الخميس 9 مايو 2024

قضية الطلاق في الدراما المصرية

28-3-2017 | 09:22

كتب : ناصر جابر

خلال الايام الماضية شغلت قضية الطلاق الشفهي والطلاق على يد المأذون الرأي العام وكانت مادة خصبة لجميع الفضائيات وبرامج «التوك شو» ولانها قضية شائكة وتلعب دورا رئيسا في البنية الاجتماعية لأي مجتمع شرقي والاسرة المصرية بالذات وحتى الآن لم يسدل الستار على هذه القضية .

ولان الدراما المصرية سواء «سينما أو تليفزيون» أولت اهتماما كبيرا بقضية الطلاق الذي تكون فيه المرأة كثيرا مجنيا عليها ونادرة هي الجانية وطرحت الدراما بكافة انواعها كيف ينظر المجتمع ويتعامل مع المرأة المطلقة لدرجة أن العديد من الافلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية حملت عنوانها كلمة الطلاق مثل أسفة ارفض الطلاق والبعض يذهب الى المأذون مرتين وطلاق على ورق سيلوفان وإنذار بالطاعة بطولة ليلى علوى ومحمود حميدة وأفواه وأرانب بطولة فاتن حمامة ومحمود ياسين وفريد شوقي

أريد حلا

الفيلم الذى واجه المجتمع والقانون ورأس السلطة بإجحاف قانون الأحوال الشخصية .. وكان السبب فى صدور قانون 44 لعام 1979

لأنها الملقبة عن حق وجدارة برائدة سينما المرأة، فهذا ثالث فيلم تقوم ببطولته «فاتن حمامة» ضمن قائمة أفلام تيار السينما النسوية، التى نالت ترشيح مصر لمسابقة «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي فى عام 1975الفيلم قصة للكاتبة الصحفية حُسن شاه، إخراج سعيد مرزوق.

أريد حلاً هو أحد أكثر الأفلام دلالة على دور السينما فى التعبير عن الواقع، والقدرة على تغييره، فقد كان سببًا فى تعديل قانون الأحوال الشخصية، بعد أن عرض قصة امرأة تدعى «درية» «فاتن حمامة» المتزوجة من رجل تقوده الشهوة والأنانية، وبعد تأزم الأمور إلى أقصى درجاتها، تطلب الطلاق لكنه يرفض متعجرفًا، فتضطر للجوء إلى المحكمة ورفع دعوى طلاق، لكن فى غياهب القانون الظالم، يتبدد الأمل فى الخلاص، خاصة بعد أن يتمكن الزوج من طلبها فى بيت الطاعة لإذلالها، ينتهى الفيلم بمشهد تجهش فيه «درية» بالبكاء بعد خسارتها القضية،مجسدًا بصدق القهر الذى تتعرض له المرأة بسبب القانون المجحف، الذي يضيع العمر، والكرامة معًا.

فى أعقاب عرض الفيلم، وجهت «جيهان السادات» زوجة رئيس الجمهورية اَنذاك، اهتمامها لاستصدار قانون للأحوال الشخصية يخلص القائم من ثغراته، وصدر قانون 44 لعام 1979، وبسبب فرط اهتمام السيدة الأولى به، سمي بــ «قانون جيهان»، لكن سرعان ما انتهى العمل به بعد أن ألغته المحكمة الدستورية العليا فى مايو 1985.

أريد فعلاً

وحتى الافلام الكوميدية تناولت قضية الطلاق بشكل كوميدي ولكنه يرسل رسائل تهم كل بيت وكل اسرة مصرية مثل فيلم اريد خلعا بطولة اشرف عبد الباقي وحلا شيحا وهذا الفيلم تحديدا ناقش قضية الطلاق باكثر من وجهة نظر حيث يجعلك تتعاطف مرة مع الزوج وأخرى مع الزوجة .

محامي خلع

وفيلم محامي خلع بطولة داليا البحيري وهاني رمزي نوقش فيه الطلاق بأسلوب كوميدي ساخر حيث الزوجة التى تصر على الطلاق لاسباب كوميدية .

زوج تحت الطلب

وفي رأيي ان فيلم (زوج تحت الطلب ) بطولة عادل امام وفؤاد المهندس ومحمد رضا وليلى علوى وهالة صدقي يعتبر اهم الافلام السينمائية التى ناقشت قضية الطلاق الشفهي والطلاق على يد مأذون من خلال ثلاث قصص متشابة لثلاثة ازواج نطقوا بكلمة انت طالق ثلاث مرات وعلى يد المأذون مما استوجب استئجار شاب فقير يقوم بدور المحلل الذي يعالج قضية وقوع الطلاق من الزوج ولديه الرغبة في العودة الى زوجته .

لا شك ان للدراما سواء «سينما او تليفزيون» دورا في علاج ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع المصري حيث كما كانت ايضا الدراما امينة وصادقة في عرض هذه القضية الشائكة والمئات من الاعمال الدرامية كأفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية غالبيتها دقت ناقوس الخطر بأن الطلاق المتسرع يؤدي حتما الى تشريد الاطفال وتفتيت المجتمع وكشفت دراسة اجتماعية حديثة عن وجود علاقة بين الدراما التليفزيونية وارتفاع معدلات الطلاق في مصر بصورة متزايدة. بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فقد بلغت النسبة وفقًا لآخر الإحصائيات أكثر من 150 ألف مطلقة عام 2015 .

واوضحت الدراسة أن النظريات العالمية المفتعلة تؤكد ما للتليفزيون من أثر كبير على تكوين اتجاهات وآراء وأفكار أفراد المجتمع، ما يُحدث نوعًا من التراكمات لدى الفرد من خلال المعلومات التي يستقيها من التليفزيون، حيث يكون أحد المصادر العامة لتكوين السلوكيات والمعلومات.

وأشارت إلى أن نظرية الفرز الثقافي يمكن تطبيقها على العلاقات الزوجية داخل المجتمع، حيث تقوم بإحداث نوع من الصراع بين الأفكار التقليدية المتوارثة عند الزوج والزوجة وما يعرض في الدراما لينتصر في النهاية الفكر التليفزيوني. فالدراما التليفزيونية تركز على شكلين من العلاقة بين الرجل والمرأة، الأول يظهر الرجل مستبدًا يسيء معاملة زوجته ويخونها وغير قادر على أن يكون زوجًا جيدًا، مقابل ذلك تظهر المرأة متمردة طالبة الطلاق وقد يصل الأمر للخيانة.

أما النموذج الثاني، فيظهر الزوج بشكل مثالي يفيض بالعواطف ويحقق للزوجة جميع طلباتها وهو ما يدفع الزوجة لعقد مقارنات بين ما تراه من الرومانسية بالدراما وما يفعله الزوج معها، وكلتا الصورتين تسببان للزوجة مشاكل تدفعها للتمرد والإحساس بالظلم من الحياة الزوجية المليئة بالمقارنات الظالمة؛ ما يدفعها لإنهاء حياتها الزوجية عن طريق اللجوء إلى المحكمة لطلب الطلاق أو الخلع.

إلى أن الدراما المصرية تبرز المرأة في صورة المتمردة غير القابلة لسلطة الزوج وأنها تريد أن تثبت وجودها وكيانها داخل المجتمع وتجعل البيت المكان الثاني أو "لوكاندة" لها ولأسرتها، ويؤدي ذلك لكثير من انحرافات أفراد الأسرة كلها.

كما أن الدراما تروج لظاهرة غريبة لأفكار تسلط المرأة والرجل والدخول في صراع أسري تظهر الأسرة فيه وكأنها في مباراة، فتظهر العلاقة الزوجية أطرًا غير سليمة تختلف عن الواقع التقليدي الديني الذي حدد فيه الله الأدوار والتكامل بينهما، فأصبحت الحياة الأسرية صراعًا وعنفًا، ما انعكس على الأسر المصرية خاصة الشابة التي انتهت في كثير من الأحيان إلى الطلاق.

    Dr.Radwa
    Egypt Air