بقلم – خالد ناجح
يبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى زيارة هى الأهم بين زياراته الخارجية لأمريكا بعد انقطاع لأكثر من ٨ سنوات من الزيارات الثنائية بين رؤساء البلدين، تلبية لدعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتعزيز العلاقات بين الدولتين.
زيارة السيسى المرتقبة لأمريكا ستكون شديدة الأهمية، خاصة أنها أول زيارة رسمية لرئيس مصرى إلى الولايات المتحدة منذ عام ٢٠٠٤، تُجرى فى إطار اللقاءات الثنائية، ولما تتضمنه من ملفات على رأسها مكافحة الإرهاب والمعونة العسكرية والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
يجرى الرئيسان مباحثات مهمة بالبيت الأبيض، لتعزيز العلاقات الثنائية، والتشاور فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية، الرئيس السيسى يزور البيت الأبيض فى العاصمة واشنطن بعد أن اقتصرت زياراته إلى الولايات المتحدة خلال الثلاث سنوات الماضية، على نيويورك، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فقط فى أول زيارة رسمية للرئيس السيسى للبيت الأبيض منذ توليه السلطة فى يونيو ٢٠١٤.
العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية شديدة الأهمية، ولكن يجب أن تُدار بقدر كبير من الحرفية والحذر الشديد، فى ظل القيادة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب، خاصة أن مصر ستذهب لأمريكا هذه المرة برسالة مختلفة وبقرار مستقل، فالجلوس هنا بين الشريكين وليس شيئًا آخر قبل ذلك، وهنا لابد أن نرجع لكلام الرئيس نفسه الذى قال إن سياسات سابقيه غير ملزمة له فى التعامل مع الدول الأخرى.
وتمثل الزيارة أهمية كبرى على الصعيدين الاقتصادى والسياسى، فالولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر شريك اقتصادى لمصر منذ أواخر حقبة السبعينيات وتحتل مصر المرتبة الـ٥٢ فى قائمة أهم شركاء للولايات المتحدة التجاريين.
العلاقات الدولية قائمة على المصالح المشتركة، ونقطة الالتقاء بين مصر وأمريكا تتمثل فى مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادى والعسكري، ولكن يجب أن تقام على شيء من الحذر لتعظيم المكاسب وتصحيح أخطاء الإدارة السابقة تجاه مصر، فمصر ليست لديها مخاوف من إدارة ترامب، لاسيما أن الأخير رحب بنهج مصر وطريقتها فى مكافحة الإرهاب، خاصة أنه لا يوجد خلافات أو مشاكل تعوق العلاقات بين الدولتين إلا فيما يتعلق بملف الحريات وسيكون محل نقاش، والرئيس قادر على إصلاح الصورة التى صدرتها لهم منظمات تابعة للجماعة الإرهابية.
زيارة السيسى لأمريكا ستضيف جداول أعمال جديدة فى العلاقات المصرية الأمريكية، وإعادة ترتيبها لتكوين شراكة جديدة على رأسها مكافحة الإرهاب، والدور المصرى الذين يمكن أن تلعبه فى الإقليم، خاصة بعدما شهدت الفترة الماضية عودة الدفء للعلاقات المصرية الأمريكية التى بدأت مع استئناف الحوار الإستراتيجى المصرى الأمريكى على مستوى وزراء الخارجية بين مصر والولايات المتحدة لأول مرة منذ عام ٢٠٠٩، بالإضافة إلى زيارات وفود الكونجرس الأمريكى الأخير لمصر خلال العام الجارى وترحيب واشنطن بجهود مصر لتبنى حزمة إصلاحات اقتصادية مهمة بدعم من صندوق النقد الدولى، بجانب الاتصالات المتبادلة بين الرئيسين السيسى والأمريكى الجديد دونالد ترامب..
الزيارة المهمة للسيسى لأمريكا ستعزز العلاقات الثنائية بين الدولتين وتفتح مجالات التعاون بينهما، فى مقدمتها الحصول على تأييد الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدتها فى الحرب على الإرهاب، وأمل فى أن تخرج واشنطن برسالة واضحة بعد انتهاء الزيارة تعلن فيها دعمها لمصر فى حربها على الإرهاب.
الزيارة ستتيح لمصر توضيح موقفها من استئناف مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل، والتأكيد على أنه لا سبيل لتحقيق السلام بينهما إلا عن طريق حل الدولتين، والتوقف عن عملية الاستيطان التى تعوق الوصول إلى هذا الحل.
بالطبع سيناقش الرئيس الأزمات فى الشرق الأوسط وستكون حاضرة فى المناقشات ليبيا وسوريا واليمن وغيرها من مشكلات الشرق الأوسط والتى سيكون لمصر رأى فى كيفية حلحلة هذه المشكلات وعدم تفاقم الوضع فى الشرق الأوسط.
لابد من التحسب والوضع فى الاعتبار أن الزيارة لن تخلو من المنغصات، خاصة أن الجماعة الإرهابية تعد العدة للحشد لـ «الشوشرة» على زيارة الرئيس والتغطية على نجاح الزيارة، خاصة بعد الأنباء عن قانون يجعل منها منظمة إرهابية، لكن أعتقد أن الزيارة ستكون فرصة لمصر مستقلة القرار فى الجلوس مع شريك مهم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.