شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الشخصية الوطنية للمصريين التي تنشد السلام، صنعتها أحداث الدهر الطويلة، وصاغتها تجارب التاريخ المتعددة، وصقلها تمسك المصريين الأبدي بتراب وطنهم وكبريائه وكرامته.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس السيسي في الاحتفال بالذكري الـ67 لعيد الشرطة، وذلك بمقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، بحضور عدد من الوزراء، وأعضاء المجلس الأعلى للشرطة، وكبار رجال الدولة.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي خلال الاحتفال:-
"بسم الله الرحمن الرحيم.. السيدات والسادة.. الحضور الكريم.. نحتفل اليوم بالذكرى الـ67 لعيد الشرطة، فلم يكن يوم 25 يناير من عام 1952 يوما عاديا كباقي أيام مصر أثناء الاحتلال، وكان مقدرا له أن يخلد في تاريخ هذا الوطن، وأن يظل رمزا لبطولة وفداء رجال الشرطة، الذين رفضوا تسليم أسلحتهم لقوةٍ تفوقهم عددا وعتادا، فلم يحنوا رؤوسهم، وقاوموا حتى آخر طلقة لديهم بكل بسالة وتضحية، حتى سقط المئات منهم، بين شهداء ومصابين، حافظين جميعا لشرف الوطن وكرامته".
"إن ذلك الموقف من رجال الشرطة يعبر بكل صدق عن الشخصية الوطنية للشعب المصري العظيم، تلك الشخصية التي تنشد السلام، ولكنها قادرة على القتال بكفاءة، إذا تطلب الأمر وحان الوقت.. شخصية تتميز بالصبر، ولكنها تفيض كذلك بالإصرار في الحق، والصمود في وجه الأزمات.. شخصيةٌ صنعتها أحداث الدهر الطويلة، وصاغتها تجارب التاريخ المتعددة، وصقلها تمسك المصريين الأبدي بتراب وطنهم وكبريائه وكرامته".
"إن رجال الشرطة أبناء أوفياء لشعب مصر الأبي.. أبناء يخرجون من جنبات الأسرة المصرية يحملون داخلهم قيم هذه الأسرة ومبادئها، يحفظون عهد حماية أسرهم وأخواتهم ومواطنيهم مِن كل مَن تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المجتمع والدولة.. يتصدون جنبا إلى جنب مع رجال القوات المسلحة الباسلة، للإرهاب وعناصره الآثمة.. يسقط منهم الشهداء والمصابون، فلا يزيدهم ذلك إلا إصرارا على صون الوطن وحماية المواطنين".
"شعب مصر العظيم.. أيها الشعب الأبي الكريم.. إن التحديات التي واجهتها مصر خلال السنوات الماضية سيكتب التاريخ أنها كانت مِن أصعب ما واجه هذا الوطن على مدار تاريخه الحديث، وسيكتب التاريخ أيضا بحروف من نور أسماء وبطولات كل من ساهم خلال تلك الفترة القاسية في حماية وطنه والدفاع عن مقدرات شعبه، فلم يرهبه الخوف من عدو، ولم تر عيناه سوى مصلحة الوطن وأمنه واستقراره".
"وخلال تلك السنوات الماضية، واجهتنا وما زالت تواجهنا صعوبات وتحديات جسام، لعل أخطرها محاولات جماعات الظلام والشر إعاقة طريقنا، ونشر الإرهاب بغرض ترويع مجتمعنا الآمن، ظنا واهما منهم، أنهم يستطيعون بالإرهاب تحقيق أهدافهم الخبيثة، وتقديرا خاطئا لقوة وصلابة هذا الشعب وأبنائه في القوات المسلحة والشرطة".
"ولهؤلاء أقول، ولكل من يعتقد أنه بمقدوره هزيمة إرادة مصر وشعبها.. إن هذا الشعب كريم الأصل يمتلك بداخله حكمة تكونت عبر آلاف السنين، ولديه بصيرة نافذة تمكنه من التمييز بين الحق والباطل، وهو قادر، بمشيئة الله وبقوة الحق وبكفاءة جيشه وشرطته، على التصدي لكل مخططاتكم، والمضي قدما بثبات في معركته الكبرى للتنمية والإصلاح، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الأمل في المستقبل، ولا شيء يعطل جهود التنمية والبناء والتقدم".
"شعب مصر الكريم.. لا يفوتني في هذا اليوم أن أوجه لكم التحية بمناسبة ثورة 25 يناير عام 2011، تلك الثورة التي عبرت عن تطلع المصريين لبناء مستقبل جديد لهذا الوطن، ينعم فيه جميع أبناء الشعب بالحياة الكريمة".
"إننا ننتقل بثبات بعد سنوات عاصفة ومضطربة من مرحلة تثبيت أركان الدولة وترسيخ الاستقرار إلى مرحلة البناء والتعمير، ونستكمل بجدية واجتهاد ما بدأناه من مشروعات تنموية كبرى، انطلقت في جميع أنحاء البلاد، لتغير الواقع المصري إلى ما نطمح إليه من تنمية شاملة ومستدامة، وتسير خطوات إصلاح الاقتصاد طبقا للبرامج المدروسة بدقة وعناية وبمنهج علمي متكامل، ونحصد ثمار هذا العمل الدؤوب في مؤشراتٍ تتحسن باطراد، سواء فيما يتعلق بزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد منه واحتياطي النقد الأجنبي وتحسن معدلات التشغيل وتضييق عجز الموازنة".
"وسنستمر بإذن الله تعالى وتوفيقه، شعبا وحكومة، في تأدية واجبنا الوطني على جميع المسارات للتصدي للإرهاب وكسر شوكته، وتحقيق التنمية الشاملة، وترسيخ بنيان الدولة المؤسسي والقانوني، ومواصلة الحرب الحاسمة على الفساد أينما وجد، ونشر الوعي والتنوير وثقافة التسامح ومبادئ المواطنة، ليخرج من مصر في قلب الليل نور يضيء المنطقة، ويقدم للعالم نموذجا ملهما في التعايش والسلام الاجتماعي".
"السيدات والسادة.. أعضاء هيئة الشرطة الكرام.. في الختام، أتوجه لكم بتحية من القلب في يوم عيدكم، تحيةٌ لمن مازال يواصل عطاءه ومَن تقاعد، نقول لكم: إن تضحياتكم محل تقدير من شعبنا الأصيل، الذي يحفظ العهد ويدرك قيمة جهود أبنائه من رجال الشرطة، وتحية تقدير وعرفان لأرواح شهداء الشرطة الأبرار، وللمصابين وعائلاتهم، نقول لهم: إن مصر لن تنسى أبدا تضحيات ذويكم، وستظل بارة بأبنائها الأبطال، الذين يضحون من أجلها ويسهرون على حمايتها وسلامة شعبها".
"حفظ الله بكم جميعا هذا الوطن الغالي، ليحيا دائما في أمن وسلام، ماضيا في مسيرته نحو المستقبل الأفضل بعزم وثقة، وإيمان لا يتزعزع بقيمة هذا الوطن العزيز، الذي يعلو ولا يعلى عليه.. وأخيرا، تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".