الإثنين 20 مايو 2024

مفكِّر عراقي في حوار لـ«الهلال اليوم»: «هيدغر» قارئ تأويلي مُحترف من روّاد القرن العشرين والعرب لم يتعرّفوا إليه كاملًا

تحقيقات13-1-2019 | 19:38

في مطلع 2019 صدر ضمن "مشروع تأويليات" كتاب للفيلسوف والمفكِّر العراقي رسول محمد رسول عُنون تحت مسمى "فتنة الإسلاف.. هايدغر قارئاً كانط".


المؤلِّف متخصّص بالفلسفة الألمانية منذ سنة 1994، ولا يزال يواصل الكتابة فيها وغيرها من الفلسفات، لكنه توقف عند فلسفة مارتن هيدغر في كتابه "العلامة.. الجسد.. الاختلاف.. تأمُّلات في فلسفة مارتن هيدغر"، الصادر في بغداد سنة 2015، وعاود الاشتغال على هذه الفلسفة، مرّة أخرى، في كتابه الجديد "فتنة الأسلاف.."، فجمع بين مارتن هيدغر وسلفه إيمانويل كانط هذه المرّة، ليكشف عن دروب القراءة التأويلية الاستثنائية التي كرّسها فيلسوف الغابة السوداء هيدغر لمواطنه كانط. 


وفي هذه المناسبة أجرينا الحوار الآتي:-


كيف كان طريقك إلى مارتن هيدغر، هل لأنه فيلسوف ألماني وأنت المتخصص في الفلسفة الألمانية؟

أستطيع القول، نعم؛ لكونه ألماني وأنا متخصِّص "أكاديمياً" في الفلسفة الألمانية الحديثة في مرحلتي الماجستير والدكتوراة، وتراني أحترم تخصُّصي، وأخوض في غماره بعلم وشغف وحب واجتهاد من دون عقبات، طالما إرادة البحث الخلاّق عندي متوثبة، ويغمرني الشعور بأنني أكرِّس مسؤوليتي العلمية لمواصلة، هكذا بحثت في شؤون الفلسفة الألمانية سواء الحديثة أو المعاصرة، لا سيما أن الأخيرة هي امتداد للأولى.


ألا ترى أن مارتن هيدغر هو فيلسوف القرن العشرين بامتياز وأنت متخصِّص بفلسفة الألمان في القرن التاسع عشر سواء مع إيمانويل كانط أو أتباعه الألمان؟


نعم، لكن "هيدغر" غير منقطع عن أسلافه الفلاسفة، لا سيما الألمان، ولذلك اخترت عنواناً رئيساً لكتابي الجديد عن هيدغر هو "فتنة الأسلاف..)، فأسلاف هيدغر مثّلوا له فتنة لم يستطع إغفالها والتخلُّص منها فراح مفتوناً بهم. 


وهنا تراني أعتقد أن الافتتان شغف لكنه تأويلي، هذه المرة- لدى هيدغر وهو نفسه بدا مفتوناً بعدد من الفلاسفة ومنهم إمانويل كانط، ولهذا جاء عنوان الكتاب الفرعي "هيدغر قارئاً كانط"؛ إذ لهذا الفيلسوف رؤية واضحة بشأن التراث الفلسفي؛ فالتراث ليس مجرّد ركام إنما هو حضور، وأسوق نص ما قاله هيدغر نفسه في كتابه "مبدأ العلة": فلا بد "أنْ نرى في فكر السَّلف vormaligen Denkens أكثر من مجرَّد رُكام من الآراء الفلسفيّة الدائرة؛ فالتراث حضور يحمل الفكر ويجعلنا نبحث عنه حيث تنقاد الذات إلى أفق يتخطّى الذات (نفسها) لتتوحَّد فعلياً مع التراث وبه؛ فها هُنا الحافز، الحافز الوحيد الذي يشدّنا إلى الطواف die Umwege حول مبدأ" ما في التراث.


ومن ذي قبل، كان سلفه فريدريش نيتشه قال عبارته التي لا أعتقد أنها كانت غائبة عن ذهن هيدغر: "التفلسُف هو فن التواصل الراقي مع الأسلاف"، وبهذه الرؤية الفلسفية كان هيدغر مع أسلافه على نحو تواصلي فكانت قراءاته رائعة الوفاء لأسلافه.


صرّحتُ مرّة بأن كتابك (العقلنة.. السبيل المرجأ) هو الأول عن فلسفة مارتن هيدغر بالعراق وقد وجد طريقه للنشر، فماذا تعني بذلك؟


نعم هو أول كتاب يصدر بالعربية لي عن مارتن هيدغر في العراق، وقبل سنة من صدوره كانت في العراق أطروحة جامعية "ماجستير" كتبها الصديق الدكتور كريم الجاف، كان ذلك في سنة 2000 بعنوان "مسألة الوجود في فلسفة مارتن هيدغر"؛ بل توجد رسالة أخرى "دكتوراة" عن مارتن هيدغر بقلم الدكتور فاتن كاظم مريوش كتبتها في سنة 2007 تحت عنوان "مفهوم الحقيقة عند مارتن هيدغر"، وكلاهما غير منشور ورقياً ليتم تداوله، ليعود الصديق كريم الجاف بأطروحة دكتوراه في سنة 2014 وعنوانها "التأويل في فلسفة مارتن هيدغر"، وهي رسالة غير منشورة أيضاً لغاية سنة 2018. 


لقد طلبتُ منهما نشر ما كتباه لكنهما تحفظا، ولا بأس في ذلك، فالصديق كريم الجاف والسيدة فاتن مريوش، كلاهما، رائداً في مجال الدراسات الجامعية التي تناولت فلسفة مارتن هيدغر. 


وقد ذكرتُ جهدهما العلمي الأكاديمي في أحدى مقالاتي، فحاز كتابي "العلامة.. الجسد.. الاختلاف.. تأمُّلات في فلسفة مارتن هيدغر" مقام الريادة في الدراسات الهيدغرية المنشورة ككتاب ورقي بالعراق، لكن الصديق كريم الجاف وكذلك الصديقة فاتن، كلاهما، كتب قبلي في سياق الرسائل الجامعية عن فلسفة مارتن هيدغر، أقول ذلك للأمانة لعلمية ليس إلا.


هل خلت الصحف والمجلات الدورية في العراق من أيّة دراسة عن هيدغر قبلك؟

توجد لكنها متفرقة، فأنا كنتُ كتبتُ عن مارتن هيدغر مقارنة بجاك دريدا في إحدى الصحف العراقية، وسبق أن كتبَ أستاذي الدكتور قيس هادي أحمد عن مارتن هيدغر - وهو المشرف على أطروحتيُ في الماجستير والدكتوراة - وكذلك كتب الدكتور يوسف حبي (1934 - 2010) في العراق بعض الدراسات. 


ولكن لا أحد تقدّم بكتاب مستقل قائم برأسه عن فلسفة هيدغر لكي ينشره ورقياً حتى سنة 2015، بحيث يمتاز بوحدة موضوعه قبل كتابي (الاختلاف.. الجسد.. العلامة)، وتالياً قبل كتابي في سنة 2019 (فتنة الإسلاف..)، لأن الدراسات الهيدغرية المخصوصة لا مساق دراسي لها في كل أقسام الفلسفة الجامعية بالعراق سوى أن هيدغر تتم دراسته ضمن مساق "الفلسفة المعاصرة" أو "الفلسفة الوجودية" وهو مساق يعاني من مشكلاته.


يبدو أنك لم تكتف بكتابك هذا فقط عن فلسفة مارتن هيدغر لا سيما أنك نشرت بحوثاً عن هيدغر بعد سنة 2016؟

لقد وجد كتابي "العلامة .. الجسد.. الاختلاف.." ترحيباً لدى قرّاء الفلسفة عامة بالعراق وخارجه، لكني لم أتخل عن مداومتي بقراءة فلسفة هيدغر والكتابة عنها، فكانت عندي مواظبة على مطالعة النص الهيدغري مباشرة، لا سيما وقد صدرت الترجمة العربية الأولى لمحاضرات هيدغر سنة 1923 الـ "أنطولوجيا.. هرمينوطيقا الواقعانية" بقلم عمارة الناصر في سنة 2015، فوجدت نفسي بإزاء متن هيدغري غاية في الأهمية يسبق متن (الكينونة والزمان) ويؤسِّس له، حتى انفتحت أسارير شهيتي أكثر لفهم ما يقصده هيدغر عندما يتناول "التأويلية" ثم "الهرمينوطيقية"، وهو فرق بينهما لم يدرك مغزاه قرّاء الفلسفة الهيدغرية طويلاً لأنهم لم يتوافروا قراءة متون هيدغر نفسها باللغة العربية؛ وإن تحصلوا عليها لا ينغمسون في قراءتها، وكانت قراءة من هذا النوع مساراً لي، وهي قراءة متعبة وعصية المزاحمة أحياناً، لكني تملّكت صبراً لذلك فرحت أعاندها؛ فليس من المعقول الركون إلى ما يُقال عن فلسفة هيدغر ونتغافل عمّا يقوله هو نفسه وفي نصوصه بالذات تلك التي كتبها بمداد قلمه، مع احترامي لكُل ما يُقال حول فلسفته على سبيل القراءة التحليلية أو التفسيرية أو التأويلية، وهذا شأن كل مقروء، مع العلم أن هيدغر - وبحسب نمط قراءته لكانط أو فريدريش نيتشه أو غيرهما - ما كان يعتد بما قيل عنهما أو الدراسات القرائية التي تكرّست عنهما أو غيرهما، وهو أمر لا أظنه يثلم التاريخانية التي يؤمن بها هيدغر نفسه فقراءته تكريس تاريخاني لكونها تمتد إلى أسلافه وتستحضرهم، وتعوّدتُ أن أرى قراءات هيدغر لغيره من الفلاسفة أنها تذهب إلى وسط فلسفة إسلافه بحثاً عن عمقها.


عنوان كتابك الفرعي "هيدغر قارئاً كانط" يتضمّن مفهوم "القراءة"، فما الذي وجدته؟

قبل سؤالك هذا تراني انتهيت إلى طبيعة القراءة الهيدغرية، لكني أضيف القول: "إن هيدغر يفرق بين "الهرمنيوطيقا" و"التأويل"، فهما عنده غير متساوين وغير متشابهين على الإطلاق، والمساوات بينهما فهم خاطئ وقع في فخاخه الكثير من قراء فلسفة هيدغر. 


ومنذ محاضرات سنة 1923 حدّد هيدغر معنى ومَهمة الهرمنيوطيقا فقال: "مَهمة الهرمينوطيقا هي جعل الدزاين (أو ممكن الوجود في ذاته) في كل مرّة متاحاً في خاصيَّة كينونته، وجعله متاحاً لنفسه، وتبليغه، وملاحقة الاغتراب الذاتي الذي يعاني منه هذا الدزاين، في "الهرمينوطيقا" تتجلّى للدازين إمكانية الكينونة وأن يصبحَ فهوماً لنفسه"، ومن ثم فإن فعل وجود الأشياء، في كل مرّة، يحمل معه الفعل الهرمينوطيقي، أما "التأويل" فهو اشتغال تال، إنه قراءة ما بعد هرمينوطيقية فهذه الأخيرة خاصيّة وجود أنطولوجي جرّبها هيدغر في قراءاته لأرسطوطاليس وأوغسطين قبل كانط، ونيتشه تالياً، وأراه واهماً ذلك الشخص الذي يعتبر هيدغر قد غادر هذا الفهم للقراءة وللتأويل!. 


لقد جدت أن "هيدغر" قارئ تأويلي محترف، إنه قارئ يضع نصوص أسلافه أمامه ليقرأها قاصداً تأويلها ولا أقول تحليلها أو تفسيرها على نحو خال من أي غطاء تأويلي، وهذا ما فعله مع أرسطوطاليس، ومن ثم مع إمانويل كانط، وتالياً مع فريدريش نيتشه، وكانت فورية ضيف الله "تونسية" قد تناولت قراءة هيدغر لنيتشه تحت عنوان (كلمات نيتشه الأساسية ضمن القراءة الهيدغرية)، وهو كتاب له معطيات مهمة كان صدر سنة 2015، بينما بقيت قراءة هيدغر لكانط مفقودة في الدراسات العربية، وهنا جاء دوري في شأن هذه القراءة، لا سيما أنني من المتخصّص القلائل بالفلسفة الكانطية في العراق والوطن العربي، وهيدغر أصبح متاحاً لي بلغة الضاد، فلا عذر لي من الانغماس بقراءته والكتابة عنه!.


لقد كانت أمامي مَهمة تبيان القراءة الهيدغرية لفلسفة كانط، فشددتُ الرحال رغم انهيار وضعي الصحي إليها فكان كتابي (فتنة الإسلاف.. هايدغر قارئاً كانط)، وهنا أقولها صراحة، إن "هيدغر" قارئ تأويلي مُحترف من قراء القرن العشرين، والتراث القرائي لهيدغر واسع وكبير، والعرب لم يتعرّفوا إليه كاملاً بعدُ، ومَهمة الباحثين تشخيص ذلك، خصوصاً بعد أن وفر لنا فتحي المسكيني ترجمة راقية لكتاب (الكينونة والزمان)، ووفر عمارة الناصر (جزائري) ترجمة لكتاب (أنطولوجيا.. هرمينوطيقا التأويلية) وهو كتاب ربما سيجد ترجمة أخرى له عن الألمانية ضمن مشروع (تأويليات) سينهض بها الدكتور محمد أبو هاشم محجوب، وقد نشر ترجمته للتصدير وللفصل الأول منه في العدد الأول من مجلة (تأويليات) الصادر في شتاء 2018، ناهيك عن ترجمة إسماعيل المصدق لكتاب هيدغر (الأسئلة الأساسية للفلسفة) في السنة ذاتها، وعندما أصف هيدغر بأنه قارئ تأويلي محترف فأعني ما أقول؛ ذلك أن هيدغر لا ينصرف إلى إيمانويل كانط بوصفه قارئاً - محللاً، بعيداً عن خطاب هيدغر في فلسفته الهيدغرية؛ بل هو القارئ التأويلي، ورحلته مع مؤلفات كانط امتدّت لعقود، وهو ما بينته في كتابي (فتنة الإسلاف..).


وأنت تقرأ هيدغر هل تعتقد أن هذا الفيلسوف يؤرّخ للفلسفة عندما يقرأ أرسطوطاليس أو أفلاطون أو كانط أو نيتشه أو هولدرلن؟

لا أعتقد ذلك، ولم ألمح "هيدغر" مؤرخاً للفلسفة قط، وهو منحى استراتيجي لديه منذ البداية، ولو قرأنا محاضراته لسنة 1937/ 1938، التي ترجمها ونشرها إسماعيل المصدق في سنة 2018 تحت عنوان (الأسئلة الأساسية للفلسفة)، سنجد أن هيدغر يفرق بين "التأريخ" بمعنى الأرخنة، و"التاريخ" بمعنى الحدوث، ومن ثم تفرقته بين "النظر التأريخي"، الذي يصفه بأنه مُضلِّل، و"التمعُّن التاريخي"، وتالياً لديه تفرقة أخرى؛ حيث يرى في كلمة "تأريخي" بالهمزة فوق الأف أنها تعني "ضرباً من المعرفة"، أما كلمة "تاريخي" من دون همزة فتعني "الحدوث نفسه أو التاريخ نفسه بصفته كائناً"، ويدخل ذلك في جوهر فلسفته الأنطولوجية والوجودية. وهنا يقول: إن "للتمعُّن التاريخي اختلافاُ جوهرياً عن النظر التأريخي"، وهيدغر، وعندما قرأ أسلافه، ومنهم إيمانويل كانط، كان يقرأ كُل فيلسوف بتمعّن تاريخي لا بعين المؤرخ، وهو التمعّن الذي "لا مناص منه يوماً ما" كما يقول هيدغر نفسه، وعموماً هي قراءة تنطلق من "إرادة تشكيل المُقبل" أو المستقبل أو الغد؛ فهيدغر لا يكتب عن أسلافه كما لو كانت كتابة عن مُجرّد الماضي! إنه يكتب عنهم بعين المستقبل ليستأنف البدء الذي جرّبوه هم أنفسهم، من أجل بداية أخرى للمستقبل تمثلها القراءة الهيدغرية التي تحذر من محاكاة الماضي بما له من قيود ومخالط.


هل يمارس مارتن هيدغر شيئاً من العسف أو قُل: "العنف" في قراءته للآخرين من أسلافه؟

هذا ما يُقال عنه، خصوصاً عندما قرأ فريدريش نيتشه وكتب عنه، ولكن علينا أن نميز بين الصرامة والعسف أو العنف، فهيدغر صارم القراءة لكنه لذيذ الكتابة مجديها، ولم أجده ظالماً لأحد من أولئك الذين قرأهم وكتب عنهم، لا سيما في كتابته عن المقروء من جانبه، وهو يُخضع، هذا المقروء، إلى فلسفته - فلسفة هيدغر - لكني لا أجده متعسفاً في ذلك، وعلى أي حال يبقى الأمر رهن قراءة وفهم الآخرين لمنهجه. 


ويطيب لي، في هذا المجال، أذكر ما قاله هيدغر نفسه في محاضراته لسنة 37/ 38 والتي نُشرت تحت عنوان (الأسئلة الأساسية للفلسفة) الذي تأخر نشرها بالألمانية عموماً حتى سنة 1984، وظهرت بالعربية في سنة 2018: "مهما كان الإعجاب مفتوناً فإنه ينجح دائماً في التحرّر بإزاء المُعجب به بحيث أنه يكمن في كُل إعجاب نوع من إعطاء اعتبار للذات أيضًا" (ص 183)، وتراني أكرر عبارته في هذا النص: "إعطاء اعتبار للذات أيضًا". وهذا يكفينا وضوحاً بأن قراءة هيدغر لكانط أو لغيره من أسلافه مقرونة دائماً بصوت "الأنا الهيدغرية" نفسها، فكل مقروء هيدغري لا يغادر ما يريد هيدغر نفسه قوله للناس والعالم وأعتقد في ذلك حق لمارتن هيدغر.


هل تعتقد أن سفرك القرائي إلى هيدغر سيتوقّف عند هذا الكتاب؟

لا أظن ذلك، فبين يدي دراسات أخرى كتبتها ونشرتُ بعضها من دون جمعها في كتاب حتى الآن، وأعتقد أنه سيكون مادّة لمنشور (كتاب) قادم يمكن أن يصدر في سنة 2018 أو سنة 2020 أو قبلهما أو بعدهما، لم أقرر بعد! والأمل أن تجد متون هيدغر الفلسفية الأخرى طريقها إلى القارئ العربي، فأعماله الكاملة تصل إلى 101 مجلد، وكتاب هيدغر الرئيس (كانط ومشكلة الميتافيزيقا) لسنة 1929 لم يجد بعد طريقه إلى لغة الضاد، وكذلك كتابه الضخم عن فريدريش نيتشه. 


يدخل كتابكَ عن مارتن هيدغر إلى القارئ العربي من باب القراءة والتأويل، هل تجد أن المؤلّفات التأويلية الأساسية لم تجد طريقها إلى القارئ العربي؟


نعم، أرى ذلك، وربما ترجمة كتاب (أصول التأويلية..) من تأليف جورح غوسدورف وترجمة فتحي إنقزو يصب في ترجمة الأصول رغم أن الكتاب يبدو تأريخاً للتأويل يتناول خلفيّات تأريخ التأويل، لكنّه تحدّث عن مرحلة مدرسة الإسكندرية بوصفها باباً من أبواب خلفية للتأويل، ونحن لا نمتلك كثيراً من نصوصها الأساسية، ولا نمتلك نصوص فلهلم ديلتاي وفريدريش شلايرماخر التأويلية كاملة بالعربية، يوجد نقص كبير في ذلك ويمكن قراءتها بلغتها التي كُتبت فيها لكن وجودها مُترجمة إلى العربية ستكون إتاحة مثمرة وعلى نحو مُجد للبحث التأويلي العربي، وهو أمر أتمنّاه، والان بدأت محاولات في هذا السبيل تبزغ لكنها بطيئة.