تعتبر تجارة "الروبابيكيا" من أكثر التجارات الرائجة بالمنٍاطق الشعبية والقديمة، والتي تتطلب مساحة من المخازن أو الأراضي الفارغة، للعمل بتلك المهنة التي تعد من أقدم المهن وأكثرها رواجاً وازدياداً عن باقي التجارات لكونها مربحة وتدير عائد جيدا لاصحاب هذا التجارة.
وتشتهر"عزبة أبو قرن" بمنطقة مصر القديمة بتلك التجارة لوجود مساحات شاسعة من مخازن الخردة، ولاعتماد قاطني تلك العزبة على هذه المهنة لكونها مصدر رزق أساسي لهمٍ واحد المهن الموروثة.
كواليس تجارة الخردة
على مشارف العزبة بالقرب من أحد المخازن الممتلئة بالخردة والروبابكية، يجلس صفوت عادل "تاجر" ليستلم من بائعي الروبابيكيا ويقوم بمحاسبته على الخردة وتحديد قيمتها، والذيٍ حدثنا قائلاً "العزبة هنا مشهورة بالخردة لأننا عندنا أكبر مخازن في مصر القديمة وأنا بقالي 30 سنة بتاجٍر في المهنة دية ومكسبها مش بطال على حسب الكمية ونوع الخردة بنحدد المكسب، واللي بيسترزقوا منها كتير"، لافتاً إلى أنه يقوم بجمع الخردة من حديد والألمونيوم وبلاستيٍك ونحاس ويقوم بتعبئتها لإعادة تدويرها في المصانع لاستخدامها والاستفادة منها مرة أخرى.
طرق تخزين الخردة
ويشير صفوت أنه يعتمد على عدد من العمال لتخزين الخردة، علاوة على التعامل مع بائعي الروبابيكيا الذين يقومون بشراء الخردة من المواطنين ومن ثم يقوموا بإيداعها في المخزن مقابل اليومية المتفق عليها، مشيراً إلى أن أغلب تجار الخردة يكون من أصحاب العائلات داخل العزبة ولديهم قدرة مادية وعدد من العمالة ليتمكنوا من إدارة المخازن للاستمرار في السوق وإدخال عائد مادي جيد.
هامش الربح
صفوت عادل قال إنه يقوم بمحاسبة بائع الخردة بالكيلو على حسب النوع والحالة، حيث يصل كيلو الباغ إلى 3 جنيهات وكيلو الحديد 2 جنيه والنحاس بجنيه ونصف الجنيه، حيث يصل تكلفة شراء الخردة في اليوم الواحد إلى 6 آلاف جنيه بحسب الكمية الواردة، ويصل صافي مكسبه في الأسبوع إلى 3 آلاف جنيه.
الخردة والأزمة الاقتصادية
بسؤاله عن أوضاع التجارة في ظل الأزمة الاقتصادية، أفاد بأن الحالة الاقتصادية أثرت بشكل كبير على تجارته وجعلت حركة البيع والشراء أقل عما كانت عليه في السابق، مضيفاً أنه يقوم بالصرف من مدخراته المالية للاستمرار في العمل ومحاولة تعويض أي خسائر مادية تعرض لها خلال الفترة الماضية، وبالرغم حدة الأزمة الاقتصادية إلا أن تلك التجارة تزداد بشكل كبير ويعمل بها الكثير من العمال حيث لا تطلب تلك التجارة رأس مال ضخم للٍدخول فيها.
دائرة الديون واستغلال أصحاب المخازن
"عاطف عيد" بائع الروبابكيا يقف بجوار عربته "الكارو" ليقوم بتسليم حصيلته اليومية من الخردة لتجار المخازن، والذي حدثنا قائلاً "أنا بلف طول النهار بالعربية عشان أخد من الناس الخردة والحاجات القديمة واسترزق منها وأسلمها للمخازن واخد اللي فيه النصيب"، موضحاً أنه هناك العديد من بائعي الروبابكيا يعملوا لدى أصحاب المخازن ولكن هناك البعض يقوم باستغلالهم من خلال منحهم أموال على شكل مصروفات أو إقراضهم لسد حاجاتهم أثناء الزواج أو غيرها من أمور، مما يجعلهم تحت طوعهم والعمل دون اجر لفترة طويلة سداداً للدين.
الحصيلة الشرائية
ويضيف "عاطف" أنه يقوم بشراء كيلو البلاستيك بـ2 جنيه والحديد بجنيه ونصف الجنيه، والنحاس بجنيه ويقوم بتسلمها إلى المخزن ويتراوح مكسبه في الكيلو الواحد ما بين جنيها إلى نصف جنيه، مشيراً إلى أنه يقوم بشراء الأدوات الكهربائية كالغسالة أو الثلاجة بتكلفة تصل إلى 200 جنيه، حيث يقوم بإصلاحها أو بيعها مرة أخرى ليحصل على هامش ربح يصل إلى 100 جنيه على حسب الزبون.
سد حاجاته الشخصية
ويوضح بائع الروبابكيا أن مصاريفه اليومية تشكل له عائق للعمل وتزيد من ديونه لدى التاجر، حيث يحتاج إلى مصروفات شخصية أو مصروفات لطعام حماره ليجوب بعربته كافة الشوارع لشراء الخردة، حيث يقوم بشراء تبن بحاولى 10 جنيه في اليوم وغيرها من مصروفات أخرى حتى يتمكن من مواصلة في العمل وسد ديونه والحصول على أي موارد مادية لسد حاجاته المعيشيةٍ بالقدر المستطاع.