الخميس 16 مايو 2024

ندوة في معرض الكتاب: أدباء المهجر طوروا الصورة الشعرية وأثروا الحركة الثقافية

فن3-2-2019 | 19:16

أكد عدد من الكتاب والمثقفين أن أدب المهجر يمثل ظاهرة ثقافية مهمة فى تاريخ الأدب العربي، مشيرين إلى أن أدباء المهجر نجحوا فى تكوين روابط فيما بينهم بدول المهجر التى عاشوا فيها لزيادة التواصل، حيث أنشأوا روابط فى أمريكا الشمالية، ورابطة أخرى في أمريكا الجنوبية باعتبارها من أكثر الدول التي هاجر إليها المثقفون من الشام.

وأقيمت اليوم الأحد ندوة تحت عنوان "أدباء المهجر – رؤية نقدية" بقاعة ثروت عكاشة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، في إطار الاحتفاء بشخصيتي المعرض (ثروت عكاشة وسهير القلماوي)، ومئويات الأعلام، بمشاركة كل من الدكتور صلاح السروي أستاذ الأدب والنقد بكلية الأداب جامعة حلوان، الدكتورة حياة الخيارى أستاذ النقد الأدبي بالجامعة التونسية، والكاتب والأديب أبو المعاطى أبو شارب. 

وقال الدكتور صلاح السروى إن أدب المهجر يمثل ظاهرة ثقافية هامة فى تاريخ الأدب العربى، لافتا إلى أنه كان رافدا مهما لحركة الرومانسية العربية التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث تأثر أدباء المهجر بحركة الشعر والأدب في الغرب، مما ساهم في زيادة الزخم في أدب الرومانسية العربي. 

ونوه السروي إلى أن هناك العديد من الأسباب أدت إلى هجرة أغلب أدباء المهجر من بينها الحروب الأهلية فى بلاد الشام، وخصوصا لبنان مما أدى إلى هجرة أدباء المهجر للهرب من التناحرات. 

وأضاف أن حكم منطقة الشام من قبل الحكم العثماني التركي وما ارتبط به من انتشار الاستبداد والطغيان وانتشار التخلف والإقطاع، وأيضا فى ظل اتصال بلاد الشام والغرب وخاصة فرنسا التي كانت شديدة الاتصال بمسيحي الشام، ساهم في هجرة عدد كبير من أدباء الشام من بلادهم، التي تحولت لأكبر مصدر للمهاجرين فى الوطن العربى فى ذلك الوقت. 

وأشار إلى أن أدباء المهجر تمكنوا من تكوين روابط فيما بينهم في دول المهجر التى عاشوا فيها لزيادة الاتصال، حيث أنشأوا روابط فى أمريكا الشمالية، ورابطة أخرى في أمريكا الجنوبية باعتبارها أكثر الدول التي هاجروا إليها، لافتا إلى أن هناك مقصدا آخر للهجرة لمثقفي الشام لم يذكره الباحثون باعتباره امتدادا طبيعيا لبلاد الشام، وهو مصر حيث كانت مقصدا مهما لهجرة العديد من الكتاب والمثقفين الشوام الذين لم يهاجروا. 

وأوضح أن أبرز ما ميز شعر أدباء المهجر أنه شعر رومانسي، حيث كان الشعر الرومانسي يشهد تراجعا كبيرا، وكان يمثل ثورة في الأدب الكلاسيكي المنتشر في الوطن العربي، لافتا إلى أن مدرسة الشعر الرومانسي مثلت ثورة ضد المدرسة الكلاسيكية في الأدب.

وأشار إلى أن هناك ارتباطا مباشرا بين حركة الأدب الرومانسي في المهجر وحركة الرومانسية في مصر، حيث كان أدباء المهجر بمثابة رافد مهم لإثراء حركة الأدب والشعر فى العالم العربى عامة وخاصة فى القاهرة ودمشق والتى انتعشت حركة الأدب الرومانسي فيها. 

من جانبه، أكد الأديب أبو المعاطى أبو شارب أن أدب المهاجرين المصريين يتميز بأنه يسيطر عليه شعور دائم بالغربة، وهو ما ظهر في التركيز في أعمالهم الروائية على الحياة الجديدة والغربة، بالإضافة إلى رغبتهم الدائمة فى نقل خبرات حياتية جديدة لأبناء أوطانهم. 

وأشار إلى أن الهوية الجديدة للمواطنة العالمية ووسائل العولمة والتكنولوجيا الحديثة كلها أمور أثرت بشكل أو بآخر على الشعور بالغربة لأدباء المهجر، حيث ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تقريب المسافات بعض الشىء بين هؤلاء الأدباء وأوطانهم الأصلية. 

وأوضح أن أدب المهجر يتجه دائما بأفكاره نحو المدينة الفاضلة التي لاتوجد إلا فى الخيال، من خلال رغبتهم فى إيجاد حضارة جديدة في بلادهم مبنية على السلام والأصولية، إلى جانب محاولتهم نقل أحدث المفاهيم الثقافية إلى بلادهم، وعلى رأسها التهجين الثقافي، حيث إن الكتاب المهاجرون جاءوا يحملون فكرا مبنيا على التعايش والفكر والجمال الدافع للتطور، كما أنه لا توجد لديهم نزعات أو أفكار انتقامية ولكن توجد لديهم رغبات فى نقل خبرات حياتية جديدة ومظاهر الحداثة لبلادهم. 

من جانبها، أشارت الدكتورة حياة الخيارى أستاذ النقد الأدبى بالجامعة التونسية إلى أن هناك حركة جديدة لأدب المهجر لم تقام حولها دراسات بحثية ولم يتم التطرق إلى المستوى الإنتاجي الأدبي الكبير الذى تقوم به هذه الحركة التى ستحتاج إلى دراسات لتناولها. 

ورأت أن موضوعات أدب المهجر تعتبر تجارب ذاتية وتمثل تجربة الأديب ومعاناته فى المكان الجديد الذى يعيش فيه، ورغبته في العودة لوطنه على الرغم من النجاحات الكبييرة التي يحققها في الغرب. 

وأشارت إلى أن أدباء المهجر لديهم تأثر كبير بالمدرسة الوجودية الفرنسية إلى جانب تأثرهم بالمدرسة الرومانسية فى الغرب، موضحة أن أدباء المهجر طوروا ووظفوا الصورة الشعرية بشكل كبير بما يخدم النص الأصلي، كما أن أدباء المهجر أسسوا فى مدرستهم الرومانسية نظرة مختلفة للمرأة باعتبارها موطن من مواطن الجمال في العالم وهو ظهر في تأثر الشاعر التونسى أبو القاسم الشابي بهذه النظرة الجمالية للمرأة.

وأضافت أن هناك نمطا جديدا من أدب المهجر الحديث الذي اتضح فيه مصطلحات جديدة مثل المنفى والاستعمار والابتزاز السياسي للدول وخاصة في الوطن العربي، وهذا بالتأكيد للتأثر بأحوال المنطقة العربية وهو ما ظهر جليا خلال الإنتاج الأدبي والثقافي لأدباء المهجر في العقدين الأخيرين.