أكد وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين، أن مصر هي منبع الإلهام والفخر للعرب عبر التاريخ سواء على مستوى الشعر أو الفنون أو الحضارة، مشيرا إلى أن مصر وتونس ترتبطان بعلاقات ثقافية متميزة ومستمرة، وأن هناك تعاونا مثمرا يجمع البلدين في مختلف القطاعات الإبداعية والفنية، ولافتا إلى العلاقة المتميزة التي تربطه بوزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم منذ سنوات طويلة.
وقال زين العابدين - في تصريحات، إن هناك مشاركات دائمة لفرق مصرية في المهرجانات الكبرى في تونس بما في ذلك المهرجانات ذات الطابع التراثي الحضاري، مشيرا إلى أن الفرق المصرية تحرص من خلال مشاركتها على تقديم التراث المصري العريق في المهرجانات التي تقام في تونس مثل أيام قرطاج المسرحية، السينمائية، الموسيقية، ومهرجانات دار الأوبرا، موضحا أن "مصر حاضرة وبقوة في كل المناسبات والمهرجانات".
وأضاف أن تونس تحرص أيضا من جانبها على المشاركة في المهرجانات المصرية سواء الثقافية أو الفنية، مشيرا إلى أنه يتابع بشكل شخصي كافة الدعوات القادمة من مصر في هذا السياق لأنها تمثل فرصة جيدة لنحتفي بالمبدعين والشعراء والأدباء المصريين لكي نمضي قدما نحو تعاون ثقافي مثمر وبناء، لافتا إلى مشاركة بلاده في الاحتفال بــ "الأقصر عاصمة للثقافة العربية" عام 2017 حيث تم تنظيم أسبوع ثقافي تونسي ضمن فعاليات الاحتفال.
وردا على استفسار حول آخر التطورات الخاصة بتوقيع مذكرة التفاهم بين دار الأوبرا المصرية ومدينة الثقافة في تونس لدعم التعاون الثقافي وتسهيل مشاركة الفرق الاستعراضية في كلا البلدين، أفاد وزير الثقافة التونسي بأن هناك توجها لتوقيع اتفاق تعاون بين الجانبين في أقرب وقت بالنظر إلى العلاقة الثنائية الوثيقة والمتميزة، مشيرا إلى أن هناك فرقا تونسية ستشارك خلال شهر رمضان في فعاليات دار الأوبرا المصرية، فضلا عن قدوم فرق مصرية إلى تونس للمشاركة في أعمال استعراضية.
وحول دور الثقافة في زيادة الوعي لدى المواطن العربي لمواجهة التطرف والإرهاب في العالم العربي، أكد وزير الثقافة التونسي أن الثقافة لها دور أساسي في محاربة الأفكار المتطرفة والإرهاب، مشددا على أن الثقافة لا يمكن التعامل معها على أنها أمر هامشي نملأ به الفراغات بل لابد لها أن تكون أساسية مرجعية في مستوى عمل السياسات العامة سواء على المستوى المحلي أو العربي بصفة عامة، حتى نتمكن من رسم سياسات وطنية في مجال الثقافة تعكس عراقة الأدب والفنون والتاريخ العربي، وهو ما سيساهم بدوره في إحداث تغيير حقيقي في المشهد المجتمعي والفكري الذي نحن عليه اليوم.
وأوضح زين العابدين أن الإرهاب ينتج عن وجود فراغ في سياسات معينة نتيجة ضعف التنشئة في مجتمعاتنا وانعدام الوعي الثقافي، لذلك لابد للثقافة أن تكون محورا لسياستنا العربية ومحركا حقيقيا لتنمية الإنسان وقدرته على التفاعل مع المحيط الذي هو فيه، مشيرا إلى أنه في حالة إدراكنا لأهمية الثقافة في مجتمعاتنا وسياساتنا العامة، فعندئذ سندرك أهمية الإصلاح الثقافي.
وأضاف "لا يمكن أن نقصر دور الثقافة في فرق إحياء التراث، أو دور الموسيقى في أنها وسيلة للترفيه ولكنها أداة للبلاغة والأدب والشعر"، مستشهدا بمصر في هذا الصدد التي مكنها سياقها الثقافي من ظهور أعلام كبيرة مثل أم كلثوم وأحمد شوقي وإبراهيم ناجي ورياض السنباطي، وكتابة قصائد عظيمة مثل رباعية الخيام والأطلال.
وردا على استفسار حول أسباب عدم انعقاد قمة عربية ثقافية حتى الآن على الرغم من الدعوة إليها أكثر من مرة، أفاد زين العابدين بأنه لا يعلم الأسباب الحقيقية وراء عدم انعقادها، ولكنه شدد على أهمية انعقاد قمة عربية ثقافية تساعد في إعادة النظر من مستويات عليا صاحبة قرار في السياسات العامة، مؤكدا أن الثقافة لا يمكن أن تقف عند مستوى الطرح الفكري ولكن يجب تطبيقها ضمن السياسات العربية.
وحول فكرة إحداث صندوق مشترك للحفاظ على التراث العربي، أكد وزير الثقافة التونسي أن هذا العمل لابد أن يتم تحت مظلة منظمة اليونسكو وبالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، مشددا على أنه ينبغي على الدول العربية أن تحفظ بكل الوسائل المراجع الأساسية لتراثها وأن تدافع عنه أكثر فأكثر لمواجهة أعمال التخريب والدمار في ظل ما تشهده بعض الدول العربية من اضطرابات.
وفيما يتعلق بمستقبل الكتاب الورقي في ظل التطور التكنولوجي والرقمي الكبير، قال وزير الثقافة التونسي إن مسألة الاقتصاد الثقافي الرقمي بصفة عامة لابد من تضمينها في سياسات أشمل، ولابد أن توظف في سياق منهجي واضح وسعي حكومي أكثر وضوحا كي نتمكن من مواكبة هذا التطور الهائل في مجال الرقميات سواء على مستوى السمعيات أو البصريات، والتي من أبرز مظاهرها المكتبة الرقمية التي تقدم المادة المكتوبة بكل سهولة وتشكل تحديا هاما أمام الكتاب الورقي ودار النشر العربية.
وحول فكرة إنشاء فضائية عربية ثقافية، والتي طُرحت من قبل في اجتماعات وزراء الثقافة العرب، أفاد زين العابدين بأنه كان مكلفا مع فريق عمل في إطار منظمة الألكسو لبحث هذا الملف ودراسة إمكانية تحقيق هذه الفكرة على أرض الواقع ولكن لم يتم الاتفاق حتى الآن على هذا الأمر لأنه كان هناك اختلاف حول رؤية المشاركين لدور الثقافة في مجتمعاتنا، ولايزال البعض يرى أنها أمر مكمل وثانوي.