السبت 23 نوفمبر 2024

ضعيفة .. قوية .. مشوهة .. سلبية .. كيف ترى الناقدات المرأة فى الدراما؟

  • 28-3-2017 | 09:24

طباعة

تحقيق: عمرو والي

رغم وجود البعض منهن على الساحة الفنية من المشتغلين به، إلا أن هناك ندرة فى الأسماء النسائية بمجال النقد الفني، وذلك بالتزامن مع محطات عديدة مرت بها المرأة المصرية عبر الأعمال المقدمة فى الدراما التليفزيونية والسينما، والتي لم تبتعد عن مناقشة قضاياها فى مختلف الأماكن والأزمنة، وظلت صورتها دائماً مثارا للجدل والنقاش لاسيما بعدما سجلت حضوراً قوياً خلال الآونة الأخيرة، وأصبحت فى دائرة الضوء، وباتت الأعمال التي تلعب بطولتها ممثلات تفوق تلك التي يقدمها الممثلون الرجال ، ومع إعلان عام 2017 عام المرأة المصرية ... «الكواكب» طرحت تساؤلاً حول مدى نجاح الأعمال الفنية فى التعبير عن مشكلات وقضايا المرأة بصورة حقيقية والاقتراب منها على أرض الواقع أم لا؟ وما هي أبرز التحديات والمشكلات التي تواجه المرأة العاملة فى مجال النقد الفني، وذلك من خلال السطور القادمة....

تسلسل زمني

قالت عزة هيكل، الكاتبة الصحفية، إنها قامت بعمل أكثر من دراسة حول صورة المرأة المصرية المقدمة فى الدراما والسينما، موضحة أنه فى فترة الستينيات تم مناقشة قضايا المرأة من منظور الرومانسية وقصص الحب والزواج. أما فى السبعينيات فتمت مناقشتها بمنظور ارتبط بالتغييرات السياسية التي حدثت فى المجتمع المصري فى هذا التوقيت.

وأضافت هيكل أنه فى فترة الثمانينيات والتسعينيات شهد الفن المصري طفرة كبرى فى معالجة قضايا المرأة ظهرت على أيدي مؤلفين أمثال أسامة أنور عكاشة، ومحمد جلال عبد القوي، خيري شلبى وغيرهم حيث استطاعت المرأة أن تأخذ دور البطولة الفردية، فى وقوفها أمام قيم سلبية مثل الطغيان والخطيئة، وظهرت أعمال مميزة منها مثل ضمير أبلة حكمت بطولة الفنانة فاتن حمامة، حياة الجوهري بطولة الفنانة يسرا، الوتد بطولة الفنانة هدى سلطان، وهي نماذج نسائية مجتمعية قوية انتقلت بالمرأة إلى منطقة جديدة، واختفت صورة المرأة الضعيفة المستكينة، والتي تم تقديمها فى مسلسل زينب والعرش من بطولة سهير رمزي ومحمود مرسى.

وأوضحت هيكل أنه مع بداية الألفية الجديدة بدأ صناع الأعمال الدرامية يقدمون صورة أخرى مغايرة للمرأة المصرية، حيث تم تقديم المرأة بشكل يمكن أن نطلق عليه المرأة السينمائية، وأصبحت لاتناقش قضايا تمس المرأة بشكل حقيقي وحيوي على أرض الواقع، وبالتالى انتقل الأمر إلى الاهتمام بالصورة والمظهر فقط.

المرأة بعد ثورتين

وأكدت د. عزة هيكل أن أغلب الأعمال قامت بتشويه صورة المرأة المصرية باستثناء القليل، ضاربة المثل بمسلسل "ذات" بطولة نيللي كريم، حيث ربط إبراهيم أصلان بين صورة المرأة ومصر، وجاء تغيير الشخصية ليعبر عن مصر وتغييراتها السياسية، مشددة على أن الوقت الراهن لاتعبر فيه الأعمال الفنية عن صورة المرأة المصرية بشكل أو بآخر ولا عن كفاحها ونضالها ودورها العظيم فى المجتمع بالإضافة إلى ثورتي 25 يناير و 30 يونيه، ووقوفها أمام كل محاولات طمس الهوية المصرية، موضحة أن هناك صورة نمطية يتم تصديرها ولاتمت للواقع بصلة فتصور المرأة فى الطبقة الفقيرة على أنها سلعة تبيع نفسها من أجل المال أو المخدرات أو الجنس، أما المرأة فى الطبقة الراقية فهي نموذج للمرأة الفاسدة أو الشريرة أو المريضة نفسياً، وسط غياب تام وحقيقي للطبقة المتوسطة، التي تلعب دوراً هاماً فى تغيير المجتمعات ودفعها للأمام.

واخيراً أوضحت د.هيكل أن هناك ندرة فى التواجد النسائي فى الحركة النقدية الأدبية والفنية فى مصر، لافتة إلى أن البعض يعتقد أن المرأة تميل مع الهوى أكثر أو تسيطر عليها بعض العواطف أثناء الحكم.

جيل جديد

وترى الناقدة الفنية ماجدة خير الله، أن هناك حالة من الحراك النقدي بالنسبة للمرأة فى مجال الدراما والسينما، مشيرة إلى وجود عدد من الشابات أصبحن متابعات جيدات للأفلام والمسلسلات، وحريصات علي السفر لحضور المهرجانات الدولية، وقادرات على تكوين وجهة نظر تحترم ويعتد بها، لافتة إلى أن حظهن السيىء جاء مع الأزمات المتلاحقة التي تعاني منها الصحافة المصرية، والتي وصلت لحد الانهيار، وهو ما أثر علي ظهورهن بشكل كبير، إلا أنهن استطعن التعبير عن أنفسهن عبر مواقع التواصل الإجتماعي، والمواقع الإليكترونية المنتشرة على شبكة الإنترنت.

مؤكدة أن الدراما والسينما عبرت بشكل ما عن المرأة المصرية، ولكن لا يمكن الحكم الجيد عن تلك الصورة لتغيرها بتغير المجتمعات والأزمنة، مشددة على أن الفن ليس من دوره معالجة المشكلات ولكن الاهتمام بالقضايا وتسليط الضوء عليها بشكل ترفيهي وترشيدي.

مجتمع مشوه

خير الله ترى أن الأعمال السينمائية التى دافعت عن قضايا المرأة فى الستينيات، أكثر حرفية وإتقانا، خاصة أن كتاب السيناريو والمؤلفين كانوا عباقرة ومفكرين، مثل سيناريو نجيب محفوظ وقصة إحسان عبدالقدوس فى «أنا حرة»، ولطيفة الزيات فى «الباب المفتوح»، وسعيد مرزوق وسعد الدين وهبة فى «أريد حلاً»، وجميعهم لهم ثقل ثقافى.

ورفضت خير الله الاتهامات الموجهة من المجلس القومي للمرأة لصناع الدراما بتشويه صورة المرأة المصرية قائلة" هذا حديث قديم ومستهلك، ولايوجد فن يقوم بتشويه المجتمع، ولكن المجتمع أو الواقع من الممكن أن يكون هو ما أصابه التشوه جراء سلوكيات خاطئة، وهناك أعمال نسائية جيدة ، مشددة على أن سينما العالم تقدم أفلاما محترمة عن المرأه ومن بطولتها، ونحن في مصر، إلى الآن مازال البعض يستسلم تماما لفكرة أن السينما لابد أن يكون بطلها رجل، والتابع له امرأة.

نماذج سلبية

وترى الناقدة الفنية خيرية البشلاوي أن الدراما أساءت فى كثير من الأحيان إلى المرأة المصرية موضحة أن الغالبية العظمى من المسلسلات تجاهلت تماماً النماذج الإيجابية للمرأة المصرية، فيما جعلت المرأة تظهر في أسوأ صورها، وشاهدنا ذلك من خلال بعض المسلسلات مثل المرأة القوادة وتاجرة المخدرات، وغيرهما من النماذج القبيحة التي تجعل الصورة الذهنية المأخوذة عن المرأة المصرية سيئة للغاية، وهي كارثة بكل المقاييس.

وأضافت البشلاوي أن الدراما تلعب حاليا دورا مؤثرا وجيدا ومن الممكن أن يؤثر على فكر وثقافة الأفراد، فهي قادرة على أن تهبط أو ترتقي بالمستوى الفكري للفرد، موضحة أن أهمية تقييم أي عمل تكمن فى ما تم تقديمه للجمهور المتلقي فى النهاية لأن الدراما لها دور سياسي وثقافي وتعليمي لا بدَّ أن تقوم به، مشددة على أن حرية المبدع ضرورية لكنها لا بدَّ أن تكون حرية مسئولة.

وأكدت البشلاوي أن مصر حاليًا تواجه العديد من التحديات، والدراما تتأثر بذلك ولا يمكن استثناؤها أبداً، موضحة أنه فى الآونة الأخيرة توجد طفرة فى الظهور النسائي فى الدراما والسينما، مثل فيلم يوم للستات بطولة إلهام شاهين، وفيلم بشتري راجل بطولة نيللي كريم، وأشارت إلى أن فكرة فيلم يوم للستات كانت جريئة ومنصفة للمرأة، إلا أن السيناريو كان به ارتباك، وأقل من القيمة الفنية للرسالة التى يريد الفيلم أن يصل بها للجمهور، وهو أن جسد المرأة ليس للجنس فقط، ولكنه روح تريد أن تنطلق ولها حقوق، أما فيلم نيللي كريم فجاء عنوان الفيلم ليظلم الفكرة التي تتحدث عن إمكانية استغناء المرأة عن الرجل، وأنها لا تحتاج سوى حيوان منوى يمنحها طفلا، وهي فكرة عليها الكثير من التحفظات،

وترى البشلاوى أنه لا أزمة فى قلة عدد الناقدات الفنيات، لأن الناقد يحلل المنتج الإبداعي ويطبق أدوات منهجية لإطلاق حكم قيم معياره الموضوعية والمصداقية التامة، والتركيز علي مواطن الجمال للوصول إلى نقد بناء، والكشف عن نقاط الخلل والضعف فى بنائه.

المرأة والمجتمع

الناقدة الفنية ماجدة موريس تقول إن قضايا المرأة ، يجب أن تناقش باستمرار، وتكثف خلال الفترات القادمة، لافتة إلى أن تناول المرأة فى السينما أو التليفزيون كان حاضرا وبقوة على مدار التاريخ وفي أي عهد، فمن جيل الستينيات نجد عز الدين ذو الفقار، وكمال الشيخ، صلاح أبو سيف، دافعوا عن قضايا المرأة بأسلوب زمنهم، حيث حرية المرأة، أما فى السبعينيات والثمانينيات نجد محمد خان وداود عبدالسيد ورأفت الميهى وعاطف الطيب لهم أسلوب آخر فى الدفاع عن قضايا المرأة، مشددة على أن مشكلات المرأة كثيرة وكبيرة، وبالتالي لايجوز التعميم والحكم بصورة قاطعة بشأن تناول الفن لقضايا المرأة، وهل نجحت الأعمال المقدمة فى إحداث التغير المرجو أم لا؟، وذلك لأن كل عمل فني له ظروفه وقصته الخاصة.

مشيرة إلى أن المنتجات النساء غيرن صورة المرأة في السينما وأنتجن أدوارا للمرأة تحمل نوعا من الوعي، وغيرت الصورة التقليدية لها في السينما، وبالتالي قدمن خدمة كبيرة لها وساعدن على استمرار الإنتاج السينمائي، موضحة أن بطلات مثل مديحة يسري وماجدة أول من دخلن إلى مجال الإنتاج، وكان بهدف تغيير نوعية الأدوار التي تقدمها المرأة في السينما، وتغيير الشكل النمطي للبطولة النسائية آنذاك، وبالفعل استطعن تقديم نوعية أدوار مختلفة منها الأفوكاتو مديحة، وإني راحلة، والمراهقات، وجميلة، أين عمري؟، وأنف وثلاث عيون وغيرها كتير ليتبعهن نجمات آخريات مثل مريم فخر الدين، وليلي علوي، ونبيلة عبيد، وإلهام شاهين، وإسعاد يونس.

وتلفت موريس إلى أن تغير صورة المرأة النمطية من سلبية إلى إيجابية كانت على هامش الأعمال السينمائية، التي لامست بمجملها الثقافة العامة، وعبرت عنها شخصيات سينمائية في أفلام غير تجارية، مما أتاح تقديم صورة المرأة وطرح قضاياها فى المجتمع المصري.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة