الخميس 16 مايو 2024

"الهلال اليوم" ترصد أوجاع العاملين في دباغة الجلود ومصانع الغراء

31-3-2017 | 20:21

تعتبر منطقة مجري العيون في القاهرة من أحدى الأماكن الصناعية التي يتم فيها دباغة جلود الحيوانات واستخلاص منها "السلاتة" والتي تُعد المادة الرئيسية في صناعة الغِراء، وهي عبارة عن طبقة رقيقة فاصلة تقع بين جلود الماشية ولحومها، ويتم استخلاصها في المدابغ -عن طريق نقع الجلود بالجير ومواد كاوية لتطهيرها من الجراثيم والبكتيريا، ثم شطف الجلود لتمر على ماكينة "المقلوبة" فتفصل "السلاتة" عن الجلود- استعدادا للدبغ، ثم تعيد تدويرها مصانع الغِراء لاستخدامها في عملية التصنيع.

ضج أهل هذه المنطقة التي لا تصلح سكنا ملائما بسبب كثرة الصناعات والتي تعد من المناطق الصناعية فيبلغ تقريبا عدد مصانع وورش دباغة الجلود ومصانع الغراء معا ألف مصنعا وورشة، مما قد يؤدي إلى تلبد الجو بالمخلفات والدخان الذي يخرج عوادم من تلك المصانع والورش.

من جانب أخر، قال كرم السوهاجي أحد العاملين في صناعة الغراء لبوابة “الهلال اليوم”، إن هذه الصناعة تقوم علي طبقة "السلاتة" المأخوذة من جلد الحيوانات ويتم تجييرها، وتوضع في الغلاية ليتم إذابتها ثم صبها في علب ووضعها في غرفة مكيفة ليتم تجميدها ثم تقطيعها ويتم بعد ذلك عرضها على ألواح خشبية في الشمس في مدة محددة ويباع الكيلو منها بـ27 جنيها ويتم إنتاج 400 علبة في اليوم الواحد.

وأضاف “أن هذه المهنة تصيب بأمراض الحساسية وضيق التنفس ونحن كعاملين مصابين وليس لنا تأمين وصاحب المصنع لا يهمه ساكن ولا يهمه عامل وإنما هو مهتم بالمكسب المادي فقط، وأضاف على حد قوله "كل يوم في ناس بتروح للدكاترة بسبب خنقتهم وصعوبة تنفسهم من السكان ومن العمال".

ويعمل في هذه المنطقة أكثر من 5 آلاف عامل أغلبهم من خارج القاهرة ويأتون من الصعيد سوهاج وقنا وأسيوط للعمل في هذه المنطقة ويتعاملون بنظام الأجرة اليومية التي تقدر بـ150 جنيهًا للصنايعي و100 جنيهًا للمساعد الذي يعمل 12 ساعة.

وبسبب هذه الصناعات التي تطارد رائحتها السكان في عقر دراهم قررت محافظة القاهرة سابقا بنقل هذه الصناعات إلى منطقة الروبيكي ولم تنته منها حتى الآن.

وقالت نوال عبد المنعم عبد الرحمن أحد سكان المنطقة، بإن زوجها قد توفي بسبب أمراض الصدر والحساسية التي أصابته من هذه الصناعات المختلفة ولم ينتبه أحد إلى مخاطر هذه الصناعات على المواطنين.

وأضافت أيضا أن "حماتي قد توفت بنفس هذا المرض وقدمنا شكوى إلى العديد من المسئولين والمختصين ولم يلتفت إلينا أحد فضلا عن إصابة أحفادي الاثنين بالحساسية من صغرهم وأذهب بهم كل أسبوع إلى المستشفي وأتمنى نقل هذه الصناعات من المنطقة السكنية حرصا على سلامتنا وسلامة أولادنا".

من جانبه أيضا قال الحاج عبد الرحيم على أنه مصاب بمرض "الربو" من خلال هذه الروائح الكريهة التي يستنشقها رغما عنه.

واستطرد "كل يوم ولاد ابني عند الدكاترة ومش أنا بس ده كل سكان المنطقة مصابين بالحساسية وأمراض الصدر وإحنا في انتظار نقل الصناعات من هنا زى ما وعدونا".

وأكد الدكتور عادل خطاب أستاذ ورئيس قسم الصدر بمستشفيات جامعة عين شمس، أن سكان المناطق الصناعية مثل مجري العيون وطره الأسمنت وغيرها من الأماكن الصناعية التي يستنشق الأهالي مخلفات المصانع من دخان وأتربة هم أكثر الناس عرضة للإصابة بأمراض الصدر والحساسية فضلا عن إصابة الأطفال بشكل سريع وهذا يشكل خطرا عليهم في طفولتهم.

وأكد أن هناك ما هو أكثر من الإصابة بأمراض الحساسية أن هناك بعض المواد الكيماوية الموجودة في المصانع تؤدي إلى مرض سرطان الرئة.

وأضاف أنه لا توجد وسيلة آمنة لسكان المناطق الصناعية لسبل حمايتهم لأنهم يستنشقون رغما عنهم تلك العوادم، وناشد الحكومة بتوفير سكن للأهالي بعيدا عن المناطق الصناعية حفاظا على سلامتهم.

وأكد محمد زين العابدين رئيس حي مصر القديمة، بأن نقل المنطقة الصناعية بات محسوما وهو مسألة وقت لا أكثر، وجاري العمل بأقصى سرعة ممكنة للانتهاء من نقل هذه المدابغ وتعويض أصحاب المصانع، فضلا عن أنه سيتم تطوير المنطقة بالكامل من مخلفات وعوادم المصانع لتصبح مأهولة للسكان بشكل أدمي يليق بهم.