منذ 50 عاما ولدت فكرة إنشاء أول شبكة للمعلومات في العالم غيرت أمورا كثيرة في المجتمعات وفي مختلف مناحي الحياة وفي سلوك الأفراد، وأثرت في المبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية، لانفتاحها على كل الدول والأفراد.
وترتب على اتساع نطاق استخدامها ظهور مشكلات اجتماعية وصحية للإنسان، نتيجة لاعتماده عليها اعتمادا كليا في تسيير وإتمام أمور حياته اليومية، مثل إتمام عمليات الشراء والتسوق والاستيراد أو الشحن والتخليص الجمركي واستشارة الطبيب والتعلم عن بعد وغيرها.
وكلمة "إنترنت" هي اختصار لكلمة شبكة المعلومات العالمية باللغة الانجليزية وهي شبكة اتصالات عالمية تسمح بتبادل المعلومات بين شبكات أصغر تتصل من خلالها الحواسيب حول العالم، وتعمل وفق أنظمة محددة وبروتوكول موحد.
بدأت فكرة إنشاء شبكة المعلومات في وزارة الدفاع الأمريكية عام 1969 من خلال تمويل مشروع يهدف إلى تحقيق التواصل بين الإدارة ومتعهدي القوات المسلحة، وعدد كبير من الجامعات الأمريكية المنتقاة بعناية والتي تعمل على أبحاث ممولة من القوات المسلحة، وكان الهدف منها تطوير تقنية تشبيك حواسب آلية تصمد أمام أي هجوم عسكري.
باتساع نطاق استخدام الشبكة بكثافة كبيرة وعدم اقتصار استخدامها على القوات المسلحة، بدأت تعاني من ازدحام يفوق طاقتها، وبات من الضروري إنشاء شبكة جديدة ظهرت في عام 1983 لتخدم المواقع العسكرية فقط، وأصبحت الشبكة الأولى تتولى أمر الاتصالات غير العسكرية، مع بقائها موصولة مع الشبكة الجديدة من خلال بروتوكول "الإنترنت" الذي أصبح فيما بعد المعيار الأساسي في الشبكات.
وفي عام 1986 أنشأت مؤسسة العلوم العالمية شبكتها الأسرع مع ظهور بروتوكول نقل الأخبار الشبكية جاعلا أندية النقاش التفاعلي المباشر أمرا ممكنا، وتبنت إحدى شركات الكمبيوتر أول جدار حماية لشبكة "الإنترنت".
يصل الإنترنت ما بين ملايين الشبكات الخاصة والعامة في المؤسسات الأكاديمية والحكومية ومؤسسات الأعمال، وتتباين في نطاقها ما بين المحلي والعالمي وتتصل بتقنيات مختلفة، من الأسلاك النحاسية والألياف البصرية والوصلات اللاسلكية، كما تتباين تلك الشبكات في بنيتها الداخلية تقنيا وإداريا، إذ تدار كل منها بمعزل عن الأخرى لامركزيا ولا تعتمد أيا منها في تشغيلها على الأخريات.
وتحمل شبكة الإنترنت اليوم قدرا عظيما من البيانات والخدمات، ربما كان أكثرها شيوعا صفحات النصوص الفائقة المنشورة على الويب ، ولا يتصور أحد الاستغناء عن الخدمات المعلوماتية التي تتيحها الشبكة، فإلى جانب خدمة البريد الإلكتروني، فإنها توفر الوقت والجهد والمال، وأضحى استخدامها حيويا في الخدمات المالية والمصرفية، وفي أعمال البنوك اليومية، وفي متابعة البورصات العالمية، وأخبار الاقتصاد، كما تستخدم في التعليم والتعلم.
وفي الصحافة باتت أداة حيوية في نقل الأخبار من دولة إلى أخرى، وهناك استخدامات أخرى للإنترنت في الطب والدوائر الحكومية، المنزل، الشركات، السياحة، كما أنها تحمل خدمات وتطبيقات أخرى مثل البريد وخدمات التخاطب الفوري، وبرتوكولات نقل الملفات، والاتصال الصوتي وغيرها.
وكمثل الطفرات في وسائل الاتصال عبر التاريخ أضحت لشبكة الإنترنت اليوم آثارا اجتماعية وثقافية في جميع بقاع العالم، وقد أدى ذلك إلى تغيير المفاهيم التقليدية لعدة مجالات مثل العمل والتعليم والتجارة وبروز شكل آخر لمجتمع المعلومات.
فيما تظهر سلبيات الإنترنت في إدمان الأطفال لمواقع الإنترنت والجلوس طويلا أمام شاشة الحاسوب مما يسبب بعض الأضرار الصحية، (زيادة الوزن، وضعف البصر)، وتقليل التواصل الاجتماعي، مما يؤدى إلى حدوث حالة من الانعزال عن المجتمع والتواصل معه.