الثلاثاء 7 مايو 2024

بعد تكرر حالات اغتصاب طالبات فى المدارس: معلم بدرجة ذئب!

29-3-2017 | 14:37

تحقيق: وليد محسن - أحمد جمعة

 

لم تكن تعلم طالبة المرحلة الإعدادى التى تخطو نحو ربيع عمرها أن تحت جلد الضأن قلب ذئب، وأن مدرس العلوم الذى أمنته على مستقبلها الدراسي، ما هو إلا وحش فى شكل إنسان، أفقدها أعز ما تملك حتى ظهرت عليها آثار الغدر، فى فضيحة أخلاقية جديدة يبدو أنها – للأسف- لم تعد غريبة على المجتمع المصري.

فى واقع الأمر، لم يعد جديدا أن تسمع أو تقرأ عن معلم اغتصب طالبته فمثل تلك الجرائم أصبحت كثيرة، فلا تعد قضية مدرس الإعدادى فى الدقهلية التى حملت منه طالبته هى الأولى من نوعها، فقد سبقتها الكثير من الجرائم المماثلة، لذا طالب أساتذة علم النفس والاجتماع بتغليظ عقوبة الاغتصاب على المدرسين حتى يكونوا عبرة لزملائهم.

 

المطالب التى قدمها خبراء الاجتماع تؤكد أن المعلمين لا يخضعون لأى إجراءات تأهيل نفسي، وذلك بإخضاعهم لفترة اختبار قبل تعيينهم، مع إجراء فحوصات دورية لهم، وهنا يأتى دور الأخصائى الاجتماعى والنفسى فى كل مدرسة، والذى ليس هدفه الطلاب فقط، بل لابد أن تمتد علاقته إلى الأساتذة، ويتعرف على مشاكلهم ويساعدهم فى حلها.

الدكتور جمال أبو شنب، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة حلوان، قال أن ظاهرة وقوع بعض حالات الاغتصاب والتحرش من مدرسين بطالبات تعكس خللا فى الواقع الاجتماعى، لأن هذا يعد انحرافا عن السلوك السوي، ونحن أمام جريمة لها ثلاثة أبعاد، البعد الأول نفسى يشير إلى وجود خلل فى البناء النفسى للفرد، والمقصود به هنا المدرس نتيجة التربية والتنشئة الخاطئة، والذى يعد رجلا ناضجا وعاقلا ومسئولا، وفى نفس الوقت تحكمه مجموعة من العادات والقيم والواجبات التى تم تعيينه فى وظيفته من أجلها، وبالتالى فإن هناك خللا فى اختيار هذا المدرس من البداية فى هذا المكان.

وأضاف د. «أبو شنب» أن المعايير التى يكتسبها الإنسان من التنشئة والتربية أصبحت غير موجودة، وكذلك فإن الأسرة مسئولة عن وجود تلك الانحرافات، لأنها لم تربِ هذا المدرس على قيم المجتمع وعاداته، وكذلك فإن القانون به تسيب ولا يطبق على من ينتهك محرمات المجتمع، فضلا عن أن تطبيق القانون فى كثير من الأحيان يأخذ وقتا طويلا جدا، وبالتالى فإن الرادع لهذا المدرس غير موجود، والعبرة غائبة، ومسألة العقاب عندما تأخذ وقتا طويلا فى المجتمع، خاصة فى المسائل التى تهدد القيم الدينية، تؤدى إلى تشجيع الآخرين على الانحراف، أما إذا تم تطبيق القانون فى مثل تلك الانحرافات فى وقت قصير، فسيكون هذا الشخص عبرة لغيره، بالإضافة إلى أن دور المؤسسات الدينية فى التوعية بالقيم الدينية والعادات المجتمعية قد يكون نادرا أو غائبا تماما.

وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسى إلى أنه لابد أن يكون فى المدرسة رجل دين من خريجى كليات الشريعة أو الدعوة الإسلامية، حتى ينقل القيم الدينية للتلاميذ والطلبة كما كان يحدث قديما، وكذلك فإن عدم الانضباط الموجود فى الشارع ينعكس على الوضع فى المدارس، فالمجتمع المصرى مر بفترة خمس سنوات كان فيها فى مرحلة عدم اتزان مما أفرز الكثير من السلوكيات المنبوذة، وهذه الظاهرة واحدة من تلك السلوكيات، وكان تطبيق القانون فى تلك الفترة غائبا مما أدى إلى انتشار السرقة والاغتصاب والقتل.

«أبو شنب» نبّه إلى أن الأمر يستلزم بصورة عاجلة إعادة منظومة القيم والتنشئة وتطبيق القانون، مشددا على أن هناك تقصيرا كبيرا من وزارة التربية والتعليم فى هذا الأمر، لأن هناك حالات اغتصاب كثيرة وقعت فى المدارس خلال السنوات الماضية فى غياب لدور الوزارة التى عليها أن تقوم فورا بفصل هذا المدرس وليس مجرد وقفه عن العمل كما يحدث فى الحالات التى وقعت، ثم بعد ذلك يأتى دور القانون الذى لابد أن يطبق سريعا وفى وقت ناجز جدا حتى يكون عبرة لغيره، فالمدرس إذا عرف أن إقدامه على فعل هذه الأشياء سيتم فصله من المدرسة وحبسه لن يقدم على هذه التصرفات الخارجة.

ويؤكد أستاذ علم الاجتماع أن للقضاء على تلك التصرفات الخارجة عن قيم المجتمع تأتى فى البداية بضرورة إعادة منظومة القيم والتنشئة السوية فى الأسرة والمدرسة، وبالنسبة للمدرسين لابد قبل تعيين هذا المدرس أن يتم عمل مقابلة شخصية معه على المستوى السلوكى والثقافى وأن يخضع لفترة اختبار لا تقل عن عام، ويتم تحليل سلوكياته من حيث الانضباط فى التعامل مع الطلبة، وإذا فشل فى الاختبار لا يتم تعيينه، ثانيا لابد من وجود رجل دين من خريجى الأزهر فى المدارس ويكون له سلطة فى التعامل مع أى مدرس يجد سلوكياته ليس على المستوى المطلوب، وعودة مادة الدين كمادة أساسية فى التربية والتعليم بالنسبة للمسلم والمسيحي، لأن غيابها هو أحد الأسباب الرئيسية لوجود هذه المشكلة فى المجتمع المصرى واستمرارها.

أما بالنسبة للعقاب على المدرس الذى تقع منه هذه الأفعال، فيرى د. «أبو شنب» أنه لابد وأن يكون العقاب صارما وحاسما، لأن هذا الشخص يعد خارقا لأخلاقيات المهنة والتى تعد من أشرف المهن، لأنها مهنة تعليم الأجيال، كما لابد من وجود دائرة فى المحاكم للأفعال الأخلاقية والتى تهدد قيم وعادات المجتمع، بحيث يتم الفصل فيها فى أقل من شهر بعقاب رادع، حتى يكون هذا المدرس عبرة لمن يقدم على مثل تلك الأفعال، وعلى مجلس النواب أن يقوم بالنظر فى عقوبة تلك الأفعال وتغليظها حتى تستقيم العملية التعليمية.

الدكورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، قالت أن اغتصاب المدرس لتلميذته يعد جريمة لابد من تغليظ أساليب العقاب القانونية لها، وهى حالة مرضية، والمدرس الذى يرتكب هذه الجرائم يعد مريضا، وهذه الحوادث أصبحت تقع بشكل كبير فى المجتمع، وليست مقصورة على البنات فقط، ولكن هناك نسبة كبيرة من الاغتصاب يكون ضحيتها طفلا أو تلميذا، وللسيطرة على تلك السلوكيات لابد من برامج توعية للتلاميذ حتى لا يتم اصطيادهم من مدرس مريض، وهذه البرامج تكون خاصة بأجسامهم، لأننا نترك أولادنا دون أن يكون لديهم أى ثقافة خاصة بأجسادهم، حتى لا يكون سهلا على المنحرف استدراجهم، وللأسف نحن نحرص فى مجتمعاتنا على أن تكون البنات ليس لديهن أية ثقافة جنسية وبلهاء فى هذا الأمر إلى وقت الزواج، وهناك بعض البنات إذا قمن بسؤال الأم عن أى شىء يخص أجسامهن أو النواحى الجنسية لهن، فإن الأم تقوم بضربهن، وهذا الأمر خاطئ، لأنه يفتح الباب لأى منحرف أو مريض أن يستدرج الفتاة، ولذلك فإن دور الأسرة كبير فى التوعية والتنشئة السليمة.

وأردفت د. «زكريا» بقولها إنه لابد أن نعلّم الفتاة كيف تتعامل مع الشخص المنحرف، لأن معظمنا فى المدارس يكون فى مخيلته بأن المدرس هو الشخص المحترم الذى لايصدر منه أى أفعال خارجة، وقد يلجأ المدرس لهذا الدور لاستدراج الفتاة، ونحن للأسف نعلم الفتاة فى المدرسة بأن تكون حريصة على شنطتها أكثر من حرصها على جسدها، مؤكدة أن لابد من خضوع المدرس قبل تعيينه لدراسة سلوكه وبعض الاختبارات النفسية، ولابد أن تكون شخصية المعلم شخصية منضبطة وغير مضطربة حتى لا تقع منه هذه الجرائم».

الدكتورة إجلال حلمي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، تقول أن ظاهرة تحرش المعلمين بالطالبات ما هوّ إلا استمرار لانهيار الأخلاق فى المجتمع المصري، وتساءلت: أين ضمير المدرس نفسه؟ موضحة أن جزءا من المشكلة يكمن فى تناول الدراما للعلاقة بين الطلاب والمعلمين التى يتخللها بعض الأحداث حول الزواج والعلاقات غير الشرعية.

وأضافت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «لدينا انهيار فى الأخلاق، البنت ليست ضحية، وهى تعى ما فعلته، لكن لابد أن نشدد الرقابة عبر التأكد من إخلاء الفصول بعد المدرسة، هذا شخص مريض، وتحول إلى وحش بهذه الطريقة، وهو كان يتصوّر أنها جريمة لن تظهر، ويجب على الأمهات أن تستمع إلى التفاصيل اليومية لبناتهن»، مطالبة بإطلاق حملات توعية فى المدارس وأن تدفع مؤسسات المجتمع المدنى جزءا من ميزانيتها لتوعية البنات حتى لا يتعرضن للاغتصاب.

الدكتورة هبة عيسوي، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، قالت إنها رصدت عددا كبيرا من هذا النوع من الجرائم خلال الفترة الماضية، ويتعلق بالتحرش بالطالبات خصوصًا البنات الأصغر سنًا، والنسبة تكون أكبر لدى الفتيات ممن حدث لهن بلوغ مبكر.

وحللت «عيسوي» الحالة النفسية لهؤلاء المعلمين، بالقول: «هؤلاء الأشخاص يعانون من كبت جنسى ويريدون تفريغ الطاقة بدون علاقة جنسية كاملة، وهناك من يجد متعته فى التحرش بالأطفال، وهذه طريقة غير سوية وهذا مرض يحتاج لتأهيل».

«نستطيع منع التحرش»، حسبما تؤكد هبة عيسوي، بخضوع الأساتذة لفحوص دورية، خاصة التأهيل النفسى للأخصائى الاجتماعي، حتى نتجنب هذه المواقف، ولو مدرسة مصابة باضطرابات نفسية ستؤذى الأطفال، مما يعد اكتشافا مبكرا بدلا من الآثار السلبية، فالركود يجعل المدرس عنده رتابة مما ينعكس بشكل غير صحى على سلوكياته، وإعطاؤه برامج تدريبية.

 

    Egypt Air