أحمد عنتر مصطفى - شاعر مصري
قبل نهاية القرن التاسع عشر بعامين كان مولدها؛ رافقها في وصولها إلى عالمنا عملاق الأدب توفيق الحكيم والعالم المصري الجليل علي مصطفى مشرفة والشاعر المبدع الرقيق إبراهيم ناجي الذي شاءت الأقدار ألا يقترن بها مولدا فحسب؛ بل تكون رائعتها “الأطلال” من فرائد شعره الوجداني.
في العام نفسه تم تأسيس البنك الأهلي المصري؛ حدث ذلك عام 1898؛ وبعد عام واحد فقط انتقل مقر جريدة الأهرام من الإسكندرية إلى القاهرة؛ وأصدر قاسم أمين كتابه الرائد “تحرير المرأة”. وكأنما واكب مولدُها مولد هذه الدعوة التي عاصرت أم كلثوم مراحلها وخطواتها وشاركت بفنها وإسهاماتها اجتماعيا في مسيرتها؛ وكان لها دور وأثرٌ كبيران في انعكاس صورة المرأة العربية على مرآة العالم بشكل إيجابي ناصع حتى حق لها أن يُطلق عليها - مصريا وعربيا – سيدة القرن العشرين، وأن يسمى هذا القرن الذي قطعت منه خمسا وسبعين سنة “عصر أم كلثوم”.
وما بين “طماى الزهايرة”؛ القرية الصغيرة في أعماق الدلتا حيث وُلدت أم كلثوم؛ ومقبرتها حيث وُورى جثمانُها بمدافن البساتين؛ مسافةٌ تقطعها السيارة في ساعات ثلاث. لكن هذه المسافة قطعتها أم كلثوم في سبعة وسبعين عاما من البريق والظلال؛ من الألم والمجد؛ من الطموح المتوهج والانكسارات الأليمة. قطعت أم كلثوم الساعات الثلاث في هذا العدد من السنوات لا لشيء إلا لأنها وهى تقطع تلك المسافة كان قدرُها أن تعبر الآلاف من الأميال؛ وأن تتسلق عيناها مآذن القاهرة وأحيائنا العربية؛ وتصحب النشوة والدفء في ليل المقاهي من بغداد حتى مراكش؛ وأن تطير في رحلات أثيرية على أجنحة النغم لتجوس أنحاء الوجدان العربي. وأن تتخطى حدود المنطقة العربية إلى واشنطن وباريس وموسكو.
أكثر من سبعين عاما حفلت بأحداث جسام؛ اجتاحت العالم فيها حربان؛ وتغيّرت خلالها نُظُمٌ وحكومات؛ وتوالى حُكّامٌ ورؤساء؛ واختلفت وتباينت تقاليدٌ وأذواق.. أصواتٌ عداد الحصى والرمال زاحمت الفضاء؛ رفرفت ثم طارت؛ ورحلت وهى تلملم معها أصداءها.. عباقرةٌ في الفن والسياسة والأدب والصحافة جاءوا. ولمعوا. وغابوا.
أكثر من سبعين عاما لُقبّت بـ “الزمن الجميل” واتسمت بالرقيّ؛ وامتدّت مساحات شاسعة من العطاء النبيل. استطاعت خلالها هذ الحنجرة الذهبية؛ منذ تلك الليلة السحيقة من عام 1916 حين جرحت الصمت بترديد بعض التواشيح خلف الصوت الواهن من والدها الشيخ المُنشد؛ آنذاك كشف والدها فيها عن أصالة الفطرة وعمق ونضارة الوجدان.
منذ تلك الليلة؛ باتت تلك الصبية المُنشدة تنام في محطات القطارات في انتظار مواعيدها القلقة المتأخرة؛ من قرية إلى أخرى؛ ومن حلقة مولد إلى سرادق أحد الوجهاء؛ وكان حلم والدها؛ وأقصى ما تتمناه؛ هو أن يرق قلب ناظر المحطة لصوتها فيفتح لها حجرته تحميها من برد الشتاء ومطره.
الصّبيّةُ نفسها؛ فيما بعد؛ تصبح أقوى من ألف خط طيران يربط بين أقاصي الأراضي العربية؛ بل في منتصف ستينيات القرن العشرين تمنحها الدولة جواز سفر دبلوماسيا تقديرا لشخصها وجهودها. وتُفتح لها القلوب والمطارات وصالات كبار الزوار. فيُعزف في استقبالها السلام الجمهوري في الكويت؛ ويُعطّر لها الهواء في الإمارات؛ ويُطلق اسمها على أحد أهم الشوارع في تونس؛ ويهرول لاستقبالها ألفٌ وخمسمائة فنان شعبي يغنون لها في زيارتها للمغرب. ويحيط جمهور تونس الشقيق خشبة المسرح التي تقف عليها ببستان من القرنفل والزهور وخرجت الصحف آنذاك لتقول إن عدد زهرات القرنفل – على مرمى قدميها – بلغ 280 ألف زهرة. وفي السودان تسجّل دفاترُ المواليد خلال أسبوع زيارتها للخرطوم انتشار التسمية باسمها في المواليد الإناث. وأخيرا.. يبرق لها شارل ديجول وهي تغادر فرنسا؛ وهي في الطائرة: "لقد لمست بصوتك أعماق قلبي وقلوب الفرنسيين".
تُرى كيف كان ذلك؟! وما السر؟! وما القوة القاهرة الدافعة بعد مشيئة الخالق وراء تلك الظاهرة الكلثومية؟!
سنوات التكوين
لم يكن لأم كلثوم أن تصير إلى ما أصبحت عليه لو لم تكن لها تلك الشخصية الصارمة الواعية المدجّجة بذكاء الفطرة ووهج التمايز والطموح. فمنذ البدايات الأولى كانت هذه الشخصية تتشكل وتنضج عبر أحداث يومية وتجارب اختزنت عصارتها ذاكرة ووجدان الصبية الواعدة؛ ففي مناخ تحتم عليها الانخراط فيه؛ حيث الأب المُنشدٌ المُعمّم والأخ الأكبر ساعده الأيمن في إحياء الأمسيات القروية البسيطة بالإنشاد الديني وإلقاء التواشيح؛ لم تكن أم كلثوم بعيدة عن هذا المناخ؛ فقوة الملاحظة ورهافة السمع والقدرة على الحفظ كل هذه الملكات قادتها إلى أن تردّد ما يُلقّنُه أبوها لشقيقها؛ وكان أن انضمت إليهما؛ لكنّ سمة أخرى ومضت وأعلنت عن انبثاق الشخصية الكلثومية تجلّت في رفضها أن تنشد موشحا من موشحات ذلك الزمان؛ تقول كلماتُه:
جلّ من طرّز الياسمين فوق خدّيك بالجُلُّنار
وارتضى ذا الجُمان الثمين معدنا من لماك الغقار
طلب إليها الوالد أن تحفظ هذا الموشح لتؤديه أمام الجمهور البسيط؛ ورفضت أم كلثوم وأصرت على عدم حفظه؛ كانت حجتها الدامغة أنها لا تؤدي إلا ما يُفهم وما تعي معناه؛ وتساءلت مستنكرة: ما هو “الجُلُّنار” هذا؟ إنها لفظة لا أعرف معناها فضلا عن غرابتها وبأىّ كيفية أُؤديها؟ بهدوء أم توتر؟ مبتسمة أم جامدة القسمات؟ منذ تلك الواقعة الباكرة حتى وفاتها لم يُعرف عن أم كلثوم أنها ترنمّت بما لا ترضاه أو تقتنع به من كلمات؛ ورافقتها تلك الميزة طيلة حياتها الفنية لإيمانها بدور الكلمة في بناء الوجدان؛ وأن انتقاءها وحرصها على اللفظة المفعمة بالمعنى الطيب النبيل يشي باحترامها لذاتها وتقديرها لوعي المتلقي وارتقاء بذوق الجمهور ووجدانه.
ويمكن للباحث أو المدقق في تاريخ أم كلثوم أن يضع يديه – بغير عناء – على مفاتيح تلك الشخصية الفذة؛ ومنها: الذكاء الفطري ورهافة الحس ما جعل محمد القصبجي يقول عنها: "من خوارق أم كلثوم أنها تستطيع أن تحفظ أقوى الألحان وأعقدها من جلستين فقط". فضلا عن احترامها لذاتها والتفاني في إتقان إبداعها وتجويده؛ ولا عجب في ذلك فقد قطعت طريقا شاقا بين التدريب المضني والتمرين والتلقين في محاولة صارمة لتثقيف صوتها؛ كما أنها حفظت ما تيسّر لها من القرآن الكريم وأجادت الترتيل والتجويد؛ فضلا عن القصائد والموشحات؛ أيضا بذلت جهدا فائقا في تعلم مقامات الموسيقى الشرقية والعزف على العود؛ كل هذا مع حرمان نفسها من كثير من مباهج الحياة ومتعتها بجدية وصرامة. محققة بذلك مثلا رائعا في التفاني والإخلاص من أجل الارتقاء بفنها حتى نجم عن هذا الدأب والجهد تراثٌ غنائي ضخم تركته لتاريخ الفن يستغرقُ سماعُه ُ27 يوما و16 ساعة متصلة؛ وقد لاحظ عليها معلمها الأول الشيخ أبو العلا محمد تلك الجدية؛ وهى صبية؛ حين سمعها للمرة الأولى فلم يملك إلا أن أشار إليها قائلا: "البنت دي بتغني بدمّها".
الانتماء مفتاح آخر من مفاتيح تلك الشخصية؛ فلم تغفل أم كلثوم يوما عن ذكر أصولها؛ وفي كل ما صرحت به من أحاديث ولقاءات لم تخجل من ذكر سنوات التكوين وما بها من مشقة وعناء؛ وكانت كلماتها عن تلك المراحل متسمة بالبساطة والطرافة والصدق؛ فهى لم تستل ذاتها وتهرب بها بعيدا عن المنبع؛ ولم تقتلع جذورها من طين الدلتا وتراب الوطن؛ وكانت تفخر بهذا الانتماء في شتى المحافل والمواقف التي مرّت بها.
الاعتداد بالنفس؛ والكبرياء النبيل؛ والحرص على قيمة الوقت والجدية في التعامل مع وقائع الحياة وأحداثها؛ والوعى بالدور الاجتماعي للمبدع؛ والإدراك الواعي لما يدور بمجتمعه من تحولات وتيارات؛ ومسايرة الذوق العام بدون تدن أو إسفاف؛ والحرص على التمايز والتفرد كلها من مظاهر قوة تلك الشخصية فضلا عن الطموح المتوهج والتفنن في ابتكار آليات التجاوز والتفوق؛ وتطويع هذه الآليات في خدمة استمرار الإبداع وتطوره؛ وهو ماجعل أم كلثوم تستمر على قمة فن الطرب؛ وتعتلي عرش الغناء مُنفردة به مُتربعة عليه لأكثر من نصف قرن تباينت خلاله الميول وتنافرت الأذواق؛ مصداقا على ذلك إقدامها في أوائل الستينيات على إلحاق مؤلفي الأغاني وملحنيها من الشباب زهورا جديدة في الحديقة الكلثومية.
هذه السمات كلها منحتها القوة التي كانت دائما تبدو عليها. ما جعل د. سهير عبد الفتاح في كتابها: “سيرة صوت: أم كلثوم” تنوه بها: "لم تكن أم كلثوم فنانة عظيمة فقط؛ بل كانت امرأة قوية أيضا؛ وكانت حاستها العملية لا تقل رهافة عن إيمانها بالمثل الأعلى؛ وكانت مستعدة دائما للتلاؤم مع الظروف المتغيرة لتحافظ على مكانها فيها".
ثقافة أم كلثوم
لعل أهم ما تنماز به أم كلثوم عن سواها من المطربات؛ قديما وحديثا؛ هو ثقافتها الواسعة؛ وهي - كما هو معروف - لم تتلق تعليما منتظما؛ بل إنها لم تتعدّ مرحلة “الكُتّاب” الذي كان منتشرا في القرى والنجوع؛ ولكنها كانت نهمة إلى المعرفة دؤوبا في تحصيلها؛ ما يجعلنا نصفُها بأنها عصامية التكوين الثقافي. ومن هذه الثقافة لديها ما هو أصيلٌ مُتجذّر في ذاتها؛ نما معها منذ البدايات؛ وهو ناتج عن حفظ القرآن – كلُغة – وترتيله وتجويده؛ وحفظ التواشيح الدينية والموشحات وإلقائها إنشادا؛ ومنها ما اكتسبته من قراءات وتجارب وعلاقات بكبار الكتاب والأدباء والشعراء من مشاهير الفن والثقافة والأدب في مصر الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين.
وقد أحبت أم كلثوم اللغة العربية وعرفت للكلمة قيمتها وقدرها حتى إنها أقدمت على التأليف؛ وهناك محاولتان لها في هذا المضمار؛ وكلتاهما في الإطار الديني؛ الأولى:
تبارك من تعالى في علاه يقول لعبده اطلبني تجدني
أنا الجبّار خلاّقُ البرايا أنا القهّارُ فاطلبني تجدني
أما الثانية فبعنوان "حبيبي يا محمد":
صلّي يا ربي وسلّم ع النبي بدر التمام
يا حبيبي يا محمد أنت مصباحُ الظلام
ومن المؤكد أنها كانت تنشدهما في سرادقات المرحلة الأولى من حياتها الفنية قبل أن تعرف الطريق إلى قصائد وتواشيح أبي العلا محمد. ومن المعروف أنها كانت تنشد قصائد الفصحى التي أدّاها الشيخ أبو العلا وأعدّها لنفسه بما فيها قصيدة “الصبُّ تفضحُهُ عيونُه” لأحمد رامي حتى عاد هذا الأخير من بعثته بفرنسا؛ والتقيا.. وبدأ دور أحمد رامي التثقيفي معها ضمن علاقة فنية وإنسانية دامت حتى رحيلها.
أتاحت لها علاقتها بأحمد رامي الارتشاف الدائم المنظم من نبع الثقافة الأدبية؛ فطالعت معه دواوين الشعراء وتراث الأدب العربي من عيون الكتب مثل “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني وقد استلهما منه مادة فيلميها: "دنانير" “1939” و"سلاّمة" “1944” وعلى ذكر أفلام كوكب الشرق تلزم الإشارة والتنويه إلى أن خمسة من أفلامها الستة حملت أسماء أنثوية؛ فإلى جانب الفيلمين السالف ذكرهما هناك: "وداد" “1935” و"عايدة" “1942” و"فاطمة" “1948” ما يشير إلى انتصارها للمرأة وانحيازها لقضايا تمسُّها واهتمامها بعرض بعض الحالات الخاصة بالمرأة من خلال علاقاتها بالمجتمع.
كان لفن الشعر منزلة ومكانة خاصة في قلب أم كلثوم؛ ولا غرو فقد حفظته وتغنّت به منذ الصبا؛ وجاء رامي فقادها إلى عيون القصائد؛ وانتقيا معا ما يصلح للغناء منها؛ حتى احتلت قصائد الفصحى نسبة كبيرة من تراثها الغنائي حيث بلغت “27 %” ولم يسبقها إلا قالب الطقطوقة الذي بلغت نسبة المغنى به “36 %” وقد مثّلت القصائد المختارة عددا من مراحل الشعر العربي فلم تتوقف عند القديم وإنما تضمنت الحديث والمعاصر منه؛ ولشعراء من شتى الأقطار العربية ما يؤكد حسّها القومي؛ وقد شكّلت هذه القصائد؛ مُضافا إليها ما ترنمت به فيروز؛ ما يمكن أن نُطلق عليه “ديوان الشعر العربي المُغنّى”.
وبصداقتها الحميمة لرامي؛ واقترابها المحسوب من أمير الشعراء أحمد شوقي؛ وانخراطها في مجتمع مصر الثقافي تكوّنت لديها حساسية شعرية مُتّسقة مع حسّها الموسيقي؛ وتشكّلت لها ذائقة أدبية رفيعة؛ منحتها الحق وخولت لها انتقاء الأبيات والمقاطع من قصائد شوقي المطولة؛ بل تجاوز الأمر ذلك إلى أن تُحكّم ذائقتها تلك في تعديل بعض الكلمالت والألفاظ واستبدالها. حدث ذلك على سبيل المثال مع قصيدة “إلى عرفات الله” فقد غيرت مطلعها من: “إلى عرفات الله يا ابن محمد” والمقصود هنا الخديو عباس حلمي بن محمد توفيق؛ فأصبح المطلع: “إلى عرفات الله يا خير زائر” وفي موضع آخر من القصيدة توقفت عند قول شوقي:
لك الدينُ يا ربّ الحجيج جمعتهم لبيت طهور الساح والعرصات
فأبدلت “العرصات” بـ “الشرفات”.
حدث هذا أيضا في “نهج البردة”؛ حيث يقول شوقي “ورُبّ مُنتصت والقلب ُ في صمم” حين استثقلت أداء “منتصت” فوضعت مكانها “ورُبّ مستمع”.
ولم يكن التعديل والإبدال يجري على شعر شوقي وحده؛ بل حدث هذا في قصيدة “هذه ليلتي” لجورج جرداق؛ حيث أجرت تعديلا كاملا على المقطع الأول منها؛ و”الأطلال” لإبراهيم ناجي؛ ولأبي فراس الحمداني؛ بل لم يسلم إبداع رامي نفسه من جراحات مبضع التعديل.
وقد بلغت درايتها بفن الشعر والتمرس به مبلغ ارتجال التعديل انطلاقا من ذهن حاضر وبديهة يقظة سريعة؛ فحين وقفت بمعهد الموسيقى العربية أمام الملك فؤاد لتغني قصيدة ابن النبيه المصري:
أفديه إن حفظ الهوى أو ضيّعا / ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا
وما إن بلغت البيت الذي يقول:
هل في فؤادك رحمةٌ لمُتيّم ضمّت جوانحُهُ “فؤادا” موجعا
استكرهت أن تنطق “فؤادا موجعا” وبذائقتها اللغوية وسرعة الخاطر والبديهة خرجت من المأزق وترنّمت: “ضمّت جوانحُهُ فؤادا مولعا”.
يرى الدكتور حسين فوزي أن كوكب الشرق: تمثّل في نهوضها وارتقائها آخر ما يبلغه الفن العربي. ويضيف عقب رحيلها: "يعود فضل الحفاظ على قوميتنا الموسيقية؛ والارتفاع بها إلى أوسع وأعمق وأحلى وسائل التعبير بالصوت إلى فقيدة الفن العربي أم كلثوم؛ ذلك ما وعاه الشعب العربي بأسره.... وكانت أم كلثوم فيه علما على مصر الغنية بعلمائها وأدبائها وفنانيها؛ نموذجا يُحتذى ودربا يسير عليه العالم العربي بأسره؛ هذه والله مأثرة المآثر لها".
وعلى ذكر العالم العربي كانت أم كلثوم راية تلتف حولها الجماهير العربية مساء الخميس الأول من كل شهر؛ وكانت رمزا لإمكانية اتحاده على رأي واحد وذوق واحد؛ ويضيق الحديث هنا عن تناول انتمائها ببُعديه: الاجتماعي والقومي؛ فهما رافدان أصيلان يصُبّان في محيط كوكب الشرق؛ وأحرى بالدارس والباحث أن يفرد لها دراسة مستقلة مطوّلة.