دائماً ما تكون بداية الطريق شاقة
وفيها العديد من المتاعب والعقبات، وهذا ينطبق على كل المجالات، فالإنسان لا يكون
لديه الخبرة التي تجعله ماهراً في عمله، حتى العلاقات العامة والمعارف لا تكون
كافية كي يكتسب الشخص منها الخبرات، لذا تحدث العقبات والعثرات، وفي ذكرى ميلاد
الفنانة القديرة سميرة أحمد نروي بعض العقبات التي واجهتها في بداية مشوارها
السينمائي، والقلب الرحيم الذي لازمها ودعمها، والقلب الآخر الذي تربعت فيه ونالت
منه كل عناية ورعاية حتى ظهرت كنجمة سينمائية.
روت سميرة أحمد في حديث لها بمجلة
الكواكب في فبراير 1956 العديد من ذكرياتها، وأكدت أن بداية طريقها السينمائية كانت مليئة بالعقبات والدموع والمفاجآت، فقد كان العمل السينمائي يطوف بذهنها كلما
فكرت في مستقبلها، لكن أمنية والدها كانت أن يلحقها بالمدرسة الثانوية بعد أن أنهت الابتدائية، ثم تلتحق بكلية الحقوق، وكانت أمنيتها هي العمل بالسينما، لكنها
لاتجرؤ على البوح بذلك، فمجرد التفكير في العمل السينمائي حسب تصريحها كان جريمة،
إلى أن زارتها إحدى زميلاتها وكانت تربطها صلة قرابة بأحد العاملين بالسينما، ورأت
في إحدى كراسات المدرسة الخاصة بها عدة صور لنجوم السينما فانبهرت بهم، وهنا
سألتها زميلتها: هل تودين العمل في السينما؟
سرحت سميرة أحمد بخاطرها، ماذا لو
أخبرت والدها برغبتها في العمل بالسينما، وماذا سيكون مصيرها لو أقدمت على تلك
الخطوة، وانتهى تفكيرها إلى موافقة زميلتها على فكرتها وطلبت منها أن تقدمها إلى
قريبها السينمائي، وذهبت "سميرة" حسب الموعد المحدد، ولم يكن قريب زميلتها سوى
موظفاً متواضعاً بإحدى الاستوديوهات، وقد كان كثير الكلام عن نفسه حتى يضفي أهمية على وظيفته.
نظر الرجل إلى "سميرة" طويلاً ثم ارتدى
نظارته وعاد يتفحصها حتى كاد يغمى عليها وهي في لهفة لتسمع رأيه، وأخيراً قال لها
بغطرسة:"مش بطالة .. بس لازم تخسس نفسها كتير .. وكمان تشوف أفلام أجنبية علشان
تتعلم التمثيل"، وتلقفت سميرة تلك الكلمات وبدأت في إعداد نفسها لتكون ممثلة،
وامتنعت عن تناول الطعام، وكانت تذهب إلى السينما يومياً كي تتابع الأفلام وقد
أصيبت بهزال شديد، وسألها والدها ذات يوم عن سر امتناعها عن الطعام فقررت مصارحته
بالأمر.
توقعت سميرة أن تكون نهاية حياتها بعد
هذا التصريح، ولكنها فوجئت بابتسامة عريضة من والدها وسألها: هل تثقين بنفسك
وبنجاحك كممثلة؟ فقالت نعم وكل ما ينقصني هو موافقتك، فأخبرها الوالد بموافته،
وكانت على دراية كبيرة بأخبار الوسط الفني من خلال المجلات، ولم تجد صعوبة في
الذهاب إلى الاستوديوهات والظهور في أدوار ثانوية ببعض الأفلام، وكانت تعتبر تلك
الأدوار الصغيرة بمثابة مدرسة تتعلم فيها علومها الفنية الأولى.
تعرفت في تلك الفترة على المنتج "بطرس زربانيللي"
الذي رشحها للقيام بدور كبير في فيلم "من عرق جبيني" عام 1952 أمام فاتن حمامة ومحسن
سرحان، ويبدو أن القدر قد ابتسم لها، فقد أعجب بها المنتج والموزع وطلب الزواج
منها، وأشهر إسلامه وغير اسمه إلى "شريف زالي" ليتم الزواج .. وعرض
الفيلم في 29 سبتمبر 1952 واستقبلها الجمهور في السينما بالهتاف، ورغم الحفاوة فقد
كانت تفكر في شيء هام وهو والدها، فقد كان موجوداً ورأته يقترب من "اللوج" الذي تجلس
فيه، ويزاحم الجماهير حتى يصل إليها وبعد أن اقترب منها عانقها وأخذ يقبلها وهو
يهنئها بنجاحها في فيلمها الأول.