السبت 1 يونيو 2024

نعم لحرية الصحافة ولكن..

25-3-2017 | 10:48

بقلم : إقبال بركة

حرية الصحافة عنصر أساسي للديمقراطية، ولكنها يجب أن تكون مقرونة بالمسؤولية الذاتية والجماعية، فلا تخضع لأهواء الكاتب أو نزعاته الشخصية أو استغلال الصحيفة لتصفية حسابات أو لإبتزاز أو للانتقام من فرد أو جهة.

أكتب هذا المقال قبل أيام قليلة من إعادة الانتخابات بنقابة الصحفين التى قوطعت فى الجمعية العمومية السابقة، ومن قبل أن أعرف نتيجة الإعادة وهل تمسكَ جموع الصحفين بحقهم فى نقابة تخدم المهنة وتعلى شأنها وتمهد الطريق أمام المتعلقن بأهدابها من كتاب ومفكرين وأدباء، لأداء واجباتهم فى خدمة البلد، أم انحازوا لتطلعات حفنة من البعض الذين رأوا فى النقابة سبيلا للشهرة وتحقيق الأحام الشخصية على حساب  سمعة المهنة وشعبيتها وع اقاتها بمؤسسات الدولة ؟!

أيا كان اختيار الناخبين، فلابد أن نقر بأهمية الصحافة الحرة لأى مجتمع يسعى للنمو واللحاق بركب الحضارة وتمهيد الفرص للمواهب الشابة والأدباء والمفكرين للتعبير عن أفكارهم وأحلامهم وتداول الأفكار المتعددة واحترام الخلافات بينهم فى عصر شديد الاضطراب.

لقد مرت الصحافة المصرية بطريق وعر طويل ولابد أن نذكر معاناة العديد من الصحفين الذين ذاقوا مرارة التشريد والاعتقال والنفى والمحاكمة لأنهم عارضوا السلطة فى وقتهم ابتداء من نفى الشيخ محمد عبده رئيس التحرير واعتقال سعد زغلول وتشريد بقية محرري الوقائع المصرية عام 1881 بسبب تأييدهم ثورة عرابى مرورا بعبد الله النديم والعقاد حتى اعتقال محمد حسن ن هيكل وعشرات الكتاب فى عهد السادات. ومن قبل ذلك كان الخديوى إسماعيل يغلق أى صحيفة تعارضه على الرغم من رغبته الشديدة فى تقليد الغرب وادعاء التحرر.

ولاسبيل لإنكار أن الصحافة لن تنتعش وتحقق اهدافها بدون حرية التعبير فى مجتمع يتقبلها ويحترم كتابها ويثق فى مصدقياتهم رغم كل ما يلاقونه من عنت ورقابة وتضييق ومحاكمات واغلاق صحف. ولكم

انشغلت أقلام بمناقشة هذه الأمور دون أن تتوقف عند السؤال المحورى : ماهى حدود حرية الصحافة ومسئولية الصحفى ؟

فى ظنى أن الأحداث التى عانت منها نقابة الصحفيين فى الآونة الأخيرا استوجبت على المهمومن بقضايا الحرية وحقوق الإنسان أن يتوقفوا أمام عدة أسئلة : ماهى حدود حرية الصحافة ؟ وهل من حق الصحفى أن يتستر على مطلوبن للعدالة ويقاوم السلطات التى تنفذ أوامر ضبطهم وإحضارهم حتى وإن كانوا من غير أعضاء النقابة ؟ هل من حق الصحيفة الدفاع عن الحرية الجنسية ، أو الشذوذ الجنسي، أو نشر ما يسىء للرسل فى مجتمع نصفه من الأمين؟!! هل من مصلحتنا اليوم وفى ظل حصار ضارى من قوى معادية وأخرى منافقة أن ننشغل بالصراع بن مؤسسات الدولة وسلطاتها وبين الصحافة ؟

وأخيرا: هل من حق الصحفى أو أى كاتب فى صحيفة أو مدونة أن يوجه ألفاظا نابية يعاقب عليها القانون لرئيس الدولة أو أى مسئول ؟

 لاشك أن نقد سياسات أى شخصية عامة ابتداء من رئيس الدولة حتى المواطن البسيط، أمر مقبول بل إنه  ضرورى فى أحيان كثيرة، فا أحد، مهما كانت أهميته، يمكن استثنائه من التعرض للنقد، إذا كنا جادين فى السعى لتحقيق ديموقراطية حقيقية .

 نعم ، حرية الصحافة عنصر أساسي للديمقراطية، ولكنها يجب أن تكون مقرونة بالمسؤولية الذاتية والجماعية، فا تخضع لأهواء الكاتب أو نزعاته الشخصية أو استغلال الصحيفة لتصفية حسابات أو لإبتزاز أو للانتقام من فرد أو جهة. إن تجاهل هذه الشروط يسبب الإساءة لحق التعبير ويمهد الفرص للانقضاض والتنكيل من قبل قوى التخلف وأباطرة الفساد ويمنحهم المبرر للمزيد من القمع وتكميم الأفواه.