درب المهابيل أحد المناطق الشعبية القديمة بمحيط العتبة؛ ذات تاريخ حافل بحكايات، وتراث يخلد ذكرى مباني تحمل عبق التاريخ وأصالة أهلها، الذين ولدوا وتربوا بداخلها ليمجدوا ذكرى تلك المنطقة، التى تعيش فى تقلبات الزمن وتغيراته الحديثة، لذا قامت " الهلال اليوم" بجولة ميدانية لتكشف قصصا مثيرة حول أكثر المناطق شهرة بالقاهرة؛ والتعرف على سر تسميتها بهذا الاسم، وأبرز المهن التي كانت يعمل بها سكان هذه المنطقة.
يجلس الحاج أحمد رخا ذو الـ 70 عاماً متكئاً على كرسيه أمام مصنعه العتيق، لتصنيع الكنافة؛ ليروي حكاية الدرب، قائلاً " درب المهابيل عمره ،أكتر من 1200 سنة من أيام المماليك، وهناك حجج بيوت عمرها 500 سنة، والمنطقة كانت من أرقى الشوارع فى القاهرة، لأن السلاطين أو الولاة، كانوا يمرون منها للقلعة كما كان يسكنها المشاهير، بس طبعا الزمن بيغير كل حاجة " ، لافتاً إلى أنه تم تسمية تلك المنطقة بدرب المهابيل؛ لانتشار المجاذيب والدراويش بها، الذين كانوا يصاحبون الوالي للاحتفاء به عند مروره بالدرب، حتى وصوله إلى القلعة لهذا أطلق عليها هذا الاسم .
قصة الدرب
ويوضح إنه كان يوجد بالدرب العديد من محال البوظة، والبارات التي كان يلجأ إليها عامة الشعب؛ ليتسامروا ويتناولوا الكحوليات. وكان أصحاب تلك المحال، من أصول سودانية فى ذلك الوقت، من ثم تحولت محال البوظة إلى أمكان لبيع وتصنيع الموبيليا فى متنصف الخمسينيات؛ حتى اتجهت أغلب المحلات إلى بيع الأجهزة الكهربائية خلال 15 سنة الماضية لمواكبة العصر.
محال البوظة والموبيليا
ويتابع رخا حديثه قائلا: " الحال بقى غير الحال، وزمان كان عندنا طاحونة عمرها 200 سنة، وكان الفنان على الكسار عايش فى الدرب، ولسه بيته موجود، وكان عندنا أقدم دار سينما فى مصر، اسمها “أولومبيا”، كانت المنطقة متحضرة رغم إنها شعبية، بس الزحف التجاري سيطر عليها ومابقتش زي الأول"، مشيراً إلى أنه لاتزال المنطقة محافظة على عبقها الشعبي الأصيل، كاحترم الكبير وطاعته، واللجوء إليه لحل المشاكل أو المشاجرات التى تنشب بين الجيران، كما أن الأجيال الحالية ورثت هذا الأمر من الكبار لتحافظ على تراث شعبي والألفة فيما بينهم .
التراث الشعبي
ويضيف " لسه المنطقة على طابعها فى الشهامة والجدعنة وأصالة أولاد البلد اللي ماعدتش موجودة فى أغلب المناطق بالذات الجديدة، الناس هنا بتحب بعض ومتربية مع بعض فى الحلوة والمرة ، وهنا الكبير فى السن ليه كلمة والاحترام موجود وده بنزرعه فى أولادنا وأحفادنا عشان نحافظ على التراث الأصيل بتاعنا من انه يتشوه".
الإهمال وغياب المسئولين
ويفيد "أحمد" بأن المنطقة تعاني من إهمال شديد فى المباني وأن حي الموسكي يتقاعس عن أداء دوره، رغم كون تلك المنطقة أثرية، إلا أن أهالي المنطقة هم الذين يرممون المباني وتغيير الإنارة بجهود ذاتية، لافتاً إلى أن بيت الفنان علي الكسار يعاني من إهمال شديد، حتى بات آيلا للسقوط ، فى ظل غياب وزارة الآثار التى من المفترض تمنح تلك المنطقة أهمية لتحمى التراث الذي خلفه الأجداد لنفتخر به ونحافظ عليه.
شكاوى ومطالب
ويشتكي صاحب مصنع الكنافة من عدم دخول الغاز الطبيعي بمربع درب المهابيل ، رغم استيفاء جميع الأوارق والتراخيص المطلوبة، مما يضطر أهالي المنطقة لشراء الأنابيب بأسعار، غالية تفوق قدراتهم المادية البسيطة، مشيراً إلى أنه لم ير أيا من نواب المنطقة كما كان يحدث فى السابق من النواب السابقين.
السعادة والظروف الصعبة
وعلى بعد عدة أمتار يقف مجموعة من الصبية يلهون داخل الدرب معبرين عن حبهم لتلك المنطقة مفتخرين بتاريخها الأصيل، موضحين أن الدرب جزء منهم وأنهم ولدوا وتربوا فيه وأنهم يشعرون بأصولهم القديمة الموروثة من الآباء والأجداد رغم ظروفهم المادية الصعبة ولكن ينعمون بالسعادة ؛ لأنهم يعيشون بالدرب .