قال الأستاذ عبد الله حسن وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة، إنه كان محظوظا حين ذهب إلى فرنسا عام 1996 مديرا لمكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في باريس حتى عام 2001.. مضيفا: "خمس سنوات كاملة قضيتها في عاصمة النور، كانت مليئة بالأحداث المهمة لعل أبرزها استضافة فرنسا لبطولة كأس العالم عام 1998، تطلع الفرنسيون للفوز بهذه البطولة لأول مرة في تاريخها منذ انطلقت في أوروجواي عام 1930، واستعدت فرنسا استعدادا جيدا لهذه البطولة ويراودها حلم الفوز بها لأول مرة"
وأضاف حسن - في حوار نشرته صحيفة (الأهرام العربي) - "كان منتخب فرنسا يضم مجموعة من اللاعبين البارزين، وكان اللاعب دي شان الذي يدرب المنتخب الفرنسي حاليا هو كابتن الفريق، وكان زين الدين زيدان النجم الأشهر للمنتخب ومعبود الجماهير، وكان مجرد ظهوره في أرض الملعب في مباريات الدوري الفرنسي كفيلة بأن تلهب مشاعر الآلاف في المدرجات ويهتفون باسمه (زوزو) ويرفعون صوره في كل مكان وعلقوا عليه الآمال في الفوز بالبطولة.
وتابع قائلا:- كما كان يضم المنتخب الفرنسي اللاعب هنري والذي يدرب منتخب بلجيكا حاليا وحقق نتائج رائعة معه في بطولة روسيا، وضم المنتخب الفرنسي اللاعب تيرام الذي عرف بسرعته العالية وحارس المرمى الشهير بارتيز ولى زارازو.. كان معظم لاعبي المنتخب الفرنسي من أصول إفريقية، إما ولدوا في فرنسا أو حصلوا على الجنسية الفرنسية واندمجوا في المجتمع الفرنسي لا فرق بينهم وبين الفرنسيين من أبوين وجدين فرنسيين وهذا ما يعكس عظمة فرنسا في تحقيق مبادئها التي قامت عليها الثورة الفرنسية عام 1789 وهي المساواة والحريّة والعدالة، لا مكان فيها للعنصرية والتفرقة بين البشر على أساس اللون أوالجنس أو العقيدة".
وتابع وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة: "حين ظهرت بعض الأصوات العنصرية في ذلك الوقت استنكرها الفرنسيون تماما ونددوا بها، وحين خرج جان مارى لو بن الزعيم السابق لحزب الجبهة اليميني المتطرف المعروف بعدائه للعرب والأفارقة وأصدر تصريحا استفزازيا قال فيه: إنه من العار أن يكون مستقبل فرنسا في كأس العالم بين أقدام لاعبين ليسوا من أصول فرنسية، قامت الدنيا عليه ولم تقعد وانتقدته الصحف الفرنسية بشدة ورد عليه الرئيس الفرنسي جاك شيراك بتصريح قوى قال فيه: إن فرنسا تفتخر بمنتخبها الذي يجمع كل الألوان، في إشارة للنجم زين الدين زيدان وهو من أصول جزائرية وباقي اللاعبين من أصول إِفريقية، ولاقى هذا التصريح للرئيس الفرنسي وقتئذ ردود أفعال إيجابية في مختلف الأوساط وواصل المنتخب الفرنسي استعداداته للمونديال، وهو يعلم أن وراءه الرئيس وملايين الفرنسيين يتطلعون إلى حلم الفوز بالكأس".
وأشار إلى أن المنتخب الفرنسي خاض مباريات كأس العالم بقوة وثقة حتى وصل إلى المباراة النهائية مع البرازيل، وكانت مباراة صعبة فالبرازيل حاملة اللقب عدة مرات، بينما لم تحصل فرنسا على الكأس من قبل، وفازت فرنسا على البرازيل بثلاثة أهداف للاشىء، سجل زين الدين زيدان هدفين واتجه ناحية الجماهير في استاد فرنسا يقبل العلم الفرنسي المطبوع على تي شيرت المنتخب وهو يبكي وتبكي معه الملايين من الفرحة، ويؤكد لهم حبه لفرنسا التي أعطته كل شيء، وكان لا بد أن يرد الجميل.
واستطرد: "شاهدنا الرئيس شيراك في المقصورة يقفز فرحا بفوز بلاده بكأس العالم لأول مرة، وسهر الملايين في شارع الشانزليزيه والميادين الكبرى في أنحاء فرنسا احتفالا بهذه المناسبة، وطاف اللاعبون في اليوم التالي في حافلة مكشوفة شارع الشانزليزيه.. والشوارع الرئيسية وسط طوفان من البشر، وفي اليوم التالي أقام الرئيس الفرنسي احتفالا رائعا للاعبي المنتخب وعائلاتهم في الحديقة الكبرى لقصر الإليزيه، وكنت سعيدا حين تلقيت دعوة لحضور هذا الاحتفال الرائع، وألقى شيراك كلمة أعرب فيها عن سعادته وسعادة الفرنسيين بهذا النصر الكبير وخاطب زوجات اللاعبين قائلا: لقد تحملتن فترة ابتعادهم عنكن لأكثر من شهر استعدادا لهذا اليوم وأنتن تستحقن التحية لهذه التضحيات".
وقال الأستاذ عبد الله حسن: "تذكرت هذه الأحداث التي مر عليها عشرون عاما وأنا أتابع المنتخب الفرنسي في المباراة النهائية في كأس العالم في موسكو مع كرواتيا وفوز فرنسا بالكأس للمرة الثانية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكسر البروتوكول ويرقص فرحا في المقصورة الرئيسية للاستاد بفوز فرنسا بالكأس، وقلت ما أشبه الليلة بالبارحة فالمنتخب الفرنسي يضم مجموعة كبيرة من اللاعبين الفرنسيين من أصول إفريقية ليظل دائما يضم جميع الألوان تأكيدا للمبادئ التي قامت من أجلها الثورة الفرنسية منذ أكثر من مائتي عام، ولعل ذلك هو سر عظمة فرنسا ".
وأضاف : " من محاسن المصادفات أن تفوز فرنسا بكأس العالم في اليوم التالي لاحتفالاتها بذكرى الثورة الفرنسية في 14 يوليو، وقد حضرت احتفال السفارة الفرنسية في القاهرة يوم السبت الماضي عشية المباراة تلبية لدعوة من السفير ستيفان روماتيه سفير فرنسا في القاهرة والسيدة حرمه حيث كانا في استقبال نحو ألفي مدعو في حديقة السفارة وصافحتهما، وقلت لهما تهنئتي لكما بفوز فرنسا غدا بالكأس للمرة الثانية وكنت قد حضرت المرة الأولى في باريس عام 1998.. وكان احتفال السفارة الفرنسية رائعا سادته روح التفاؤل والفرحة بالفوز بالكأس للمرة الثانية، وهو ما حققه المنتخب الفرنسي الذي يضم جميع الألوان في اليوم التالي عن استحقاق".