائزة "الكاميرا الذهبية" المخصصة للعمل الأول المشارك في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان الدولي فيما ذهب البعض حتى لإمكانية ان يتوج هذا الفيلم بجائزة "السعفة الذهبية" وهي الجائزة التي تمنح لأفضل فيلم.

واستند أصحاب هذه الرؤية المتفائلة للحفاوة الواضحة التي استقبل بها هذا الفيلم المصري في مهرجان كان السينمائي الدولي والتصفيق الحماسي من الحضور بعد عرضه لأول مرة في ظاهرة استثنائية يشهدها هذا المهرجان السينمائي الرفيع المستوى.

ويعد مهرجان كان السينمائي أكبر المهرجانات السينمائية في العالم فيما بدأت دورته الحالية في الثامن من شهر مايو الجاري وهي الدورة الـ71. 

وإلى جانب الفيلم المصري "يوم الدين" الذي كان أغلب ممثليه بما فيهم البطل من الهواة ولم يسبق لهم الوقوف من قبل أمام كاميرات السينما حتى وجدوا أنفسهم من المرشحين للفوز بجائزة في "كان" يتنافس أيضا فيلم عربي آخر من لبنان وهو "كفر ناحوم" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي التي حظى فيلمها بدوره بحفاوة واضحة من جانب الحضور في المهرجان الأشهر للسينما بتلك المدينة الساحلية الواقعة جنوب فرنسا.

وفي قسم "نظرة ما" الذي يقع خارج المسابقة الرسمية لمهرجان كان يشارك فيلم "صوفيا" للمغربية مريم بن مبارك وكذلك فيلم "قماشتي المفضلة" للسورية غايا جيجي بينما يشارك في قسم "أسبوع المخرجين" الموازي الفيلم التونسي "ولدي" للمخرج محمد بن عطية كما تشارك فلسطين بجناح خاص في هذا المهرجان السينمائي الدولي.

ولأول مرة منذ عام 2012 يشارك فيلم مصري في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ، فيما يحمل فيلم "يوم الدين" الذي يكاد ان يكون تمويله "ذاتيا" مضمونا إنسانيا ويتناول أوضاع المصابين بداء الجذام كفئة من البشر الذين ابتلوا بمرض ويتطلعون للاندماج في المجتمع وإن كان بعضهم قد اعتاد على الحياة بمعزل عن الآخرين.

ومع بعض الأفلام الهابطة فنيا وذات المضمون العشوائي التي استشرت في السنوات الأخيرة وكادت تنفرد بدور العرض والسوق تبدو "السينما المستقلة" في مصر هي الرد الثقافي الابداعي على تلك الموجة الهابطة فيما يظهر اهتمام وحفاوة مهرجان كان السينمائي الدولي بفيلم "يوم الدين" مدى اهمية "السينما المستقلة".

وإذا كانت الثقافة قاطرة هامة للتنمية فان السينما المستقلة تتميز ثقافيا بخروجها عن "التسليع المعتاد والخط التجاري الاستهلاكي" كما تتميز بمحتوى إبداعي أكثر حرية وتعبيرا عن أفكار غير تقليدية ورؤى إنسانية وقضايا مجتمعية حقيقية.

وفي "فيلم يوم الدين" الذي ألفه وأخرجه أبو بكر شوقي تتجلى معاني السينما المستقلة أو تلك الأفلام التي يتم إنتاجها خارج منظومة الاستديوهات وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى المتحكمة تقليديا في صناعة السينما وغالبا ما تنتج أفلامها بميزانيات صغيرة وتكاليف محدودة بعيدا عما يعرف بالنجوم الكبار الذين يتقاضون أجورا فلكية .

ويطرح أبو بكر شوقي في فيلمه الروائي الأول رؤية فنية ثقافية تقوم على معايشة كاملة للمصابين بالجذام وهي رؤية تنحاز إنسانيا لضرورة اندماج هذه الفئة من البشر في مجتمعهم وتنقل مشاعرهم وآلامهم وآمالهم كما تسعى "لكسر رهاب الخوف المرضي لدى الكثير من الناس من الاختلاط بهؤلاء الذين كتب عليهم الإصابة بهذا الداء" بينما تؤكد دراسات طبية وتقارير منشورة انه "بعد تعافي المصاب بهذا المرض بجرعات العلاج لبكتيريا الجذام لا يمكن ان يشكل مصدر عدوى لأي شخص اخر".


وإذ أشار أبو بكر شوقي لعقبات مالية جمة اعترضت طريق إنتاج فيلم "يوم الدين" واستدعت جهدا كبيرا للتغلب عليها رأت المخرجة المصرية هالة لطفي صاحبة فيلم "الخروج للنهار" ان السينما المستقلة تحترم عقل المشاهد وتعبر في مصر تعبيرا حقيقيا عن قضايا المجتمع المصري وهمومه ومشاكله فهي تعيد الاعتبار "للفن بعد ان كادت التجارة تلتهم القيمة".

ومصر بصناعتها السينمائية العريقة شاركت في مهرجان كان منذ أربعينيات القرن العشرين بفيلم "دنيا" لشيخ المخرجين المصريين محمد كريم وبطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة كما عرف الفنان الكبير يوسف وهبي طريقه ضمن أعضاء لجان التحكيم منذ باكورة هذا المهرجان العالمي الذي يعد الراحل يوسف شاهين السينمائي المصري والعربي الأكثر حضورا فيه بأفلامه.


وفي دورته التي تختتم اليوم كرم مهرجان كان السينمائي المخرج المصري يوسف شاهين في ذكرى مرور عقد كامل على رحيله وعرض فيلمه الشهير "المصير" فيما توج شاهين في عام 1997 بسعفة الذكرى الخمسينية لمهرجان كان "اليوبيل الذهبي" عن مجمل أعماله السينمائية. 


ومنذ نحو سبعة أعوام تسود مخاوف من تراجع صناعة السينما في مصر التي تعد الصناعة السينمائية الأبرز في العالم العربي غير أنه بعدما كانت قاعات العرض تستقبل اكثر من 70 فيلما سينمائيا فإن الإنتاج في السنوات الأخيرة لم يزد أحيانا عن 15 فيلما في العام الواحد.



    الاكثر قراءة