بحضور وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وللمرة الأولى على مشارف القاهرة الجديدة من داخل مقر مركز مصر للمعارض الدولية الجديد بمنطقة التجمع الخامس ، تبدأ تحت شعار "دورة اليوبيل الذهبي" الدورة الخمسين لعرس مصر الثقافي السنوي ، بسطوع نجم معرض القاهرة الدولي للكتاب لامعا في قلب حركة التنوير الثقافي والفكري ، والذي تمتد معروضاته من الكتب وأنشطته الفنية والثقافية على مدى أسبوعين اعتبارا من يوم غد الأربعاء وحتى يوم ٥ فبراير المقبل ، تزامنا مع بدء عطلة منتصف العام الدراسي بالمدارس والجامعات ٠
دوة استثنائية وغير عادية لمعرض هذا العام ، الذي يحتفل بمرور خمسين عاما على إقامته - لعب خلالها منذ إفتتاحة لأول مرة فى عام ١٩٦٩ وحتى دورة العام الحالى - دورا تنويرا لنشر المعرفة وتوفير أجواء ثقافية وفنية عبرت عن مصر والعالم العربى ، وتتميز دورته الخمسين بالتركيز على الكتاب ومؤلفه كي يستعيد عرشه المفقود ويصمد أمام التحديات التى يفرضها الكتاب الإلكتروني ، كما يركز على الفن بكل أنواعه وصناعته من سينما ومسرح وغناء وفن تشكيلي ، ويحتفي بالمفكرين والروائيين والشعراء ورموز الفكر وكل من له دور فى بناء عقل الوطن ، ويهتم برصد إهتمامات المبدعين والنقاد والقراء من الشباب بالمبادرات الثقافية مع إقامة ندوات حول إشكاليات الكتابة الجديدة ٠
واحتفاء بتولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي خلال الأسابيع القادمة ، وتنظيمها لبطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم ، فقد تم تخصيص إحدى قاعات المعرض للقارة الأفريقية وأطلق عليها اسم " بانورما أفريقيا " ، وسيتم تخصيص الفعاليات التى ستحتضنها تحت عنوان " أفريقيا تتحدث عن نفسها " ، لمناقشة القضايا الملحة على الساحة السياسية ، ودور مصر التاريخي وآمالها وتطلعاتها ورهانها الثقافي والسياسي عبر ثلاثة محاور رئيسية تدور حول التنوع الثقافى الأفريقي ، والقضايا الأفريقية ودور المنظمات الأفريقية وقضايا التنمية والاستثمار والطاقة ، والثقافية الأفريقية وخصائص الشخصية الأفريقية ، بالإضافة إلى عرض فيلم وثائقي خلال أيام المعرض في قاعة " ذاكرة المعرض والمئويات "، يحكي تاريخ القاهرة وحرفها التراثية وذلك بمناسبة مرور ١٠٥٠ عام على إنشاء جوهر الصقلى لمدينة القاهرة فى عهد المعز لدين الله الفاطمي، وكذلك تقديم عدد من الأفلام الأرشيفية من ذاكرة المعرض متضمنة أهم الشخصيات ورموز الفكر الذين تحدثوا على منصاه والندوات التى عقدت على مدى سنواته ٠
وللمعرض هذا العام خصوصية وطبيعة مختلفة ، حيث وقع الاختيار على جامعة الدول العربية لتكون ضيف شرفه على غير المعتاد كل عام ، حيث تم تخصيص ٥٠٠ متر مربع للدول ضيفة الشرف ، ويعكس هذا الاختيار المخزون عال التنوع للمعرض وفاعلية ودوره الثقافى المشترك في العالم العربي .
ويصل عدد المشاركين في معرض هذا العام من دول العالم ٢٦٩ دار نشر، يمثلون ٣٥ دولة و٧٤٨ ناشرا ، بالإضافة إلى ٢٤ دار نشر عربية وأجنبية ، وقد أصدرت هيئة الكتاب عناوين الكتب الجديدة الصادرة خلال العام الماضى ( ٢٠١٨) والبالغ عددها٥٩٤ عنوانا ، ويصاحب المعرض نشاط ثقافى وفنى متنوع يصل عددها ٤١٩ فاعلية ثقافية و ١٤٤ فاعلية فنية ، إلى جانب فاعليات خاصة بالطفل تصل إلى ٢٣٤ فاعلية وورشة للكتابة والمسرح والفن التشكيلى و٦٠٠ حفلة توقيع في اليوبيل الذهبي للمعرض ٠
خمسون عاما مرت على إقامة أول معرض للكتاب فى مصر ، ففى عام 1969، وبالتزامن مع الاحتفال بمرور ألف عام على بناء القاهرة، قرر وزير الثقافة الراحل الدكتور ثروت عكاشة و الأب الروحي للمعرض الاحتفال بهذه المناسبة أحتفالا ثقافيا رغم الظروف السياسية العصيبة التى كانت تمر بها مصر، خلال الفترة من 1967 وحتى 1969، وعهد إلى الدكتورة سهير القلماوى بتنفيذ الفكرة، ليصبح مقره فى أرض المعارض القديمة بمنطقة الجزيرة، وهو موقع دار «الأوبرا» الحالي ، واكتسب إنطلاق المعرض طابعا سياسيا منذ اللحظات الأولى، حيث اعتبر المبادرين بفكرته أن الثقافة وتبادل الخبرات المعرفية، من أهم وسائل مواجهة العدوان الإسرائيلي بعد هزيمة عام ١٩٦٧ ٠
وفي عام ١٩٧٢، الذى أعلنه منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو )، عاما دوليا للكتاب، قام الدكتور عبدالقادر حاتم، وزير الثقافة والإرشاد القومى الأسبق، بافتتاح الدورة الرابعة وفى عهده أعتبرت هذه المنظمة الأممية أن " معرض القاهرة " يمثل ثانى أهم ثلاثة معارض دولية فى العالم ، وبالتالى أصبح المعرض المصرى دوليا ٠
ومنذ الدورة الأولى للمعرض تتولى الهيئة المصرية العامة للكتاب عملية الإشراف على تنظيمه ، لتتسع آفاقه عاما بعد عام، ويمضى من نجاح إلى نجاح أكبر حتى وصل إلى اليوم يوبيله الذهبى ، حيث بدأت المشاركة بـ5 دول عربية وأجنبية، مثلها 100 ناشر، على مساحة 2000 متر، لتصبح الآن ٣٥ دولة يمثلها ناشرين من جميع أنحاء العالم، لعرض كل ما ينشر من إصدارات فى الدول المشاركة ، وتعرض فيه الكتب في شتى فروع العلم والمعرفة من مصر والدول العربية والأجنبية ، بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية المشاركة هذا العام للمرة الأولى ٠
ويستمد معرض القاهرة الدولى للكتاب مكانته الدولية من تطلعه الدائم للمستقبل، حيث أبرمت الهيئة الكثير من الصفقات والاتفاقيات، التى بدورها حولت المعرض من مجرد سوق لبيع الكتب إلى مهرجان ثقافى كبير يشارك به كبار رواد الفكر والأدب والفن، كما أصبح ملتقى للندوات والمناظرات والاحتفالات الفنية والثقافية واللقاءات الفكرية التى تميزت بالنقاش الموضوعى العميق فى مجال الثقافة وغيرها من الموضوعات المطروحة على الساحة ، وغدى هذا الحدث الثقافى موضع اهتمام كبير من الجمهور المصرى والمتخصصين من رجال الفن والأدب على السواء ٠
ويعد المعرض الدولي للكتاب أداة لدعم العلاقات الثقافية والتجارية الدولية بين مصر ودول العالم ، حيث لم يقتصر دوره على عرض الروافد الثقافية المتعددة في كافة فروع العلم والمعرفة وفى مختلف المجالات من مصر والدول العربية والأجنبية المشاركة ، بل تحول إلى مناسبة ثقافية كبرى يشترك فيها كبار رواد الفكر والأدب والفن عن طريق تنظيم ملتقى فكري وثقافى ، حيث تبذل الهيئة المصرية للكتاب قصارى جهدها لتوفير مقومات النجاح لهذا العرس الثقافي لتنقل لأبناء مصر كل جديد في الفكر الإنساني، وذلك بعرض أحدث ما صدر فى السوق العالمية والعربية من كتب ودوريات علمية و قواميس ووسائط الكترونية ، إلى جانب إنتاج جمهورية مصر العربية ٠