الإثنين 17 يونيو 2024

صفقة بين ترامب وأردوغان عناوينها «الأكراد وجولن وداعش»!!

22-12-2018 | 14:12

 

يبدو أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من سوريا والذي فاجأ حتى مسؤولين في إدارته لم يكن بمعزل عن اتصالات وترتيبات مسبقة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي التقى ترامب على هامش قمة العشرين الأخيرة في الأرجنتين واتصالات هاتفية لاحقة أفضت في النهاية إلى استكمال بنود صفقة سرية بدأت ملامحها تتكشف شيئا فشيئا منذ إفراج أنقرة عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي كان محتجزا لديها بتهم تتعلق بالإرهاب.

وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا تحسّنا كبيرا بعد أشهر من تدهورها إلى أدنى مستوى مع قرار ترامب سحب قواته من سوريا، ما أثار تكهّنات باحتمال توصّل البلدين إلى صفقة غير معلنة.

وكان الرئيس الأمريكي أجرى أمس الجمعة اتصالا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، أي قبل خمسة أيام من إعلانه المفاجئ سحب ألفي جندي من سوريا وإعلانه أنه حقق هدفه في سوريا بـ"هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية".

الانسحاب الأمريكي من سوريا يفسح المجال لهجوم تركي عنيف على الوحدات الكردية

وكان الرئيس التركي قد هدد بشن عملية عسكرية وشيكة ضد المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا التنظيم في شمال سوريا، مؤكدا عزمه على "التخلص" منهم إذا لم يرغمهم الأمريكيون على الانسحاب.

وتوعد أمس بـ"التخلّص" من الجهاديين والمقاتلين الأكراد في الشمال السوري، في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي سحب قواته من سوريا.

ورحّب بحذر بالقرار الذي أعلنه ترامب الأربعاء وأكد في خطاب في اسطنبول أن بلاده ستعمل على "التخلّص من وحدات حماية الشعب الكردية وفلول داعش"، مستخدما الاسم المختصر لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا.

لكن أردوغان أعلن أنه قرر في ضوء قرار الولايات المتحدة ومحادثة هاتفية أجراها مع ترامب في 14 ديسمبر أن يؤجل في الوقت الراهن، عملية عسكرية ينوي إطلاقها في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة مع واشنطن في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية والتي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.

غير أن الرئيس التركي أوضح أن "هذا التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى". وقال "في الانتظار سوف نعد خططا للتخلّص من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال المحادثة مع الرئيس ترامب".

وأعلن أن بلاده ستتولى المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قواتها من هناك، في أحدث تغير تسبب فيه التحول المفاجئ في سياسة واشنطن.

وقوض القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع، بسحب قوات بلاده البالغ قوامها نحو 2000 عسكري من سوريا، ركيزة أساسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ويقول منتقدون إن هذا سيصعب التوصل لحل دبلوماسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستعرة منذ أكثر من سبعة أعوام.

لكن بالنسبة لتركيا يزيل التحرك المفاجئ من جانب ترامب مصدرا رئيسيا للخلاف مع الولايات المتحدة. واختلف البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي بشأن سوريا حيث تدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.

وينتشر في شمال سوريا حاليا نحو ألفي جندي أمريكي، غالبيتهم من القوات الخاصة، لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وتدريب المقاتلين المحليين في المناطق التي تمت استعادتها من التنظيم، سيجري سحبهم في غضون 60 إلى 100 يوم.

وتدعم واشنطن عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، لكن أنقرة تعتبرهم منظمة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

وعقب المحادثة الهاتفية أعلنت الحكومة التركية في بيان أن أردوغان وترامب "اتّفقا على تعاون أكثر فاعلية" في سوريا.

لكن أردوغان وفي تصريح أقل دبلوماسية، قال الاثنين "لقد تحدّثت إلى ترامب. على الإرهابيين الانسحاب من شرق الفرات وإذا لم يرحلوا فسنتخلّص منهم".

وفي الوقت نفسه أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن ترامب طرح مجددا مسألة الانسحاب من سوريا.

لكن قلة أخذت كلام تشاوش أوغلو على محمل الجد، إذ رد المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو على سؤال حول التصريحات التركية بالقول إن العمل في سوريا "لم ينجز بعد" إلى أن اتخذ ترامب قراره المفاجئ بالانسحاب.

وأوردت عدة وسائل إعلام أمريكية أن ترامب اتخذ قراره مباشرة بعد الاتصال مع أردوغان، لكن ترامب يفاخر دوما بأن خطواته لا يمكن توقّعها ولطالما طرح مسألة الخروج من سوريا، معتبرا أن التدخل الأمريكي فيها مكلف جدا.

رجل الدين التركي المعارض فتح الله جولن

أنقرة طالبت مرارا واشنطن بتسليمها جولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو 2016

ولكن صحيفة حرييت التركية أفادت الجمعة بأن ترامب اتخذ قرار سحب الجنود من سوريا خلال مكالمة الرابع عشر من ديسمبر بعد أن تعهّد أردوغان بالاستمرار في مكافحة الجهاديين.

وأفادت الصحيفة نقلا عن محضر المكالمة بأن ترامب سأل نظيره التركي "هل ستتخلّصون من فلول داعش إذا ما انسحبنا من سوريا؟"، فرد عليه أردوغان: "سنتولى الأمر".

وقال سنان أولجن الخبير التركي في مركز الدراسات حول الاقتصاد والسياسة الخارجية في اسطنبول إن "قرار ترامب لا علاقة له بتركيا"، موضحا أن "الاتصال مع أردوغان ربما عجل بالأمر".

وسواء كان هناك اتفاق صريح أو لم يكن، فإن انسحاب القوات الأمريكية يفتح المجال أمام هجوم تركي كانت احتمالاته أضعف مع الوجود الأمريكي وخطر وقوع قتلى أمريكيين.

وقال فيصل عيتاني وهو محلل في مجلس الأطلسي في واشنطن "إنه دفعٌ قوي لتركيا، وأعتقد أنه يعكس تحسّنا في العلاقات الأمريكية-التركية، ويقلّص اعتماد تركيا على روسيا".

وكانت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي الذي أنشئ قبل نحو سبعين عاما في مواجهة الاتحاد السوفييتي أثارت قلق الولايات المتّحدة بتوقيعها صفقة شراء صواريخ اس-400 الروسية.

وفي هذا الأسبوع، أعلنت الولايات المتحدة موافقتها على صفقة بيع صواريخ باتريوت وغيرها بقيمة 5 ر3 مليارات دولار إلى تركيا، واضعة أردوغان أمام خيار صعب في ما يتعلق بتسليح جيشه.

وشهدت العلاقات تدهورا بعد توقيف تركيا للقس الأمريكي آندرو برانسون في إزمير، ومطالبتها واشنطن بتسليمها الداعية التركي فتح الله غولن المقيم في منفى اختياري في بنسلفانيا والذي تتّهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في 2016.

وجعلت إدارة ترامب التي تستند إلى قاعدة مسيحية إنجيلية، قضية برانسون على رأس أولوياتها وفرضت عقوبات أضعفت الاقتصاد التركي وساهمت في تدهور قيمة الليرة التركية إلى أن أطلق سراحه في أكتوبر.

وقال ستيفن كوك المحلل في مجلس العلاقات الخارجية "أعتقد أن الصفقة كانت إطلاق تركيا سراح برانسون مقابل امتناع الولايات المتحدة عن اتخاذ المزيد من الإجراءات المضرّة بالاقتصاد التركي"، مضيفا "لقد فاز المسؤولون الأمريكيون الذين دعوا لإنقاذ العلاقات".