حوار: إيمان النجار
د. حاتم أبو القاسم أستاذ جراحة الأورام، وكيل معهد الأورام القومى لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة فى حديثه لـ«المصور» ألقى الضوء على التحديات التى تواجه المعهد فى تأدية الخدمة، والذى أكد أن أبرزها متعلق بزيادة أعداد المرضى غير القادرين على تحمل فاتورة العلاج من الأورام، موضحا أيضا أنه بسبب الوضع الاقتصادى خلال الفترة الأخيرة دخلت شرائح جديدة للتردد على المعهد.
«د. حاتم» كشف أيضا أن الزيادة خلال الستة أشهر الأخيرة وصلت لنحو ٣٠٪ فى عدد الحالات الحديثة المترددة على المعهد بسبب الأوضاع الاقتصادية وبدأت تتكرر حالات بدأت العلاج على نفقتها ولم تعد قادرة على استكمال العلاج أيضا ضيق المكان، مشيرا إلى أن هذه الزيادة تقابلها سياسة التوسع للمعهد فى أكثر من مكان، أيضا زيادة تكلفة العلاج بعد تعويم الجنيه فى ظل الميزانية للمعهد .. وعن تفاصيل هذا الأمر وأمور أخرى كان الحوار التالى:
بداية.. كم يبلغ حجم العمل فى المعهد فيما يتعلق بجزئية العلاج الجراحى؟
بداية العلاج الجراحى هو المؤثر الأقوى للقضاء على الأورام، وكلما تم الاكتشاف فى المراحل الأولى وبداية الإصابة تكون معدلات الشفاء أعلى، وتصل فى بعض الحالات إلى ١٠٠٪ فى بعض الأورام، ولدينا فى المعهد مختلف تخصصات جراحة الأورام، وتشمل جراحات أورام الجهاز البولى وأورام الجهاز الهضمى، أورام الجهاز التناسلى الأنثوى، جراحات أورام الرأس والرقبة وأورام العظام وجراحات أورام الأنسجة الرخوة، جراحات أورام الثدى، أورام القفص الصدرى والرئتين، ويتم إجراء نحو خمسة آلاف جراحة منها نحو ٣ آلاف جراحة كبرى وألفا جراحة عينات، وتأتى جراحات أورام الثدى فى مقدمة العمليات الجراحية، ثم بقية جراحات الأورام بنسب متفاوتة.
كم عدد غرف العمليات الموجودة فى المعهد؟
لدينا نحو ٨ غرف للعمليات الكبرى، منها خمس غرف فى المعهد تم تطويرها عام ٢٠١١ و٣ غرف فى مبنى المعهد فى التجمع، ونحو ٦ غرف عمليات للعينات والمناظير، ويتم إجراء فى المتوسط اليومى نحو ٣٠ حالة جراحة منها ٢٠حالة كبرى و١٠ حالات عينة ونحو ١٠ مناظير يوميا، ويوجد نحو ١٣ سرير رعاية مركزة للعمليات وحاليا يتم إعداد نحو ٨ أسرة رعاية متوسطة.
ماذا عن الأطقم الطبية التى تتولى الجراحات تلك.. هل كافية أم أن المعهد يعانى من نقص فى عددها؟
الجراحة الواحدة يقوم بها فريق من ٣ جراحين، جراح و٢ مساعدين، وطبيب تخدير و٢ تمريض، وفى بعض الحالات تحتاج فريقين من الأطباء، الأطقم الطبية متوفرة، المشكلة فقط أننا نعانى من عجز فى التمريض، بالنسبة لعدد الجراحين لدينا نحو ١٠٠ جراح وعدد أطباء التخدير كاف، لكن بالتأكيد مع فرع المعهد ٥٠٠٥٠٠ سوف نحتاج زيادة هذه الأعداد، وبالنسبة لمشكلة التمريض نعانى من عجز فى عدد التمريض بنسبة ٢٠ ٪، فالمشكلة أن الممرضات نسبة كبيرة تأخذ إجازات من رعاية طفل ومرافقة الزوج ووضع وغيرها وهذا يجعل ٦٠٪ من التمريض هم الذين يعملون فعليا ونسبة الـ٤٠ ٪ المتبقية موجودة على الورق فقط.
كم تستغرق جراحة الأورام؟
المقصود بالجراحة هنا استئصال الورم وإعادة تأهيل الجزء الذى تم الاستئصال منه، وأقل جراحة تستغرق نحو ساعتين، ومن الممكن أن تصل لنحو ١٢ ساعة فى عمليات كبرى حيث يتم بها استئصال جزء مصاب، ثم عمل رقع وإعادة زرع شرايين وأوردة.
وجود قائمة انتظار لمرضى السرطان.. هل هذا مقبول؟
المريض لابد أن تجرى له الفحوصات اللازمة، ويعرض على لجنة طبية متخصصة لتحديد طرق العلاج، وللأسف المريض غالبا يأتى محولا من مكان آخر وتأخر عندهم، وحالته النفسية سيئة ولا يحتمل الكلام أو الانتظار، لكن فى المقابل لا بد من اتخاذ الخطوات اللازمة لبدء العلاج، وكل هذه الإجراءات يتم الانتهاء منها خلال أسبوعين، ثم يتم تحديد طريقة العلاج، وبالنسبة للعلاج الجراحى ففى خلال شهر يكون أنهى المريض كل الفحوصات والتحاليل اللازمة وتجرى له الجراحة، هذا مع الأخذ فى الاعتبار حجم المترددين على المعهد من مختلف المحافظات.
بشكل عام.. ما هى أبرز المشكلات والتحديات التى تواجه المعهد؟
أهم التحديات التى تواجه المرضى هى زيادة عدد المرضى غير القادرين، فالخدمة كلها بالمجان، ونتيجة الوضع الاقتصادى خلال الفترة الأخيرة بدأت تتردد شرائح جديدة على المعهد ليس لزيادة فى معدلات الإصابة، لكن لأن جزءا من الفئة التى كان لديها مقدرة مالية للعلاج على نفقتها مع ارتفاع نفقات العلاج وتضاعف ثمن العلاج لم تعد قادرة على تحمل نفقات العلاج وأصبحت تلجأ للمعهد، فتكلفة العلاج زادت من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، ولاحظنا هذه الزيادة خلال الستة أشهر الأخيرة مقارنة بنفس المدة من قبل، حيث رصدنا نسبة ٣٠٪ زيادة فى عدد الحالات الحديثة المترددة على المعهد بسبب الأوضاع الاقتصادية، وبدأنا نجد حالات متكررة بدأت العلاج على نفقتها ولم تعد قادرة على استكمال العلاج، والنسبة الأغلب تكون لتلقى العلاج الكيماوى.
بجانب زيادة الأعداد نتيجة الأوضاع الاقتصادية، أيضا نواجه تحدى زيادة تكاليف العلاج نتيجة زيادة الأسعار المتوقعة بعد تعويم الجنيه وهذا سيمثل عبئا على المعهد فى ظل الميزانية المحددة للمعهد، ومشكلة التمويل تساعدنا فى التغلب عليها تبرعات المواطنين، كما أننا نعانى أيضا من ضيق المكان وهذا ما نسعى له من خلال التوسع فى مبنى التجمع والتوسع فى مستشفى دار السلام العام وما نسعى له فى فرع «٥٠٠ ٥٠٠»، وهناك كذلك فكرة توافد المرضى من كافة المحافظات يمثل ضغطا وهذا يتسبب فى مشهد الازدحام المتكرر، وهذا يتطلب إيجاد مراكز بالمحافظات على نفس الكفاءة تستطيع التعامل مع كل أو معظم الحالات، ونستطيع تدريب الكوادر اللازمة لذلك، المبنى الجنوبى كان مخططا له تكلفة إنشاء بدون تجهيزات أو فرش نحو ٢٠٠ مليون جنيه قبل زيادة الأسعار مؤخرا، أيضا عجز التمريض والعمالة الفنية.
رغم التوسعات الأخيرة فى العيادات الخارجية لا يزال الازدحام مستمراً.. تعقيبك؟
كلما نقوم بأى توسع نتخيل أن الأزمة سوف تقل، لكن عدد المرضى المترددين يتزايد، فما يحدث بعض المرضى عندما يرون هذا التكدس منهم من يبحث عن مكان آخر تابع للتأمين الصحى أو غيره، لكن عندما يحضر ويجد مكانا ينتظر وهذا يفسر الازدحام حتى بعد التوسعات وبعد التطوير الذى حدث فى العيادات الخارجية فمثلا أخذنا دورين فى مستشفى دار السلام العام «هرمل» لعلاج سرطان وكذلك فرع المعهد بأرض التجمع، فكلما وجدنا متنفسا جديدا زادت فرص العلاج لعدد مرضى أكبر.
رغم وجود معدلات شفاء مازال السرطان المرض المخيف.. ما السر وراء بقاء تلك الصورة لدى المواطنين؟
مبدئيا.. الصورة تحسنت عن ذى قبل كثيرا، لكننا نواجه مشكلة أن الأشخاص يتخوفون من توقيع الكشف المستمر، وهذا يخلق مشكلة فى تأخر اكتشاف الإصابة إلى جانب أن المريض حتى يكتشف الإصابة ويتابع مع أطباء مثلا فإلى أن يأتى للمعهد يأتى بعد مرور فترة على الإصابة، وهذا يعرضه لزيادة نسبة الإصابة وهذا بدوره يقلل معدلات الشفاء، وتختلف ما بين الفئات المجتمعية فالفئات المتعلمة والمقتدرة ماديا تحرص على الكشف المستمر ويكتشفون الإصابة مبكرا بخلاف الفئات الأقل فى المستوى التعليمى والمستوى الاقتصادى، لكن مع زيادة الوعى عموما تزيد معدلات الشفاء فعلى سبيل المثال فى حالات أورام الغدة الدرقية تصل معدلات الشفاء لنحو مائة فى المائة خاصة مع الاكتشاف المبكر والعلاج المحدد، لكن لو جاءت حالات الأورام عموما فى مراحل متأخرة كالمرحلة الرابعة تقل معدلات الشفاء تقل لنحو عشرة فى المائة، لكننا نقول أننا نعالج ليس لكى يخف المريض ولكن ممكن أن يكون الطبيب على علم بعدم شفاء المريض ولكن يكون علاجه هنا لتحسين حالته ويعيش حياة بأقل معدلات ألم وتحجيم الورم لأطول فترة ممكنة، فمثلا فى أورام البروستاتا المريض من الممكن ألا يشفى لكن أعالجه وأسيطر على الورم لفترة تصل لعدة سنوات وهذه ميزة، فتخفيف المعاناة أيضا طريق علاج.
وفقا للأرقام المتاحة فإن معدلات الأورام فى تزايد.. لماذا؟
نسبة الأورام زادت فى مصر لأكثر من سبب منها زيادة عدد السكان، زيادة الوعى وزيادة الوسائل التشخيصية أدى إلى زيادة اكتشاف حالات الإصابة الموجودة بالفعل ولم تكن مكتشفة من قبل، ولا زلنا فى مستوى المعدلات العالمية وان كانت أورام معينة أقل من النسب العالمية ففى أورام الجهاز الهضمى فى الخارج أكثر من مصر لأن لها علاقة بالوجبات السريعة وأمور أخرى لذا فى أمريكا أكثر من مصر، أورام أخرى تتعلق بالتدخين وتلوث الهواء تزيد فى مصر، وعموما تصل معدلات انتشار السرطان لنحو واحد لكل مائة ألف وهذه مازالت فى المعدلات العالمية فلم نصل لمرحلة الخطر.