أكدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب برئاسة المستشار بهاء الدين أبو شُقه قناعتها بأن التعديلات الدستورية المقترحة تمثل خطوة مهمة باتجاه تطوير النظام الدستوري المصري، وتأتي في إطار تعميق الممارسة الديمقراطية، وتحسين البنية الدستورية لنظامنا السياسي.
وقال أبو شقة – خلال عرضه تقرير اللجنة النهائي بشأن التعديلات الدستورية خلال الجلسة العامة اليوم الثلاثاء - إن التعديلات المطروحة جاءت بفلسفة روحها وقوامها "تثبيت أركان الدولة وترسيخ عمل مؤسساتها وتقويتها، وتعزيز قيم الديمقراطية".
وأضاف أن النصوص المقترحة لهذه التعديلات جاءت في غالبيتها العظمى متفقة مع رأي المشاركين في جلسات الإستماع، كما جرت صياغة جانب كبير من هذه النصوص بشكل توافقي بين أعضاء اللجنة، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية، الأمر الذي يعكس حرص لجنة الشئون الدستورية والتشريعية على خروج هذه التعديلات بصورة تواكب تطلعات الرأي العام وآماله العريضة من أجل تطوير البنية الدستورية في مصر بما يدعم مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة بعد ثورة 30 يونيو 2013.
وشددت اللجنة عن قناعتها بأهمية وخطورة المسألة الدستورية بصفة عامة، وعلى الأخص ما يتعلق منها بإدخال تعديلات على الوثيقة الدستورية، فقد توسعت في دراسة طلب التعديل المطروح لتشمل جميع محاوره وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة في النظام الدستوري المصري.
وبحثت اللجنة المبادئ الدستورية التي يؤسس لها طلب التعديل، والغايات التي تقف وراءه، كما أولت اللجنة عناية فائقة لدراسة جميع الآراء والاجتهادات والاقتراحات سواء تلك التي طرحت خلال جلسات الاستماع أو التي قدمها أعضاء المجلس، أو تلك المقدمة من جهات وأشخاص خارج البرلمان، حتى يتسنى للجنة تحديد مجموعة الأسس والمبادئ العامة التي اهتدت بها في التوصل إلى اقتراح صياغة منضبطة ودقيقة للمواد المطلوب تعديلها.
وأكدت اللجنة أن القواعد الدستورية إنما هي في حقيقتها انعكاس للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، تؤثر فيها وتتأثر بها، وبما أن هذه الأوضاع في تطور وتغير مستمر، بات لزاماً على القواعد الدستورية مواكبة التطورات المختلفة التي ترافق المجتمع، وذلك بإجراء التعديلات الدستورية الضرورية والتي تفرضها سُنة التطور.
وذكرت أنه تأسيساً على ذلك، فقد أصبح تعديل الدستور ضرورة سياسية وواقعية، لأن مهمة الدستور وضع القواعد الأساسية للدولة، وفقاً لأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقت صدوره، وهذه الأوضاع بطبيعة الحال تشهد تطورات وتغيرات، وبالتالي لا يمكن تجميد نصوص الدستور تجميداً أبدياً، بل يلزم إتاحة الفرصة لتعديلها كلما اقتضت الضرورة ذلك، حتى تتلاءم مع المتغيرات التي تطرأ على الدولة.
وأضافت أن غالبية الفقه الدستوري على الصعيدين المحلي والدولي يكاد يتفق على أن جميع النصوص التي تحظر تعديل الدساتير هي نصوص لا تتمتع بقيمة قانونية أبدية، كونها تتعارض وتتنافى مع طبيعة القواعد القانونية وقابليتها للتعديل والتبديل، ذلك بأن الجمود المطلق للدستور يتنافى مع مبدأ سيادة الشعب الذي من حقه التغيير والتعديل في كل وقت.
ورأت اللجنة أن طلب تعديل الدستور المعروض يرتكز على واقع جديد تعيشه البلاد وخاصة بعد أن اجتازت مصر سنوات البناء الصعبة لمؤسسات الدولة وفقاً لمبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حيث أصبح من الضروري مراجعة بعض أحكام الدستور، لا سيما تلك التي كشف التطبيق العملي لها عن عدم مناسبتها للأوضاع المستقرة للبلاد بعد تجاوز مرحلة تثبيت أركان الدولة، موضحة أن فلسفة طلب تعديل الدستور المعروض تقوم على بناء مؤسسات قوية ومتوازنة وديمقراطية تستطيع القيام بمسئولياتها بكفاءة، دون المساس بالضمانات الأساسية التي كفلها الدستور.
وأكدت اللجنة أن التعديلات لم تمس الباب الأول في الدستور المعنى بشكل الدولة، ولا الباب الثاني المعني بالمقومات الأساسية للمجتمع سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، ولا الباب الذهبي للدستور المتعلق بالحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا أيضاً بالباب الرابع المتعلق بسيادة القانون، إنما تركزت التعديلات بشكل أساسي على بعض مواد باب نظام الحكم وهو الباب الخامس، وهذا كله مما يجب إيضاحه للسادة النواب والمواطنين.
وقال رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المستشار بهاء الدين أبو شُقه - خلال عرضه تقرير اللجنة النهائي بشأن التعديلات الدستورية خلال الجلسة العامة برئاسة الدكتور علي عبد العال اليوم الثلاثاء - إن الدستور وثيقة نابضة بالحياة لا ترتبط مفاهيمها بلحظة زمنية محددة، وإنما تتفاعل مع عصرها وفق القيم التي ارتضتها الجماعة، تحدد على ضوئها مظاهر سلوكها، وضوابط حركتها، آخذة في اعتبارها الرؤية الأعمق لحقوق الإنسان.
وأشار أبو شقة إلى أنه بتاريخ 2 فبراير 2019، تقدم (155) عضواً (أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس) بطلب كتابي إلى الدكتور رئيس المجلس بتعديل بعض مواد الدستور، تضمن اقتراح استبدال نصوص المواد: (102/الفقرتين الأولى والثالثة/، 140 فقرة أولى مع إضافة ما يلزم من مادة انتقالية، 160 /الفقرتين الأولى والخامسة، 185 ، 189/ الفقرة الثانية، 190، 193/ فقرة ثالثة، 200/ الفقرة الأولى، 204/الفقرة الثانية، 234، 243، 244) من الدستور، وإضافة (ثماني) مواد جديدة إلى نصوصه، وإلغاء المادتين (212، 213)، وذلك استنادا إلى حكم المادة (226) من الدستور، والمادة (140) من اللائحة الداخلية للمجلس.
وأضاف أنه بذات التاريخ أخطر رئيس المجلس، النواب خلال الجلسة العامة بإحالة طلب التعديل إلى اللجنة العامة للنظر في مدى توافر الأحكام والشروط المنصوص عليها في المادة (226) من الدستور والفقرة الثانية من المادة (133) من اللائحة الداخلية للمجلس في شأنه، وذلك عملاً بحكم المادة (141) من اللائحة الداخلية للمجلس.
وتابع: "بتاريخي 3، و5 فبراير 2019، عقدت اللجنة العامة اجتماعين بحثت فيهما مدى استيفاء الاشتراطات الدستورية واللائحية لطلب تعديل الدستور، وأعدت تقريراً بذلك وانتهت فيه إلى الموافقة على مبدأ تعديل الدستور، وعلى مدى أربع جلسات عقدها المجلس يومي 13، و14 فبراير 2019 نظر فيها تقرير اللجنة العامة، حيث قرر الموافقة على مبدأ التعديل فيما تضمنه طلب تعديل الدستور عدا طلب إلغاء المادتين (212، 213)، وإحالة تقرير اللجنة العامة عنه إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وفقاً لما تقضي به المادة (136) من اللائحة الداخلية للمجلس، لدراسة التعديل وتقديم تقرير عنه متضمناً صياغة مشروع المواد المعدلة خلال ستين يوماً من تاريخ إحالة الأمر إليها".
واستطرد: "أنه بتاريخ 12 مارس 2019، وبعد تلقي المقترحات من النواب والجهات والمواطنين، عقدت اللجنة اجتماعاً استعادت فيه نظر الدستور واللائحة الداخلية، وقوانين مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية والعقوبات، والإجراءات الجنائية، والسلطة القضائية، واطلعت على طلب التعديل وتقرير اللجنة العامة عنه والاقتراحات الواردة في شأنه، وناقشت اللجنة في الاجتماع ذاته خطة دراستها لطلب تعديل الدستور في ضوء قرار إحالته إليها والضوابط التي وافق عليها المجلس في هذا الخصوص".
وخلصت اللجنة نفاذاً لقرار المجلس في هذا الشأن إلى تحديد خطوات دراسة طلب التعديل على النحو الآتي:
1- عقدت اللجنة ست جلسات استماع خلال الفترة من 20 إلى 28 مارس 2019، وذلك بهدف إقامة حوار مجتمعي موسع حول التعديلات المقترحة، على أن يُدعى للمشاركة في هذه الجلسات نخبة واسعة من المفكرين وأساتذة الجامعات والخبراء، ورجال السياسة والقانون والقضاء، وممثلي أجهزة الدولة ورؤساء الجامعات والمجالس القومية، والمؤسسات الإعلامية، والنقابات المهنية والعمالية، وقادة الأحزاب السياسية وغيرهم من الشخصيات العامة وممثلي فئات المجتمع المختلفة، وتكون جلسات الاستماع مفتوحة أمام جميع وسائل الإعلام وأمام مشاركة من يرغب من المواطنين والجهات الرسمية وغير الرسمية.
2- عقدت اللجنة عدة اجتماعات مغلقة خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل 2019، لدراسة الاقتراحات التي تلقتها اللجنة ونتائج جلسات الاستماع، والتداول في مواد طلب التعديل ومناقشة صياغة مشروع المواد المعدلة وإعداد مشروع تقريرها.
3- عقدت اللجنة اجتماعاً ختامياً خلال الأسبوع الثالث من شهر أبريل 2019، وذلك بمراعاة حكم المادة (138) من اللائحة الداخلية للمجلس.