الخميس 30 مايو 2024

وزير المالية الفلسطيني يطالب نظراءه العرب بتفعيل شبكة الأمان المالية بقيمة 100 مليون دولار

23-6-2019 | 12:41

طالب شكري بشارة وزير المالية والتخطيط الفلسطيني ، نظراءه العرب بتفعيل شبكة الأمان العربية بقيمة 100 مليون دولار شهرياً وفقاً لقرارات جامعة الدول العربية .. مشيرا إلى أن العقوبات الإسرائيلية وضعت الاقتصاد الفلسطيني في منعطف خطير.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الوزير الفلسطيني في افتتاح الاجتماع الطارئ لوزراء المالية العرب برئاسة تونس "رئيس القمة العربية" وحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط ، لبحث كيفية توفير شبكة الأمان المالية لدولة فلسطين لتتمكن من مواجهة الممارسات والإجراءات المالية الإسرائيلية.

ودعا وزير المالية الفلسطيني إلى ضرورة الاستمرار والالتزام بقرار جامعة الدول العربية القاضي بدعم فلسطين بمبلغ 55 مليون دولار شهرياً .. قائلا : "إن هذا هو الحد الأدنى الذي يسمح لنا بالبقاء والوفاء بالتزاماتنا المالية والتربوية والصحية والاجتماعية ودعم المخيمات داخل وخارج فلسطين وخاصة تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة".

وأشار إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية اعتمدت خلال الستة أعوام الماضية ، استراتيجية تتمحور حول هدفين رئيسيين أولهما هو: تخفيف العجز الجاري تدريجياً والابتعاد عن تمويل النفقات الحكومية الاستهلاكية مقابل التوجه نحو تمويل النشاطات الاستثمارية والتطويرية ..والثاني هو الاستعداد استباقياً للسيناريو الحتمي والمتمثل في تراجع المساعدات المالية الدولية وذلك من خلال تعزيز الاعتماد على الموارد المتاحة ذاتياً.

وقال : إنه مع نهاية العام الماضي كنا قد قطعنا شوطاً متقدماً لتحقيق هذه الأهداف.. مشيرا إلى نجاح السلطة في مضاعفة الإيرادات خلال الأعوام الست الماضية عن طريق الترشيد والإصلاح بالرغم من تخفيض ضريبة الدخل في عام 2016 من 20 إلى 15% ؛ وذلك لضخ سيولة بالأسواق وتحفيز القطاع الخاص الفلسطيني.

وأوضح أنه تم تقليص العجز الجاري، الذي بلغ 13 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى 5ر4 % في عام 2018 وكانت الأمور تسير في اتجاه تخفيض العجز هذا العام إلى 5ر2 % قبل الانتكاسة الأخيرة.

وأشار إلى انخفاض مساعدات المانحين خلال الستة أعوام الماضية من مليار دولار قبل عام 2013 إلى أقل من 450 مليون دولار في عام 2018 أي انخفاض بحدود 60% ؛ نتيجة توقف الدعم الأمريكي وعدد من الدول الأخرى.لافتا إلى أن السلطة استمرت في تطبيق إستراتيجيتها دون إثقال كاهل الموازنة بأي اقتراض مالي إضافي، وتمكنّت السلطة من الحفاظ على الدين العام بنسبة متواضعة لا تفوق 11 % من الناتج المحلي.

وقال : "إننا لم نتخل عن الوفاء بالتزاماتنا المالية تجاه قطاع غزة عبر توجيه نفقات للقطاع لا تقل عن 2ر1 مليار دولار سنوياً والتي تعادل 35% من إجمالي نفقات السلطة، وهذا بطبيعة الحال دون أي استرجاع ضرائبي أو رسوم من هذه المصاريف".

وأضاف :"أنه وبالرغم من الإنجازات على صعيد إدارة المال العام ، إلاّ أننا على يقين بأنه لا يوجد أي بصيص أمل لمأسسة اقتصاد فلسطيني قابل للازدهار والنمو المستدام ، تحت معوقات الاحتلال العسكري الخانق الذي تجاوز النصف قرن"..متسائلا كيف يمكن أن نحقق نمواً قابلاً للديمومة في ظل حرماننا من الاستثمار في أكثر من 64% من أراضينا المعروفة بمناطق (ج) والتي أصبحت يوماً بعد يوم مخصصة لتطوير المستوطنات وللأغراض العسكرية الإسرائيلية؟.

كما تساءل كيف يمكن أن نطور البنية التحتية ونطور وسائل النقل بين مدننا أو نطور مشاريع إسكانية في تلك المناطق، وكيف يمكن تطوير القطاع الزراعي أو استغلال المصادر الطبيعية في ظل استمرار حرماننا من أبسط حقوقنا والمتمثلة بحق الوصول إليها واستخراجها؟..وكيف يمكن تطوير القطاع السياحي في ظل حرماننا من حقنا في الوصول إلى القدس الشرقية والأماكن المقدسة التي يوجد فيها أهم المعالم الدينية والسياحية، في حين أن معظم الفلسطينيين محرومين من وضع قدمهم فيها؟. 

وأشار إلى أن حركة المواطنين الفلسطينيين والسلع داخلياً تتعرض لسلسلة معوقات من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية تزيد على 700 حاجز عسكري إسرائيلي..متسائلا "كيف يمكن حتى أن نقيس اقتصادنا ولو نسبياً عندما لا نسيطر على حدودنا ومياهنا وهوائنا ولا نتمتع بأي سيطرة على أي مرفأ يربطنا مع العالم الخارجي".

وقال : "إن هذا الواقع المرير، يولّد تلقائيًا عجزًا تجارياً متأصلاً في السلع والخدمات لصالح إسرائيل؛ يبلغ حالياً حوالي 6 مليارات دولار سنوياً".. مشيرا إلى أنه نتيجة لواقع الحال غير المتوازن أصبحت السلطة معتمدة بشكل أساسي على الضرائب والرسوم الجمركية التي يتوجب على إسرائيل إعادتها لها شهرياً وفقًا للاتفاقيات المبرمة وفي طليعتها بروتوكول باريس لعام 1995.

وأوضح أن هذه الأموال تدفع مسبقاً من قبل الفلسطينيين حكومةً ومواطنين لكي تعود للسلطة بعد 50 يوماً منقوصة من عمولات وتكاليف واقتطاعات وجزء كبير منها دون أي تفسير أو شروحات شفافة..قائلا : "أن نتيجة العجز التجاري لصالح إسرائيل وحجم الاستيراد منها، أصبحت قيمة الضرائب التي يتوجب على إسرائيل إعادتها للسلطة تقدر بحوالي 200 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 2.4 مليار دولار سنوياً.

وأضاف : "إن إسرائيل شوهت على مدار ال25 عاما الماضية ، الأطر الناظمة بشأن إعادة الضرائب ، حيث لجأت إلى تجميد إعادة المبالغ للسلطة واستخدامها كوسيلة للإكراه السياسي وفرض مطالب على السلطة"..لافتا إلى أنه في كل مرة أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة الحقت ضرراً مدمراً بالخزينة العامة وبالاقتصاد الفلسطيني.

وأشار إلى أن إسرائيل تستغل شهرياً نقطة ضعف السلطة الفلسطينية المتمثلة بحاجتها الماسة والملحة لاستلام أموالها في موعدها لتفرض عليها خصومات ومصاريف مضخمة دون أي وجه حق..قائلا : "لقد تمكنت إسرائيل خلال الفترة الماضية من استغلال ضعف السلطة المالي واعتمادها الشبه تام على عائدات الضرائب والرسوم كوسيلة للسيطرة المطلقة على وضعها المالي والاقتصادي مما جعل الاحتلال العسكري احتلالاً بالغ الربح".

وقال : "إننا دون أي شك لم ولن نتنازل عن مطالبنا المالية وسنلجأ لكافة الطرق المتاحة لاسترجاع أموالنا ووقف قرصنة الاحتلال"..لافتا إلى أن إسرائيل أعلمت السلطة الفلسطينية مؤخراً بقرارها بخصم مبالغ إضافية من أموال السلطة تبلغ 12 مليون دولار شهرياً أي 144 دولار سنوياً. 

وأضاف :"لقد بررت إسرائيل هذا القرار أنه إجراء عقابي أقره الكنيست الإسرائيلي لمعاقبة السلطة على ما تقوم به من دعم وتأمين رواتب، وبدلات اجتماعية ومساعدات إنسانية لصالح عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والجرحى وعائلات الشهداء"..لافتا إلى أن الرد الفلسطيني كان موحداً، قيادةً، وشعبا،ً ورأياً عاماً باعتبار الخطوة الإسرائيلية الأخيرة مرفوضة.

وقال إن المليون فلسطيني الذين أُسروا وخرجوا من السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 ومئات الآلاف من الجرحى والشهداء ، هم في طليعة هؤلاء ضحايا، القوة العسكرية الاستعمارية الإسرائيلية..مضيفا :"عندما نقوم بواجبنا الإنساني للتخفيف من صدماتهم ومآسيهم تأتي إسرائيل وتعاقبنا على ذلك، فهذا هو قمة الإجحاف القانوني والأخلاقي". 

وأكد أن إسرائيل تتجاهل حقيقة راسخة أن جوهر استراتيجية الاستيطان يقوم على الدعم المالي والاستثناءات والمنح والميزات العديدة للمستوطنين الذين يسلبون أراضي الفلسطينيين يومياً منتهكين بشكل صارخ القانون الدولي..قائلا : "إنه لهذه الأسباب لن نسمح أن يمر قرار الكنيست باستقطاع الأموال الفلسطينية عقابا للسلطة على الأسرى وأسرهم مرور الكرام ، فلا يوجد بيت فلسطيني لا يخلو من أسير أو جريح أو شهيد، ولا يمكن أن نقبل أن يتعرض أي مواطن أو أي مؤسسة فلسطينية أو حتى عربية لمجرد مساهمتها في دعم الشعب الفلسطيني للابتزاز المالي".

وشدد على أنه أصبح حتماً على السلطة رفض الاقتطاعات غير القانونية برمتها، وهو ما جعل الوضع المالي معقد وخطير وأصبحت السلطة ملزمة بالاعتماد على فقط 40% من دخلها.

وأشار الوزير الفلسطيني - في ختام كلمته - إلى أن الولايات المتحدة أقرت بحق إسرائيل في السيطرة على الأغوار والحدود، وتدمير وكالة الأونروا ومحو الرواية وطمس الهوية الفلسطينية، وفي الوقت ذاته ، فإن فريق ترامب للسلام يهزأ بالمواقف الفلسطينية ويصفها بنقاط نقاش متحجرة ومملة.