بقلم : سحر الجعارة
فى ظهور خاص للإعلامى الكبير "مفيد فوزى" ،من خلال برنامج "صبايا الخير" ، الذى أذيع مؤخرا على قناة "النهار" ، كادت جلسة المصالحة بينه وبين المخرج "عمر زهران" تتحول الى "صدام" ، حين أصر "زهران" أن يعرف سر هجوم "مفيد" على الشيخ "محمد متولى الشعراوى" فى برنامج "نظرة" الذى يقدمه الكاتب "حمدى رزق" .. على قناة "صدى البلد" .
"مفيد فوزى" كان قد أكد فى برنامج "نظرة" أن الشيخ "محمد متولي الشعراوي" مهد الطريق أمام الفكر المتطرف لكي يظهر ويتفشى في المجتمع المصري - على حد وصفه.. وأوضح "فوزي" أن الشيخ "الشعراوي" رحمه الله كان سبباً في ارتداء بعض الفنانات للحجاب، هو ما أسماه الإعلامي الكبير "تحريض" .. وألمح -أيضا- الى وجود "تمويل" وأموال دفعت للفنانات لإرتداء الحجاب.
المعروف أن الشيخ "الشعراوى" كان مفتيا للفنانات المحجبات، وهو السبب المباشر فى ارتداء الفنانة الكبيرة "شادية" للحجاب، وقد تولى وقتها الإفتاء فى كيفية تصرف الفنانات فى أموال الفن والثروات التى لديهن من العمل بالفن، وتقريبا كان "المرشد الروحى" لهن فى كل خطوة.
ولم يكن الحديث عن تلقى الفنانات أموالا لإرتداء الحجاب حكرا على فنانات "الشعراوى"، بل تردد أيضا قيام "زوجان من الوسط الفنى" بالوساطة وتوصيل "الدعم" للراغبات فى الحجاب!.
حجاب الفنانات بلا أدنى شك اتُخذ منصة للهجوم على الفن بكل أشكاله، ونشر فتاوى التكفير خاصة مع تحول بعض الفنانات الى "داعيات" دون أى ثقافة دينية تسمح لهن بذلك، وترددت أقاويل كثيرة حول أجور خيالية بالعملة الصعبة تتلقاها الفنانات نظير محاضراتهن وجولاتهن بدول الخليج وغيرها .
ولعل المشهد الشهير للفنانة "نبيلة عبيد" فى فيلم "كشف المستور" ، الذى وصفه الكاتب الكبير "وحيد حامد" بأنها دخلت "الدولة الجديدة" حين قابلت ما أصطلح على تسميته "فنانة تائبة" .. يؤكد ذلك المشهد أن "فوزى" لم يكن الوحيد الذى تعامل مع "هوجة حجاب الفنانات" بمنطق "التمويل" .
كانت عبارة "التوبة عن الفن" هى المدخل بالفعل لتمهيد الأرض للفكر المتطرف ، الذى انتشر مع الوقت ، وتحولت الفتاوى الى تحريم "الزواج والطلاق" على الشاشة، واتهام الفنانات بـ "الزنا" بسبب اللقطات العارية .. حتى وصلنا الى أسوأ مرحلة من الفكر التكفيرى الذى يغذى التنظيمات الإرهابية.
لم يسلم "مفيد فوزى" من الهجوم عليه ، بعد هذه التصريحات ، وقامت ثورة غضب فى الأوساط الدينية والشعبية ومواقع التواصل الاجتماعى ، مؤكدة تطاوله على قامة علمية مسلمة، بالإضافة إلى تدخله غير المبرر فى شأن ديني- إسلامى!.
ومع ازدياد حمى الهجوم على "فوزى" تقدم أحد المحامين ببلاغ للنائب العام، ضده، يتهمه فيه بازدراء الأديان .. ولعل هذا يفسر سبب تهرب "فوزى" من الرد على "عمر زهران" .. حيث ابتعد كل خصوم الإستنارة عما قاله "فوزى" وهو صحيح فى معظمه واعتبروا كلامه هجوما على "الحجاب"!.
الحقيقة لا أدرى كيف نحشر أنوفنا فى مناقشة كل أمر مسيحى، ويشرع مجلس النواب بأغلبيته المسلمة قانون "بناء الكنائس"، ويكتب معظمنا عن قضايا "الطلاق فى المسيحية" و أسلمة المسيحيين وعودة بعضهم لديانته الأولى ، وحتى عن تهجير الأقباط من "العريش" .. ثم نقول أن رأى "مفيد فوزى" فى الشيخ "الشعراوى" تدخل فى الشأن الدينى الإسلامى؟!.
فى وقت تجاوز فيه المجتمع قضية "الحجاب" ووصلنا الى "النقاب" وما يخفيه من عمليات إجرامية وإرهابية أقلها، هروب بعض المحكوم عليهم قضائيا من العدالة، هنا يصبح الحديث عما يسمى "الزى الشرعى" قضية مجتمعية يحق للجميع مناقشتها .. تماما كما ناقش المجتمع الأوروبى "ثورة البوركينى" اى الزى الشرعى للسباحة.
الغريب فى المزايدة على "تقديس الشعراوى" هو موقف الفنان "حسن يوسف" ، الذى هاجم بضراوة "مفيد فوزى" واتهمه بأنه مصاب بـ"فوبيا" الشعراوى، مبدياً اندهاشه وصدمته من تصريحاته، مضيفاً بقوله: (الشعراوى كان منتمياً لجماعة الإخوان، ولكنه انفصل عنهم لأنهم طلاب سلطة ومال) .. وتساءل الفنان قائلاً: كيف للشيخ الذى تعجب من تحريم البعض لأجهزة التلفاز والراديو أن يتم اتهامه بهذا الاتهام؟ هل يُعقل لمن رفض قيام ابنه بتحجيب ابنته فى سن الثامنة؟.
لقد نصب "حسن يوسف" من نفسه مدافعا عن "الشعراوى" لمجرد أنه قدم شخصيته على الشاشة، وكأن الشخصية أصبحت ملكه وتقمص "الشعراوى" فى الحياة تماما كما تتهم الفنانة بالزنا لظهورها فى مشهد به قبلات.
أو ربما لأن زوجته "شمس البارودى" من أوائل من اعتزلن، ومارسن دور "الداعية" .. إنه الخلط المتعمد بين الشاشة والواقع .. ودروشة الفن لخدمة "بيزنس الحجاب" .. الذى ينتشر ويتوغل فى الأزياء والأثاث وخلافه !.
"اقتصاديات الحجاب" ازدهرت بحجاب الفنانات، وهن أحرار قطعا، لكن هذا يفسر "الغضب المفتعل" و"الدفاع ولو بالتمثيل" عن كل من مهد الأرض لأفكار متطرفة كانت وستظل هى الأرض الخصبة للتطرف كما قال "مفيد فوزى" .