بقلم : السفيرة د. مشيرة خطاب
حققت نساء مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية قفزة نوعية في مسيرتها لنيل حقوقها، في ظل قيادة سياسية واعية أعادت للمرأة المصرية جزءاً كبيراً من مكتسباتها التي حاول البعض الانتقاص منها في أعقاب ثورة 25 يناير, وإعلان عام 2017 عاماً للمرأة المصرية يعكس ولاشك الوعى بأهمية تعزيز مشاركة المرأة في كل المجالات من خلال تعميق مفهوم المواطنة الكاملة وترسيخ ممارساته التي تستند إلى مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز في كل المجالات، تلك هي المفاهيم التى أقرها الدستور المصري لعام 2014 الذى أعاد لنساء مصر ما سلبه دستور 2012 وليؤكد على أن قضية المرأة هي قضية مجتمع.
وتفاخر المرأة المصرية بما حققته فأصبح لدينا 89 نائبة فى مجلس النواب وخمس وزيرات, بل تقدمت 1800 امرأة للتنافس عام 2015 فى مسابقة برنامج تطوير ريادة الأعمال للكوادر النسائية الشابة, وبينما يتنامى عدد القاضيات من النساء يتنامى أيضا أعداد النساء اللاتي يحققن إنجازات بعيدة عن الأضواء, نساء يكافحن لتدبير لقمة العيش ليس فقط لأنفسهن بل للأسر التي يعلنها, ومن المهم الإشارة إلى أن 35% من النساء وجدن أنفسهن يعلن أسرهن دون اختيار منهن ومع ذلك حققن نجاحا كبيرا, لقد تنامت مشاركة المرأة المصرية فى مختلف مناحي الحياة, هناك نساء حققن بطولات بعيدة عن الأضواء, النساء الفقيرات اللاتي نجحن فى أن يصبحن رائدات أعمال, ومن ناحية أخرى نجد مجلة فوربس قد اختارت ضمن أفضل من يقمن بتدوير القمامة وتحويلها إلى نسيج للسجاد وخلافه, والمرأة التى تخفت فى ثياب رجل لمدة 45 عاما حتى توفر لقمة العيش لأولادها وبناتها, هذه كلها نماذج تدعو للفخر.
لقد هيأت القيادة السياسية المصرية المناخ للمرأة المصرية لتوصيل صوتها والمشاركة في مواجهة الأصوات التى طالما نادت بتهميشها وقصر دورها على منظومة الأسرة, فتمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً يجعلها قادرة على أن تضطلع بدور أكثر أهمية ومحورية في مواجهة التحديات التنموية التى تواجه المجتمع المصري وأبرزها خطر الإرهاب والفكر المتطرف، الذي تعاظم مع تراجع الاكتراث بالفنون والثقافة وتدهور التعليم, إن الدولة المصرية تؤمن إيمانا راسخا بأهمية دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع وضرورة تفعيل مساهمتها في الحياة العامة، وتشجيعها على المشاركة السياسية بجميع صورها وفي جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لكي تسهم المرأة في جهود التنمية، بعيداً عن الأطر الثقافية والاجتماعية التقليدية التى لا يجب أن تظل عائقا أمام إتاحة الفرص المتكافئة والحقيقية أمامها, فجاء تعيين أول سيدة في منصب المحافظ هذا العام ليبرز الاهتمام والتقدير اللذين توليهما الدولة المصرية في حقبتها الجديدة للمرأة المصرية ولدورها الوطني من جانب، وليكلل نضال المرأة المصرية الذي استمر لأعوام من جانب آخر.
إن ما تحقق على مدار الأعوام الماضية هو نواة للمستقبل، فعلينا أن نحرص أن نبني عليه من خلال تشجيع روح المبادرة والتطوع والعمل الجماعي وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني, فمن المهم أن تستند رؤيتنا على أن التعليم والثقافة يلعبان دورا مهما في تحقيق التنمية المستدامة لأنهما الأساس في تمكين المرأة بل والمجتمع بأسره، من المشاركة في جميع مجالات الحياة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية, علينا العمل أيضاً من خلال بناء المؤسسات وتطوير القائم منها من أجل تحقيق التنمية، كما يجب أن نركز جهودنا على بناء كوادر جديدة من قادة العمل النسائي، وأن نعطي اهتماما أرحب لقضايا التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة وبناء قدراتها تعليما وتأهيلا وتدريبا، ونعمل بكل الجد والإخلاص من خلال المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة على تبني العديد من المبادرات والبرامج التي تسهم في تطوير المجتمع.
إن المرأة المصرية حققت الكثير ولا يزال أمامها الكثير, ومسيرة النجاح تعطينا الأمل بأن نستكمل الطريق, فتحية لكل حواء مصرية في عامها، وأدعوها بأن تتمسك بالحقوق التى منحها الدستور وأن تمارسها وتحافظ عليها.