هناك رموز فى التاريخ نحبها ونكتب عنها ونقرأ عن سيرتها وقد كنت دائما أفضل أن أقرأ السيرة الذاتية لكل الرموز التى أحببتها ولا أتصور أن اكتب عن رمز دون أن اقترب من سيرته كثيرا.. وقد أحببت صلاح الدين الايوبى حاكما وقائدا ورمزا من رموز التاريخ الإسلامى العظيم.. حاولت يوما أن أكتب عنه مسرحية شعرية وحين قرأت سيرة حياته وزهده وترفعه وجدت أن الشخصية لا عيوب ولا تناقض فيها وهذا يتعارض مع كل قواعد الدراما التى تقوم على الصراع والتناقض والازدواجية..
قرأت عن صلاح الدين فى جزء كامل من النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة وقرأت عنه فى النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية بسيرة السلطان صلاح الدين.. وذهبت إلى أقوال وحكايات كثيرة تؤكد أننا أمام شخصية فذة قال عنه العلامة أبو المظفر شمس الدين يوسف بن قزاوغلى فى تاريخه مرآة الزمان: «كان صلاح الدين شجاعا شهما مجاهدا فى سبيل الله وكان مغرما بالإنفاق فى سبيل الله»..وقال عنه العماد الكاتب: «ما كان يلبس إلا ما يحل لبسه كالكتان والقطن والصوف وكانت مجالسه منزهة عن الهزء والهزل ومحافله حافلة بأهل العلم والفضل ويؤثر سماع الحديث وكان من جالسه لا يعلم انه جالس سلطانا لتواضعه»..
وذكره القاضى ابن شداد فى سيرته فقال: «كان حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى وإذا جاء وقت الصلاة وهو راكب نزل فصلى وما قطعها إلا فى مرضه الذى مات فيه ثلاثة أيام اختلط ذهنه وكان يحب سماع القرآن».. قبل معركة حطين التى انتصر فيها على الصليبيين بقى ستة أعوام خارج مصر ولم يدخل بيته وكان يعيش مع جنوده يأكل ما يأكلون ويشرب ما يشربون..
لم يمرض كثيرا وحين لقى ربه تجمع حول جسده القادة والعلماء لكى يفتحوا خزينة السلطان وما فيها من الأموال..ولم يجدوا فيها غير دينار واحد وكيس مملوء بالرمال وقد كتب عليه صلاح الدين ما دخلت معركة فى سبيل الله إلا وحملت من أرضها بعض التراب فانثروه على قبرى عسى الله أن يغفر لى.. وقيل انه لم يملك يوما نصابا من المال يفرض عليه دفع الزكاة.
نقلا عن "الأهرام"