الجمعة 7 يونيو 2024

استضافة مصر لـ«التجمع الأفريقي» فرصة لجذب 50 مليار دولار من القارة السمراء.. وخبير اقتصادي: علاقاتنا مع الأفارقة متجذرة في التاريخ.. والملكة حتشبسوت أول «مستثمرة» بأفريقيا

تحقيقات6-8-2018 | 14:59

قال أبوبكر الديب،  الخبير في الشئون الاقتصادية، إن استضافة مصر للتجمع الأفريقي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والذي تأسس عام 1963، بهدف تعزيز وجود ممثلي الدول الأفريقية في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتنسيق وجهات نظرهم فيما يخص قضايا التنمية، ذات الأهمية الكبرى لأفريقيا، يمثل فرصة لإنعاش الاقتصاد المصري، وإنقاذ الجنيه.


وأضاف أنه يمثل أيضا تأكيدا لعمق العلاقات المصرية الأفريقية التي تشهد تطورا في السنوات الأخيرة بعد انضمام مصر لعضوية أكبر منطقة للتجارة الحرة بأفريقيا، طبقا لاتفاق دمج أكبر ثلاث تجمعات اقتصادية بالقارة وهو الاتفاق الذي شهدت توقيعه أيضا مدينة شرم الشيخ في عام 2015.


ولفت إلى أن مؤتمر التجمع يكشف أهمية دور القطاع الخاص في إحداث التنمية من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية الوفيرة بالقارة الأفريقية وخلق المزيد من فرص العمل، كما يتناول الحدث التحديات التي يواجهها القطاع الخاص في أغلب الدول الأفريقية لتعزيز استثمارات القطاع الخاص وريادة الأعمال، وخطط صندوق النقد والبنك الدوليين لإصلاح السياسات التنموية والاستثمارية والمالية المتمثلة في تدفق استثمارات القطاع الخاص من خلال تعديل جميع التشريعات التي من شأنها إعاقة حركة الاستثمارات الخاصة.

وأوضح أن الدول الأفريقية تمتلك إمكانيات وثروات طبيعية هائلة، وأنه يمكن لمصر جني مكاسب تصل إلى 60 مليار دولار، من فتح ذراعيها للقارة الأفريقية، سواء في الاستثمار بدولها، أو بجذب استثمارات الأفارقة إليها.

وطالب بتحرير تأشيرات الدخول والخروج عبر الحدود بين البلدان الأفريقية، لتسهيل حركة التجارة والاستثمار، داعيا الحكومة ورجال الأعمال إلى استغلال المؤتمر لتوطيد العلاقات مع دول أفريقيا وفتح آفاق استثمارية جديدة، بدلا من ترك الساحة فارغة لإسرائيل وغيرها.


وقال إن فكرة التكامل والاندماج بين التجمعات الاقتصادية الأفريقية، ترجع إلى خطة عمل لاجوس لعام 1980، ومعاهدة أبوجا لعام 1991، بهدف إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وفي عام 2005، بدأت الإرهاصات الأولى بين التجمعات الاقتصادية الثلاثة من أجل بحث سبل تعزيز الاندماج الاقتصادي والتجاري فيما بينهم، وخاصة بالنسبة لمجالات التجارة، الجمارك، وتنمية البنية التحتية والصناعة، ثم عقدت القمة الأولي للتجمعات الثلاثة بكمبالا في عام 2008، والقمة الثانية بجنوب أفريقيا في منتصف يونيو 2011، حيث بدء التفاوض لإنشاء سوق متكاملة من 26 دولة يستوعب حوالي 600 مليون نسمة.

وأوضح "الديب" أن التجمعات الاقتصادية الثلاثة تضم  26 دولة أفريقية هي: مصر، إثيوبيا، إريتريا، كينيا، مالاوي، موريشيوس، رواندا، سيشيل، السودان، ليبيا، جيبوتي، أوغندا، زامبيا، زيمبابوي ، وبوتسوانا، ليسوتو، ناميبيا، أنجولا، جنوب أفريقيا، سوازيلاند، تنزانيا، موزمبيق، بوروندي، جزر القمر، الكونغو الديمقراطية، ومدغشقر.

وقال إن دمج التكتلات الأفريقية في تكتل واحد سيمنح دول أفريقيا قوة أمام باقي الدول والمنظمات الدولية، مشيرا إلي أن القارة الأفريقية زاخرة بالخيرات، رغم ما نهب منها خلال فترة الاستعمار، ويتعين أن تستغل هذه الثروات الضخمة لصالح الشعوب الأفريقية.

وأوضح أن السوق الأفريقي كبير حيث يتخطى 600 مليون نسمة، وبالتالي فإن الاندماج سيعزز الصادرات ويعود بفائدة إيجابية على مصر وأفريقيا ، وسيزيد حجم التبادل التجاري بين مصر وأفريقيا.


وطالب بالتوصل إلى النمو المتواصل والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء وذلك عن طريق تشجيع هيكل إنتاج وتسويق متوازن ومتناسق، و دفع عجلة التنمية المشتركة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي وكذا التبني المشترك لسياسات الاقتصاد الكلي وبرامجه وذلك لرفع مستويات المعيشة السكانية وتشجيع العلاقات الحميمة بين الدول الأعضاء، و التعاون في خلق مناخ مواتي للاستثمار المحلي والأجنبي والعابر للحدود، و التعاون في تعزيز العلاقات بين السوق المشتركة وبقية دول العالم، والتعاون في مجال دفع مسيرة السلام والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء وذلك لتقوية أواصر التنمية الاقتصادية في المنطقة.

وأوضح الديب، أنه من أهم الصادرات المصرية إلى دول الكوميسا هي: منتجات الألمونيوم، الأدوية، المنتجات البترولية، السجاد والموكيت، السيراميك، المنتجات الغذائية، الأثاث، الأسمدة، المبيدات الحشرية، الأسمنت وحديد التسليح، الأرز، والمنسوجات، وأهم الواردات المصرية من دول الكوميسا، الشاي والبن، الكاكاو، البقول، التبغ، السمسم، الجلود الخام، مواد الدباغة، الخلاصات النباتية والعطرية، الإبل الحية ، ويتيح الانضمام لمجموعة الكوميسا العديد من الفرص الاقتصادية، على أساس أن هناك مجالات اقتصادية كثيرة للتعاون مع أفريقيا باعتبارها سوقاً مناسبة للإنتاج المصري، كما أنها مورد خصب لكثير من الخامات إلى جانب ما تملكه من فرص للتوسع الزراعي.

ففي مجال الصناعة، أكد "الديب" أن العضوية في الكوميسا تتيح الفرصة للسلع الصناعية المصرية أن تدخل لأسواق الدول الأعضاء، وحصولها على تخفيضات جمركية ودخولها معفاة من الرسوم الجمركية لأسواق المجموعة، إلى جانب تمتع هذه السلع بمزايا نسبية مقارنة بدول أخرى، إضافة إلى ذلك فإن حق أنشاء الشركات الذي يتيحه ميثاق الكوميسا يُعد حافزاً لأي مستثمر مصري أن يقيم شركة باسمه أو بالمشاركة مع أحد رجال الأعمال في هذه الدول وأن يتمتع بالإعفاءات الممنوحة للاستثمارات فيها، وقامت بعض الشركات المصرية بفتح فروع لها في هذه الدول مثل شركات تصنيع الألمونيوم والأدوات المنزلية والآلات الكهربائية، الأمر الذي أعطى السلع الصناعية المصرية مركز تنافسي أفضل في أسواق هذه الدول.

وفي مجال الزراعة، لفت إلى أن العديد من دول المجموعة أبدت رغبتها في الاستفادة من الخبرة المصرية في مجال الزراعة، حيث تقدمت العديد من دول الكوميسا بطلبات إلى مصر لإقامة مزارع نموذجية بها تتراوح مساحتها ما بين 2000 إلى 20 ألف فدان، تتوافر بها البنية الأساسية للزراعة وموارد المياه، ويمكن لهذه المزارع أن تستوعب أعداد كبيرة من العمالة المصرية، كما يمكن أن تمثل مصدر رخيص لواردات مصر الزراعية، وفي مجال المقاولات: تتمتع شركات المقاولات المصرية بخبرة واسعة في الأسواق الأفريقية، وهو ما أتاح الفرصة لهذه الشركات في تطوير البنية الأساسية لمعظم دول المجموعة، إضافة إلى ذلك توجد مشروعات للربط الكهربائي بين هذه الدول ومصر، أما  في مجال الخبرة والدعم الفني فيلعب الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا دوراً هاماً، حيث يقوم بتوفير الخبرات المصرية اللازمة للمشروعات التنموية في أفريقيا، كما يقوم بعمل دورات تدريبية للكوادر الأفريقية من هذه الدول، كذلك تقوم مصر بتقديم بعض المعونات الفنية لهذه الدول سواء في صورة منح دراسية لبعض أبناء هذه الدول.

وقال إن علاقة مصر بأفريقيا بدأت منذ عام 1503 ق.م ، وتجسد ذلك في رحلات قدماء المصريين إلى بلاد "بونت"، وهي في رأي الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى، وأشار إلى أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وبين القبائل النيلوتية فى أعالى النيل وفى محور شمال أفريقيا وإن الملكة حتشبسوت، التى حكمت من عام 1503 إلى 1482 ق.م ، أرسلت في العام السادس أو السابع من حكمها خمس سفن ضخمة إلى بلاد بونت أرض البخور لإحضار منتجات تلك البلاد إلى مصر تحت قيادة القائد نحسي، وقد بدأت رحلتها من أحد موانئ البحر الأحمر قرب وادي الجاسوس بالصحراء الشرقية وشملت رحلاتها دراسة ثروات بلاد بونت.