ووصف دبلوماسيون وخبراء بالعلاقات
الدولية جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأوروبية التي بدأها اليوم بأنها تحمل
أهمية خاصة لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري إلى جانب تعميق العلاقات المصرية
الأوروبية، موضحين أن الزيارة ستشهد تعميق العلاقات في كافة المجالات وخاصة
التجارية والتعاون الأمني لتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد
وصل اليوم إلى العاصمة البيلاروسية مينسك في مستهل جولته الأوروبية التي تشمل كلاً
من بيلاروسيا ورومانيا، حيث تعتبر زيارة الرئيس إلى بيلاروسيا زيارة تاريخية لأنها
أول زيارة لرئيس مصري منذ إقامة العلاقات الرسمية بين البلدين في عام
1992، وتتويجا لمرحلة كاملة من العمل المشترك على توسيع وتعميق التعاون بين
البلدين في مختلف المجالات .
وتشهد زيارة الرئيس إلى بيلاروسيا
مباحثات معمقة حول مجمل العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وذلك خلال لقاء الرئيس
السيسي المرتقب مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وكذا مع كلٍ من رئيس
الجمعية الوطنية ورئيس مجلس النواب في بيلاروسيا، فضلا عن تبادل وجهات النظر والرؤى
بشأن مختلف القضايا السياسية الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى
مقدمتها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
ومن المقرر أن تشهد زيارة الرئيس
إلى العاصمة مينسك التوقيع على عدد من الاتفاقات في مجالات التعاون الثنائي
المختلفة، كما سيحظى الشق الاقتصادي والاستثماري بأهمية خاصة أثناء الزيارة، حيث
وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2018 إلى أكثر من 108,7 مليون دولار.
عقب ذلك سيتوجه الرئيس السيسي إلى
العاصمة الرومانية بوخارست، حيث سيعقد جلسة مباحثات مع الرئيس الروماني كلاوس
يوهانيس، بالإضافة إلى مقابلة رئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ في رومانيا، وذلك
لبحث سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين، بالإضافة إلى
استعراض أوجه التعاون والتنسيق المتبادل على الصعيدين الدولي والإقليمي.
ومن المقرر أن يلقى الرئيس كلمة في
جامعة بوخارست للدراسات الاقتصادية تتضمن إلقاء الضوء على مجمل العلاقات الثقافية
والحضارية بين مصر ورومانيا، وجهود تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في
مصر، وآفاق تعظيم التعاون بين البلدين في هذا الإطار.
تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري
وفي هذا السياق، قال الدكتور طارق فهمي،
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأوروبية
التي بدأها صباح اليوم إلى بيلاروسيا ورومانيا تحمل أهمية كبرى لأن كلا الدولتين تربطهما
بمصر علاقات جيدة، مضيفا أن الرئيس سيعقد في بيلاروسيا لقاءات هامة مع رئيس الجمعية
الوطنية ورئيس مجلس النواب.
وأوضح فهمي، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن القضايا الرئيسية التي ستطرح في الزيارة هما قضيتي مكافحة الإرهاب
والتطرف والتعاون المشترك في القضايا الثنائية وسيكون هناك تأكيدا على مجالات التعاون
المشترك خاصة الاقتصادي والاستثماري، مضيفا أن الرئيس سيلتقي مجلس رجال الأعمال وهو
فرصة ليطرح تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات والتسويق للمشروعات الكبرى.
وأشار إلى أن العلاقات بين مصر وبيلاروسيا
جيدة مما يعطي فرصة لزيادة الاستثمارات، موضحا أن السيسي هو أول رئيس مصري يزور بيلاروسيا،
وهو أمر يحمل دلالة بحرص الرئيس على زيارة دول والانفتاح جديدة على مناطق في النطاق
الأوروبي، وخاصة أن بيلاروسيا دولة واعدة وكانت ضمن أعضاء الاتحاد الروسي، وتربطها
بمصر علاقات تاريخية.
وأضاف إن زيارة الرئيس لرومانيا ستركز
بشكل أساسي على التعاون الاقتصادي والقضايا الإقليمية، وسيلقي الرئيس كلمة في جامعة
بوخارست للدراسات الاقتصادية وسيطرح خلالها العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الروماني
والمصري، حيث أن العلاقات بين البلدين جيدة منذ عهد نيكولاي تشاوشيسكو رئيس رومانيا
الأسبق.
وأكد أن الرئيس سيطرح مجالين لتطوير
العلاقات هما التعليم والتعاون العلمي، فالجانب العلمي في الزيارة له أولوية، والدليل
على ذلك أن الرئيس سيلقي كلمة في جامعة بوخارست، مضيفا أن الرئيس يعمق العلاقات مع
هاتين الدولتين بصفته الأفريقية كرئيس الاتحاد الأفريقي للعام الحالي.
تعميق
العلاقات المصرية الأوروبية
ومن
جانبه، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح
السيسي إلى بيلاروسيا هي الأولى لرئيس مصري وجاءت بعد دعوة من الرئيس البيلاروسي الذي
سبق وقام بزيارة رسمية لمصر، وسيتم في إطارها بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك
منها السياسي والاقتصادي والاستثماري والتجاري.
وأوضح هريدي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن رومانيا ستكون المحطة الثانية في جولة الرئيس
الأوروبية، وهي أحد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن الزيارة تأتي في إطار
تطلع مصر لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الجانب الأوروبي خدمة لأهداف خطة التنمية المستدامة
2030.
وأكد أن الجولة
تأتي في إطار حرص مصر على التواصل مع كافة دول العالم في المناطق الجغرافية المختلفة
لتعزيز المصالح المصرية في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والاستثمارية،
مشيرا إلى أن برنامج الزيارة مكثف وسيلقي الرئيس كلمة في جامعة بوخارست برومانيا.
وأضاف إن كلمة
الرئيس بالجامعة ستنقل صوت مصر وتعبر عن مواقف مصر من القضايا التي تشغل اهتمام الرأي
العالمي سواء في الشرق أو الغرب، وستعيد التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية المصرية
والتي تقوم على الانفتاح والعمل مع الجميع لإرساء دعائم الأمن والاستقرار ليس فقط في
الشرق الأوسط إنما في جميع أنحاء العالم وإيصال تلك الرسائل للرأي العام العالمي وإعطاء
صورة حقيقة عن التوجهات المصرية.
فتح آفاق
أوسع للعلاقات والتعاون
فيما قال السفير
نبيل بدر، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بيلاروسيا
ورومانيا مهمة الوقت الراهن، وخاصة أن الرئيس البيلاروسي كان قد زار مصر في 2017، والتي
كانت بادرة لوجود علاقات طيبة، مضيفا "نحن نحرص على دعم هذه العلاقة التي تتأسس
على رصيد جيد من الثقة وتبادل الرأي والمصالح".
وأوضح بدر،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن العلاقات بين البلدين لها عدة آفاق سواء عسكرية
أو تجارية قابلة للزيادة بعد زيارة الرئيس إلى جانب السياحة الوافدة من بيلاروسيا لمصر،
مضيفا إن هناك عدة ملفات رئيسية تهم البلدين كتحقيق الاستقرار والتعاون في مجالي الأمن
ومكافحة الإرهاب، وخاصة أن مصر تتمتع بسمعة متميزة في مجال مكافحة الإرهاب واكتسبت
ثقة ومصداقية على مستوى العالم.
وأكد أن بيلاروسيا
تتحسس من تأثيرات ما يحدث في الشرق الأوسط وعودة المتطرفين من دول مجاورة إلى بلادهم
واحتمالات تصاعد الإرهاب هناك، موضحا أن هذا أحد الملفات المشتركة بين القاهرة ومينسك
فضلا عن مجال العلاقات التجارية والتي ستشهد تحسنا عن طريق عرض أفضل للإمكانيات السلعية
المتاحة للتصدير لدى الدولتين.
وأشار إلى
أن التحرك الإستراتيجي المصري ينفتح على علاقات إيجابية على المستوى الخارجي بصفة عامة
ويبني مواقفه الدولية على أساس القانون الدولي وقواعد حسن الجوار والانفتاح للتعاون،
موضحا أن زيارة الرئيس لرومانيا تأتي في هذا الإطار فهناك أبعادا سياسية خاصة لدعم
الحلول السياسية لمشاكل المنطقة ورفض التجاوزات التركية على قبرص والتنقيب عن الغاز
في المياه الاقتصادية القبرصية.
وأوضح وجود
مجالات واسعة لدعم الاستثمار المتبادل بين مصر ورومانيا وهي قابلة للزيادة، مؤكدا أن
رومانيا تضطلع بدور يتميز بالديناميكية في منطقة شرق أوروبا وعلاقات طيبة أوروبيا ومن
المهم أن تتيح هذه الزيارة والتواصل بين البلدين فرصة ليس فقط لاستعراض آخر التطورات
إنما أيضا الملفات التي تتهدد المنطقة وبينها الملف الفلسطيني.