الأحد 16 يونيو 2024

" تجربة البرازيل" من سياسات التقشف إلى واحدة من أكبر 10 اقتصادات في العالم

تحقيقات18-6-2018 | 16:58

خاضت دول عدة نامية ومتقدمة تجربة الإصلاحات الاقتصادية  منها دولة البرازيل، والتي حققت نجاحا اقتصاديا بعد 8 سنوات من تطبيق الإصلاح .


الأوضاع الاقتصادية في البرازيل في التسعينات

اتبعت الحكومات المدنية في هذه الفترة سياسات اقتصادية رأسمالية حيث تبنت سياسات الانفتاح الاقتصادي واتبعت توجيهات صندوق النقد الدولي  والبنك الدولي,وأدي ذلك إلي تقدم في المؤشرات الاقتصادية الكلية لكنه لم يكن تقدماً فعلياً حيث أن سياسات الانفتاح الاقتصادي أصابت المنتجين المحليين بخسائر فادحة وهو ما أدي إلي تراجع في الإنتاج والتصدير وارتفاع معدلات البطالة وزيادة معدلات الفقر.

 

قرض البرازيل من الصندوق عام 1998

مرت البرازيل بظروف اقتصادية سيئة قبل هذه الفترة،حيث عانت من التضخم الاقتصادي في الثمانينات والذي  تراوح نسبته 100% إلي 300%,وهو ما أدي إلي قيام الحكومة البرازيلية بتخفيض الإنفاق العام لكبح جماح التضخم، كما عانت البرازيل من عجز الحساب الجاري منذ عام1995 الذي وصلت نسبته إلي 4,2%من الناتج المحلي الإجمالي عام 1998م,واستنزفت البرازيل احتياطياتها لتمويل العجز حيث وصل مجموع الدين الخارجي للبرازيل في عام 1999م إلي 46% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاع معدلات البطالة إلي 14% عام 1998م, مقارنة بعام 1997م كان يقرب من 6%.

 

لذلك سارعت البرازيل بالتوجه إلى  صندوق النقد للحصول على قرض  ووافق  الصندوق حينها علي حزمة من القروض مقدارها 5,41 مليار دولار, وبذلك تمكنت من حماية عملتها من الانهيار بسبب الدعم الذي قدمه لها الصندوق في أواخر عام 1998.

 

وكانت البرازيل تسعي لتطبيق توصيات وسياسات وبرامج الإصلاح التي اقترحها الصندوق للخروج من أزمة المديونية الخارجية التي عانت منها معظم اقتصاديات الدول النامية في ثمانينات القرن العشرين.

 

الأوضاع الاقتصادية "1995 - 2002"

تولي كاردوسو رئاسة البرازيل في يناير 1995م حتى عام2002م, وقدم كاردوسو محاولات عديدة لإصلاح الاقتصاد البرازيلي.

 

  تعاظمت المشكلات الاقتصادية ومنها انخفاض قيمة الريال البرازيلي أمام الدولار وهو ما جعلها تضع خطة وإطلاق عملة جديدة أطلق عليها الريال وحددت قيمتها بواحد دولار, وكان هدف الخطة دمج الاقتصاد المحلي مع الاقتصاد العالمي, ونهج خطوات تحرير التجارة,وحققت الخطة نجاحات ملموسة أهمها الانخفاض الكبير في معدلات التضخم.

 

محاولات البرازيل للحصول على قرض 2003

حاولت الحكومة البرازيلية إنقاذ الاقتصاد البرازيلي في 2002 قبل انتخابات الرئاسة الجديدة واتخاذ خطوات للتصدي لانعدام الثقة, ولجأت إلي الصندوق طالبه قرض بقيمة 30 مليار دولار بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية,ووافق الصندوق لكنه اشترط منح القرض بعد الانتخابات في عام 2003 لتتضح سياسات الرئيس الجديد.

وتمكنت البرازيل من  تحقيق النمو ومعالجة الفقر والخروج من شبح الإفلاس في الفترة (2003-2010)  بدء لولا ولايته الانتخابية مكبلاً بالديون حيث تسلم البلاد وهي محملة بديون خارجية بلغت 260 مليار دولار وديون داخلية بنسبة 61% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي, لذلك تعهد لولا بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي اشترطها الصندوق.

 

للحصول علي قرض بقيمة 30 مليار دولار، قامت البرازيل بمجموعة من الخطوات وانتهجت سياسات معينة والتزمت بشروط الصندوق للحصول علي القرض بناء علي تعليمات صندوق النقد الدولي ومنها:

برنامج التقشف

 نفذت البرازيل برنامج التقشف وفقاً لخطة صندوق النقد الدولي بهدف سد عجز الموازنة والقضاء علي أزمة الثقة,وأعلن لولا أن البرنامج هو الحل الوحيد والأمثل لحل مشاكل الاقتصاد, وطلب دعم الطبقات الفقيرة,وأدي البرنامج إلي خفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد وساهم ذلك في القضاء علي أزمة الثقة في الاقتصاد البرازيلي, وبذلك يمكن القول أن اتباع سياسات التقشف أدت إلي استعادة الثقة في الاقتصاد البرازيلي ومن ثم زيادة الاستثمارات والإنتاج وتشجيع الصناعة والزراعة والسياحة وهو ما أدي لاتساع فرص العمل وزيادة الدخل للبرازيليين.

 

  تغيير سياسات الإقراض

 تم توفير سياسات ائتمانية, حيث تم تخفيض سعر الفائدة من 13,%إلي 8% وهو ما سهل الإقراض بالنسبة للمستثمرين الصغار ومن ثم تسهيل إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص عمل ورفع مستوي الطاقة الإنتاجية والنمو وهو ما ساهم في حل مشكلة الفقر حيث ازدادت دخول الأفراد بنسبة 68%.

 

الأوضاع الاقتصادية بعد القرض

في بدايات عام2006 أصبحت حالة الاقتصاد البرازيلي أكثر استقراراً مما كانت عليه في بداية 2001 ولم تعد البرازيل في حاجة إلي الاقتراض من صندوق النقد الدولي ولم يرتفع الدين العام في مقابل الناتج المحلي الإجمالي.

 

– سجلت البرازيل في عام 2005 أعلي معدل نمو اقتصادي لها منذ1995 حيث بلغ 4,9%.

– انخفضت معدلات البطالة في السنوات الأخيرة من 9.9% عام1999  إلي 9.3% عام 2004.

– انخفاض معدلات الفقر من9.9% عام 1990  إلي 5.7%عام 2003.

 - عملت البرازيل علي وضع خطة جديدة للفقر “1990-2015” تهدف إلي تخفيض عدد الأشخاص الذين يعيشون بدخل قومي أقل من دولار.

 - ارتفع نصيب الفرد من الدخل في البرازيل.


وأدات هذه السياسات إلي التحسن العام في الاقتصاد البرازيلي, حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.9% عام2004 م,وكان ذلك له أثر إيجابي علي سوق العمل ومستوي العمالة والدخل كما حدثت زيادة حقيقية في قيمة الحد الأدنى للأجور بنسبة 75%.

 

 وبعد ثماني سنوات من البرنامج الاقتصادي للبرازيل أصبح الصندوق مدين للبرازيل ب14 مليار دولار في عام 2009  بعد إن كان الصندوق يرفض إقراض البرازيل في نهاية 2002,وفي نهاية 2011 أعلنت البرازيل أنها أصبحت سادس أكبر اقتصاد علي مستوي العالم حيث حققت نمو بنسبة 2.7%,في الوقت الذي حققت فيه بريطانيا نمو بنسبة8.%, ويعد هذا نتيجة برنامج اقتصادي إصلاحي طموح شهدته البرازيل طوال 8سنوات وهي فترة حكم الرئيس لولا داسيلفا.