تحقيق : نجلاء أبوزيد
«خذ قرض وحل الأزمة وبعدين ربنا يحلها، اشترى بالفيزا والسداد خلال 60 يوما يكون ربنا عدلها » نصائح يتبادلها البعض لتجاوز الأزمات وارتفاع الأسعار دون تفكير فى ما يترتب على ذلك من عواقب وما ستؤول إليه الأمور إذا حان وقت السداد ولم يتمكن من توفير قسط القرض أو المبلغ المسحوب من الفيزا.
كثيرون انتهى بهم المطاف وراء القضبان أو بيع بعض ممتلكاتهم لسداد القروض، ولكى نتفادى هذا المصير ما البدائل الاقتصادية لمواجهة الأزمات وارتفاع الأسعار؟ فى السطور التالية نستطلع آراء المواطنين وخبراء الاقتصاد حول القروض وكسر الفيزا، ونتعرف على استراتيجياتهم لمواجهة الأزمات بأمان بعيدا عن مخاطر القروض.
فى البداية تقول رانيا آدم، ربة منزل: للأسف الظروف الاقتصادية الصعبة وتعويم
الجنيه جعلتنا نعجز عن سداد الكثير من التزاماتنا وبدأ زوجى يعتمد على كسر الفيزا وكلما تحدثت معه عن خطورة السحب من الفيزا دون رصيد وعواقبها التى لا تؤمن يرد قائلا «ربنا هيفرجها، المدة المسموح بها أكثر من 60 يوما وقبلها هعمل قر وأسدد »، وتابعت: لا أنام الليل بسبب خوفى من كثرة الديون التى أعرف جيدا أنه لا مجال لتسديدها.
وتتفق معها هدى معبد قائلة: القروض خراب بيوت والأفضل رغم صعوبة ذلك أن نعيش وفقا لما نملك، فدفع نقود فى السوبر ماركت يجعلك تشترى ما تريدينه وتحتاجينه لكن الفيزا تخدعك وتدخلك فى أفخاخ العروض «اللى ماعهوش ما يلزموش .»
ورطة
يفضل محمد صلاح، موظف اللجوء للجمعيات فى الأزمات بدلا من القروض قائلا: الجمعيات أكثر أمانا من القروض أو كسر الفيزا، فقد حلت مشاكل وفتحت بيوت بعكس القروض التى أشعر أنها منزوعة البركة بل تحث الإنسان على شراء أشياء لا يحتاجها لذلك لا أرها حلا لكن ورطة، فعندما تجد المال بسهولة تفكر فى إنفاقه دون أن تفكر كيف تسدده، لكن عندما لا تجده أمامك تحاول البحث عن بدائل وتحذف أشياء من قائمة طلباتك، لذلك لا أفكر فى عمل فيزا حتى أشترى بقدر ما معى من نقود.
القرض السهل
ويحكى سعد محمود، موظف تجربته مع القروض قائلا: للأسف عشت حياة فوق مستوى إمكانياتى بسبب سهولة القروض، كل فترة يكلمنى موظف من بنك ويعرض على أضعاف مرتبى بضمانه وللأسف اعتدت الأمر لسنوات، وكنت أخرج من قرض بآخر جديد حتى اضطررت مؤخرا لبيع شقتى وسيارتى لسداد القروض حتى لا أسجن، واضطررت للسكن فى شقة إيجار جديد والتنقل بين سيارات الأجرة والسبب فى ذلك أننى استسهلت القروض ولم أدرك أنها ورطة وأردت أن يعيش أولادى فى مستوى اجتماعى جيد والآن أحوالنا سيئة وأبحث عن فرصة سفر للخارج ولو كنت عشت وفقا لظروفى منذ سنوات ما وصلت لهذه اللحظة.
سجن الأسعار
«أجهز ابنتى بالجمعيات والقسط وخايفة لكنى مضطرة » هكذا تحدثت إصلاح محمد موظفة وتابعت: «تعويم الجنيه تسبب فى رفع الأسعار وابنتى على وشك الزواج، نصحنى البعض بعمل قرض لكن خفت من عدم القدرة على سداده وقلت الجمعيات أخف لكنها لا تكفى واضطررت لشراء أشياء بالقسط بعد أن أقنعت ابنتى بالتنازل عن بعض الأشياء فوالدها متوفى ومعاشه ومرتبى على قدر احتياجاتنا وأنا مش هتسجن علشان أجيب اللى هى عاوزاه، لابد أن نسهلها على بعض حتى لا نجد أنفسنا فى السجون بسبب الأسعار .»
بدائل اقتصادية
وبعد التعرف على آراء المواطنين وتجاربه مع القروض والفيزا طلبنا من المتخصصين تقديم نصائحهم ماذا نفعل وقت الشدة وما البدائل التى يمكن اللجوء لها وقت الأزمات؟ تقول د. آية ماهر، أستاذة الاقتصاد والموارد البشرية بالجامعة الأمريكية: اللجوء للقروض يجب أن يسبقها دراسة شاملة من جانب الشخص الذى يريد التقدم لها فمثلا لو كانت لديه شهادات تدر عليه عائدا ويريد دفع مقدم الشقة يمكنه أن يقترض حتى لا يبيع الشهادات لكن أن يضمن موردا ماليا يمكن اللجوء له وقت السداد، فأخطر ما فى هذا الطريق سهوله عرضه على المواطن دون توضيح المخاطر التى قد يتعرض لها حالة عدم وفائه بالقرض، لذا يجب أن يهتم الشخص بالإجابة على السؤال: من أين يتم السداد عندما يحين وقته؟ كذلك يمكن حل الأزمة باستخدام أكثر من بديل فى نفس الوقت فمثلا يمكن للشخص أن يشترى جهاز ابنته بالقسط أو من خلال الدخول فى جمعية مع وضع جدول بالاحتياجات الأساسية والاستغناء عما يمكن تأجيله مع اللجوء للبدائل الأرخص فى الأسواق.
وأضافت أستاذة الاقتصاد والموارد البشرية: القرض بلا ضمان يشبه السلف وهذا مرفوض تماما والأفضل تقديم الأولويات لأننا لن نستطيع شراء كل شيء فمثلا عند شراء الموبيليا يمكن اللجوء للعمولة والسفر لدمياط للتوفير، فالنظرة الاقتصادية وقت الأزمة تركز على بذل الجهد لإيجاد بدائل تناسب ظروفى وقدرتى على السداد على فترة زمنية أحددها وفقا لدخلي، وإذا شعرت بأننى سأعجز عن السداد يجب حذف أى شيء من الأشياء التى أريدها، وتنصح ببذل الجهد فى البحث عن البدائل لكل سلعة يساعد بشكل أفضل كذلك يفضل فى هذه الفترات العودة للشراء بالكاش فى السوبر ماركت لأن الفيزا تمنحنا سقفا أعلى من قدراتنا والعودة للمحلات القريبة وشراء الكميات القليلة.
ترتيب الأولويات
يتفق معها أحمد عبد الرحمن، أستاذ الإدارة وخبير التنمية البشرية ويقدم نصائحه فى نقاط قائلا: الأزمات الاقتصادية تدفعنا كأفراد وكيانات للبحث عن بدائل تمكننا من تلبية احتياجاتنا الأساسية، ففى الدخل يجب البحث عن مصادر لزيادته، وفى مجال الإنفاق علينا أن ندرك أنه إذا كنت تشترى ما لا تحتاجه فسيأتى عليك الوقت الذى تضطر فيه لبيع ما تحتاجه، كذلك عليك فى الأزمة ألا تدخر ما تبقى بعد الإنفاق لكن أنفق ما تبقى بعد الادخار لتكون دائما مستعدا لأى أزمة مفاجأة، ويجب أن يكون الاقتراض آخر ما نفكر به، كذلك علينا تدريب أنفسنا باستمرار على الاكتفاء والاستغناء حتى لا نحتاج لأحد وهذا يأتى بالصبر والمثابرة والإيمان بفكرة الستر فى عدم الاحتياج للآخر، وعلينا أن نضع أولويات باحتياجاتنا الضرورية لتكون حافزا لنا على الادخار، وعندما لا نسمح لأنفسنا بإغراءات القروض نكون وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح حتى وإن كان خاليا من الرفاهية لكنه آمن.