الأحد 28 ابريل 2024

تدعو مجلس النواب لتعديل تشريعى عاجل .. أم السجينات نوال مصطفى : سأناضل لإلغاء سجن الغارمات

25-3-2017 | 10:54

حوار : محمد عبدالعال

عانى المجتمع المصرى على مدى سنوات طويلة من مشاكل متعددة كانت للصحافة الدور الأبرز فى الكشف عنها، وهنا تأتى تجربة الكاتبة والأديبة نوال مصطفى واحدة من أبرز التجارب الناجحة التى يحتذى بها فى مجال العمل العام التطوعى بعد إلقائها الضوء على أطفال السجينات عام 1990 وإنشاء جمعية تهتم برعايتهم، فلم تكن زيارتها لسجن النساء بالقناطر لإجراء تحقيق زيارة عادية بل جاءت لتغير حياتها وآلاف من الأطفال على مدى أكثر من عشرين عاما، وجاء حرصها على حل مشكلات "سجينات الفقر" لتستحق بجدارة لقب "أم السجينات".

الكاتبة والأديبة نوال مصطفى تتحدث عن بدايتها الصحفية واهتمامها بقضايا السجينات وأطفالهن، وكيف سخرت قلمها وكتاباتها لخدمة تلك القضية..

كيف بدأت فكرة إنشاء جمعية أطفال السجينات؟

كنت فى زيارة لسجن القناطر لإجراء تحقيق صحفى عن ثاث نساء لبنانيات حكم عليهن بالإعدام بتهمة جلب مخدر الهيروين، وكانت المرة الأولى التى يطبق فيها حكم الإعدام على نساء فى تلك الجريمة، وكنت أسعى وراء سبق صحفى وإجراء تحقيق مختلف، وعند خروجى من السجن رأيت أطفالا صغارا فى الفناء، فلم أكن أعلم أن هناك أطفالا يولدون فى السجن ويمكثون فيه لأن اللائحة تسمح لأم أن تحتفظ بطفلها عامن رحمة بها ووفقا للشريعة التى تنص على أن ترضع الأم طفلها عامن، فكان رؤية الأطفال فى السجن صدمة قاسية بالنسبة لي، فذهبت إلى مصلحة السجون مرة أخرى واستخرجت تصريحا طلبت من خلاله زيارة الأطفال وعملت على تدشن حملة كانت الأولى من نوعها وسميتها «أبرياء فى سجن النساء » تهدف إلى إدخال بعض المساعدات مثل الألبان والبطاطين للأطفال، ففى جميع الأحوال هؤلاء الأطفال أبرياء مهما كانت جرائم أمهاتهم، وأحسست أنهم مسئولون منى، فخرجت من قالب الصحفية وسخرت قلمى لتلك القضية التى قادتنى لها الصدفة، وكان السؤال الذى يدور فى ذهنى: ماذا سنفعل لهؤلاء الأطفال؟، وتحمست لفكرة إنشاء جمعية تحت مسمى «أطفال السجينات » وساعدنى فى ذلك عدد من القراء الذين سعوا لاستخراج تراخيص الجمعية من وزارة الشئون الاجتماعية لأننى لم أكن أعلم شيئا عن إجراءات إنشاء الجمعيات، وللمفارقة الغريبة أن أول إشهار للجمعية كان عن طريق مؤسسة «أخبار اليوم » لأن الجمعية لم يكن لها مقر بل كانت فكرة فقط وبعد موافقة رئيس مجلس إدارة الأخبار وقتها الكاتب سعيد سنبل الذى تحمس للفكرة تحولت إلى حقيقة.

ما التطورات التى مرت بها الجمعية منذ نشأتها إلى الآن؟

بدأت بمفردى ومعى مجموعة من المتبرعين والمساعدين من القراء، فلم يكن أحد يعلم أن هناك أطفالا فى الزنزانة ولكن بعد تلك الحملة وإنشاء الجمعية أقدم الكثير على التبرع بالأدوية للأطفال والبطاطن، وواجهت بعض الصعوبات لإدخال تلك المساعدات بسبب الإجراءات الأمنية المشددة ولكن سرعان ما تغلبنا عليها بالتعاون مع وزارة الداخلية، كما عملنا على استخراج شهادات مياد للأطفال وتوفير أطعمة لهم من خال ميزانية مخصصة من قبل الوزارة.

حملة «سجينات الفقر » كانت نقطة التحول الثانى فى مسار حياتك وعمل الجمعية فكيف حدث ذلك؟

اكتشفت من خال زياراتى الشهرية لعنبر أمهات الأطفال أن هناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن أطفال السجينات وهى وجود عدد كبير من هؤلاء الأمهات سجينات بسبب إيصالات الأمانة، ومن هنا بدأت حملتى الثانية «سجينات الفقر » التى اكتسبت شعبية أكبر من «أطفال السجينات »، فكل الجمعيات الكبيرة والصغيرة سلكت مسلكنا نفسه، فكان أول إفراج عن سجينات فقر عام 2007 عن طريق جمعية «أطفال السجينات » حيث تم دفع مبلغ 8000 جنيه لإحدى الغارمات التى كانت ضامنة لوالدها فى تجهيز أختها والذى توفى قبل أن يسدد ثمن الجهاز فى الوقت الذى تخلت فيه عنها أختها التى سجنت من أجلها، ولا شك أن قسوة المجتمع والنظرة المتخلفة هى التى تجعل الجميع يتخلى عن هؤلاء الضحايا لكن الحمد لله الآن تنبه المجتمع بأكمله إلى تلك الظاهرة، ويشرفنى أننى كنت الشرارة الأولى لانطاق تلك المبادرات.

ما الهدف من تدشن حملة «حياة جديدة » وماذا حققت؟

هذا المشروع يهدف إلى إنقاذ سجينات الفقر من خطر العودة إلى نظام السجون بالعمل على تمكينهن وتحسن أوضاعهن الاجتماعية والنفسية من خلال تدريبهن قبل الخروج من السجن بعدة أسابيع على بعض الحرف اليدوية وتنظيم عدة لقاءات تجمعهن مع أساتذة علم نفس لجعلهن أكثر قدرة على مواجهة المجتمع.

هل تأملين فى تعديل القوانن التى تعاقب الغارمات بالسجن؟

نظمت الجمعية مائدة مستديرة لإطاق «التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون »، وقد تم طرح أربعة نصوص قانونية بعضها يحتاج إلى الإلغاء والآخر إلى التعديل، فعلى سبيل المثال يجب أن يتوافر فى إيصال الأمانة وجود ثلاثة أشخاص ويكون صاحبه حافظا للمبلغ المالى على سبيل الأمانة وليس كما يحدث الآن، ومن الممكن أن تكون هناك أشكال أخرى لحفظ المبلغ المالى للتجار بخاف الإيصال من خلال تشغيل الغارمة بقيمته لديهم أو تقسيط المبلغ وهذا ما نسعى لترجمته إلى قانون داخل مجلس النواب، بجانب بدائل للسجن وسداد قيمة المبالغ للتجار مع منعهم من تحصيل الإيصالات بالقانون.

هل تتواصل الجمعية مع المنظمات المهتمة بشئون المرأة فى مصر و العالم؟

يعمل «التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون » على تغيير القوانن المجحفة للمرأة والتى تتسبب فى سجنها وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن والمجلس القومى للمرأة ومؤسسة حياة ومؤسسة أشوكا للإبداع الاجتماعى التى أتاحت لى الفرصة للتعرف على مختلف المؤسسات التى تعمل فى نفس المجال والطرق التى يستخدمونها، وعند زيارتى العاصمة الأسبانية مدريد ساعدتنى المؤسسة فى استخراج تصريح لزيارة سجن مخصص لأمهات الأطفال حيث وجدت أن لكل سجينة غرفة بها سرير لها وسرير لطفلها مع منحها رخصة لاصطحاب طفلها إلى المدرسة بشرط حسن استخدام تلك الرخصة.

ما الجهود التى تبذلينها لتغيير نظرة المجتمع لأم السجينة والغارمة وأطفالها؟

يتبنى الفنانون والأدباء فى العالم أجمع قضايا مجتمعية، وقد سخرت قلمى ومقالاتى لقضية أطفال السجينات والغارمات وأنشأت مجلة «عيون المستقبل » التى كانت تصدر شهريا قبل ثورة يناير لكن نتيجة للظروف الاقتصادية اقتصر إصدارها على مرتن سنويا بخاف الموقع الإلكترونى الخاص بالجمعية الذى يتحدث عن جميع الأنشطة الخاصة بها، كما بدأنا مؤخرا استخدام الفن والأفام الوثائقية لتوصيل الفكرة لأكبر عدد من أفراد المجتمع.

رصد فيلم «سجن الوصمة » حياة السجينات ومشكلاتهن.. فماذا عن فكرة الفيلم وتفاصيله؟

حاولنا استخدام الأفام الوثائقية لإيصال رسالتنا، ففيلم «البراءة فى زنزانة » يتناول مسيرة قضية أطفال السجينات الذين يولدون ويعيشون أول عامين فى حياتهم وسط المجرمين، وقد عرض «سجن الوصمة » فى مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة الذى اختتمت فعالياته مؤخرا ويتناول الفيلم «الوصمة » التى تلحق بالسجينة بعد خروجها وتكون حائا بينها وأى فرصة لحياة جديدة أو الحصول على مصدر رزق شريف، ويجسد الفيلم تجربتى على مدار عشرين عاما مع السجينات فى عشرين دقيقة، كما عرض الفيلم فى مركز الهناجر بحضور عدد من الفنانين والشخصيات العامة مثل: إلهام شاهين وخالد يوسف والكاتبة الصحفية ماجدة محمود رئيسة تحرير مجلة حواء وكان رد الفعل على عرض الفيلم أكثر من رائع.

ما الصعوبات التى واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟

الإجراءت الأمنية، والحصول على موافقة الجهات المسئولة والسيدات أنفسهن فمنهن من رفضت ومنهن من وافقت على سرد وتوثيق تجربتها داخل السجن والأسباب التى أوصلتها إلى هذا المكان، فمواجهة السجينات للمجتمع من خال تسجيل الفيلم يعنى أنهن ليس لديهن ما يخجلن منه بل يؤكد نجاحهن فى تجاوز عقبة مواجهة المجتمع بالظهور فى فيلم «سجن الوصمة »، وهذا الجانب ترك أثرا كبيرا فى نفس السجينات ممن اشتركن فى الفيلم، وهناك فيلم درامى آخر لم يعرض بعد وهو «طفل فى الزنزانة .»

تشارك جمعيتكم فى مسابقة «صناع الأمل » هذا العام، حدثينا عن ذلك؟

تهتم هذه المسابقة بالنماذج المضيئة فى أنحاء عالمنا العربى وهى تجربة تستحق أن نشارك فيها لإبراز دور جمعيتنا وما تقدمه من جهود لخدمة المرأة والطفل فى مصر.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa