الجمعة 29 نوفمبر 2024

حرب «الاشتراكات الشهرية» تشتعل بين «اتحاد العمال» و«التنظيمات المستقلة»

  • 5-4-2017 | 13:13

طباعة

تحقيق: عبد اللطيف حامد – وليد محسن

 

عادت المعركة من جديد بين «اتحاد العمال» وبين «التنظيمات النقابية المستقلة»، وكل طرف يحاول نزع شرعية الآخر، فالأول يسعى لتجفيف منابع التمويل، بوقف تحصيل أية اشتراكات شهرية لصالحها بحجة أنها مجرد كيانات عائلية، ولا تخضع أموالها لأى رقابة مالية من أى جهة رسمية على عكس النقابات العامة العمالية التابعة لاتحاد العمال.

بينما ترى قيادات الطرف الثانى أن هذه التنظيمات معترف بها وفقا للقرار الوزارى الصادر من د.أحمد البرعى وزير القوى العاملة الأسبق فى ٢٠١١، وفتوى مجلس الدولة التى أصدرها قسم الفتوى والتشريع فى عام ٢٠١٢، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ٨٧ لسنة ١٩٤٨، وأحقية خصم قيمة اشتراك أعضاء النقابة المستقلة، حسب إقراراتهم.

الأزمة بدأها رئيس اتحاد عمال مصر النائب الجبالى المراغى بخطاب أرسله لكل الوزارات مطالبا بحظر التعامل ماليا وإداريا مع ما يسمى بالاتحادات أو النقابات المسماة بالمستقلة أو الحرة إعمالا لمبدأ سيادة القانون حتى يتسنى للمنظمات النقابية العمالية المنتخبة قانونا، والتابعة للاتحاد العام بالقيام بدورها فى خدمة أعضائها من العمال ورعاية مصالحهم المشتركة لما فيه الصالح العام.

غير شرعية

واستند الجبالى فى خطابه بأن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أصدرت فتوى بعدم مشروعية كل الكيانات المسماة باللجان العمالية المستقلة أو النقابات العمالية المستقلة، كما أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أصدرت فتوى رقم ٥٨/١/٣٨٤ والتى انتهت فيها إلى عدم مشروعية قيام وزارة القوى العاملة بتلقى إيداع أوراق المنظمات النقابية المستقلة، وهناك فتاوى من الجمعية العمومية لمجلس الدولة بعدم شرعية تلك الكيانات وآخرها بتاريخ ٢١/١٢/٢٠١٦، وقرار د.أحمد البرعى وزير القوى العاملة الأسبق بالاعتراف بها لن يفيد، لأن القانون لا يلغى بقرار إدارى، ولا يوجد نص قانونى يقول إن هناك أى كيان أو نقابة أو اتحاد مستقل.

مشيرا إلى أن أموال واشتراكات العضوية النقابية التى تحصلها النقابات العمالية التابعة للاتحاد العام للعمال ولجانها النقابية تعتبر أموالا عامة وبصفة خاصة وتخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وفقا لقانون النقابات العمالية وتعديلاته رقم ٣٥ لسنة ١٩٧٦، أما النقابات المستقلة فهى لا تخضع لأى جهة رقابية فيما يخص بالاشتراكات التى تحصلها أو الحصول على تمويلات من بعض الجهات الخارجية.

ووصف الجبالى تلك النقابات المستقلة بأنها عائلية لأن أى شخص يقوم بجمع مجموعة من أصدقائه أو أهل بيته، حيث يقوم أفراد تابعون لهم بجمع العمال والموظفين، ويعطونهم وعودا زائفة، فمثلا فى نقابة النقل البرى المستقلة قامت بجمع ١٢ مليون جنيه اشتراكات، ووعدوهم بتحقيق مصالح معينة، وعندما لم يتم تحقيق أى شيء، يستغيثون لإعادة أموالهم، وهناك قضايا كثيرة مرفوعة على تلك النقابة، وهذه الأموال تقوم قيادات النقابة بتقسيمها بينهم وبين بعضهم، وهناك أشخاص يتم التحقيق معهم فى الأموال العامة.

تحصيل الاشتراكات ممنوع

وأكد الجبالى فى تصريحات خاصة لـ «المصور» أن الاتحاد سيتابع كل الوزارات، والهيئات لضمان عدم تحصيل أية اشتراكات سواء شهرية أو سنوية للتنظيمات المستقلة، وسيتواصل بشكل شخصى كرئيس للاتحاد الرسمى مع الوزراء بشكل مباشر لمنع التعامل مع تلك الكيانات، والتضامن مع الأشخاص الذين تعرضوا للنصب، والخداع، ودفعوا أموالا لها، من أجل الحصول على حقوقهم كاملة، والقضاء على هذه الاتحادات المزعومة مهما كانت حملات التشويه التى سوف يشنونها لتلويث قيادات النقابات العامة العمالية التابعة لاتحاد العمال، فهو الممثل الشرعى الوحيد للعمال فى مصر.

وقال الجبالى: إن ما يردده المدافعون عن هذه الكيانات بأن هناك قضية أمام المحكمة الدستورية حول عدم دستورية قرار اتحاد العمال بحظر النقابات المستقلة، من الواضح أنها مجرد مماطلة لتدبير حيل أخرى تنطلى على من خدعوهم، ولن ننتظر المزيد من الوقت للحفاظ على حقوق العمال، ورغم ذلك سنلتزم بالحكم النهائى سواء جاء لصالحنا أو ضدنا، فالقانون فوق الجميع.

«المستقلة» أكثر شعبية

وعلى الجانب الآخر يقول سعد شعبان، رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطى: إن اتحاد عمال مصر يشن حربا دائمة ضد النقابات المستقلة لعجزه عن تحقيق أهداف العمال، وقراره بحظر التعامل ماليا وإداريا مع النقابات المستقلة مجرد تضييق الخناق عليها لأنها تمتلك قاعدة كبيرة بين العمال، لنجاحها فى التفاوض بين العمال ورجال الأعمال وحل مشكلات العمال، بينما الاتحاد ونقاباته لا يقومون إلا بجمع الاشتراكات فقط من العمال والموظفين، ولا يتدخل فى أى مشكلة يتعرضون لها.

وأضاف أن الاتحاد العام باع العمال من خلال الخصخصة فى عصر مبارك، وحاليا بمثابة لجنة إدارية لتسيير الأعمال، وليس لهم الحق فى منح الشرعية أو سحبها من اتحادات أو نقابات مستقلة، وأن تشكيله الحالى انتهت مدته منذ فترة طويلة، ولكن يتم التمديد له بقرارات من مجلس الوزراء لتيسير الأمور فقط.

وشدد رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطى أن النقابات المستقلة معترف بها، ونقابات شرعية، وبالتالى يحق لها جمع الاشتراكات بنفسها من الأعضاء، وهذا سيحقق لها ميزانية كبيرة بعيدا من النقابات العامة، وأن وزارة القوى العاملة تعترف بتلك النقابات منذ تولى الدكتور أحمد البرعى الوزارة ومن بعدها الوزير كمال أبو عيطة.

وفى نفس الاتجاه يرى المهندس محمد أبو قريش رئيس اتحاد النقابات المستقلة للعاملين بالشركة المصرية للاتصالات أن هذه الخطوة تأتى فى إطار العداء الذى بدأ يتزايد ضد منظمات المجتمع المدنى عموما، والتنظيمات النقابية خصوصا من جانب الحكومة لقطع الطريق على أى احتجاجات منظمة على السياسات الاقتصادية الخاطئة، وهذا الأمر لن ينجح لأن النقابات المستقلة معترف بها وفقا للقرار الوزارى الصادر من د.أحمد البرعى وزير القوى العاملة الأسبق فى ٢٠١١ بالإضافة إلى فتوى مجلس الدولة التى أصدرها قسم الفتوى والتشريع فى عام ٢٠١٢، مؤكدا فيها أن صحة تشكيل هذه النقابات وفقا للقانون ٣٥ لسنة ١٩٧٦، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ٨٧ لسنة ١٩٤٨، مع أحقية خصم قيمة اشتراك أعضاء النقابة العامة المستقلة، ووقف خصم قيمة اشتراكهم فى اللجان النقابية التابعة لاتحاد العمال حسب إقراراتهم.

وأكد أن ما يردده المراغى بأن هناك فتوى من مجلس الدولة بشأن عدم الاعتراف بالنقابات المستقلة فى نهاية ٢٠١٢غير صحيح؛ بل إن الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع انتهت وقتها إلى عدم مشروعية قيام وزارة القوى العاملة والهجرة بتلقى وإيداع أوراق المنظمات النقابية المستقلة، أى أنها لم تمس النقابات التى تأسست بالفعل.

وقال أبو قريش: إن قضية حل التنظيمات النقابية منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا علاوة على أن اتحاد العمال يوجد حكم قضائى بحله فى ٢٠٠٦، ولابد من الانتظار للدستورية حتى صدور حكمها، واحترامه من جميع الأطراف.

وحذر من قيام الوزارات والجهات الحكومية من وقف تحصيل اشتراكات النقابات المستقلة لأن هذا سيخلق أزمة جديدة مع الحكومة، يمكن أن تضر بسمعة مصر عالميا فى حالة تقديم شكاوى من هذه النقابات البالغ عددها قرابة ١٠٠٠ نقابة إلى منظمة العمل الدولة، واتحاد النقابات العمالية الحر العالمى.

الوزراء لن يستجيبوا

ومن جانبه يقول طلال شكر القيادى بهيئة الخدمات النقابية إن اتحاد العمال ليس من حقه أن يمنع النقابات المستقلة من تحصيل اشتراكات أعضائها وأى وزير من الحكومة يستجيب لذلك الطلب فهو يقلل من نفسه، ويدخل نفسه فى صراع معها لأن أعداد العمال فى تلك النقابات كبير.

ويؤكد أن النقابات المستقلة تخضع للمراقبة من الجهاز المركزى للمحاسبات، والحديث عن تلقيها تمويلات خارجية ادعاءات كاذبة، ووقف تحصيل اشتراكات النقابات المستقلة فى الوزارات لن يضرها؛ لأن هناك جزءا كبيرا من العمال لا تدفع هذه الاشتراكات فى حين أن الباقى الذى يقوم بدفع تلك الاشتراكات يمكن تحصيلها منه بشكل يدوى دون اللجوء لتلك المؤسسات، وعلى قيادات اتحاد العمال.

وردا على اتحاد العمال بأن قيادات النقابات المستقلة تقوم بتحصيل تلك الاشتراكات من الأعضاء وتوزيعها على أنفسهم قال طلال: إن هذا الأمر لا يحدث، فهو افتراء، لكن نريد أن يكشف لنا قيادات الاتحاد عن المصادر إنفاق الأموال التى يتم تحصيلها من الأعضاء فيها.