الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

أفريقيا أكبر تكتل اقتصادي عالمي بعد تدشين منطقة التجارة الحرة.. خبراء: القيادة المصرية حرصت على الإسراع بدخول الاتفاقية حيز التنفيذ.. والمنطقة ستزيل العوائق الجمركية وتدفع التجارة البينية الأفريقية

  • 8-7-2019 | 16:55

طباعة
نجحت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي في الإسراع بدخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز التنفيذ، حيث كان هذا الملف هو أحد أولويات مصر خلال عام رئاستها، فيما أكد دبلوماسيون أن المنطقة التجارية الأفريقية تجعل القارة أكبر تكتل اقتصادي عالمي، وتدشينها هو علامة فارقة خلال عام رئاسة مصر، وستؤدي لعوائد كبرى أبرزها زيادة التجارة البينية الأفريقية إلى 60% بحلول عام 2022، ودفع الاستثمارات وإزالة الحواجز الجمركية.

 

أفريقيا أكبر تكتل عالمي

السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، قال إن تدشين اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية تمثل خطوة كبيرة في اتجاه إنشاء السوق الأفريقية المشتركة كهدف نهائي، ومن شأنها أن تزيد من حجم التجارة البينية بين الدول الأفريقية والتي تمثل حاليا 15% فقط.

 

وأوضح حليمة، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه على الأرجح سيتم إزالة الحواجز الجمركية بين الدول الأفريقية بشكل تام خلال خمس سنوات ما سيعمل على زيادة التجارة البينية الأفريقية، مشيرا إلى أن هذا يستلزم استثمارات خاصة في البينة التحتية سواء شبكة الطرق البرية أو البحرية أو النهرية أو السكك الحديدية أو الربط الكهربائي.

 

وأكد أهمية استكمال المشروعات الكبرى مثل ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط وخط القاهرة-كيب تاون ومنطقة الحزام والطريق، مضيفا إن الاستثمار في هذا القطاع تحديدا وهو البنية التحتية من شأنه أن يدفع التبادل التجاري وانتقال السلع والخدمات بصورة أفضل، وكذلك الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل الزراعة والصناعة والتعدين والتنمية البشرية.

 

وأضاف إن هذه المنظومة الثلاثية في غاية الأهمية ويجب أن تسير جنبا إلى جنب، حيث أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أهمية الاستثمار في هذه القطاعات سواء في خطابه خلال توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي أو في الجلسة الافتتاحية لقمة نيامي الاستثنائية أمس.

 

وأشار إلى أن مصر كان لها دور في تشجيع الاستثمارات المصرية الأفريقية وأنشأت صندوق ضمان مخاطر لهذا الغرض فضلا عن تشجيع الرئيس للاستثمار العربي في القارة أو استثمارات القوى الكبرى مثل روسيا والصين، في إطار نوع من التوازن والمصالح المشتركة بين كافة الأطراف.

 

وأوضح حليمة أن منطقة التجارة الحرة ستنقل القارة الأفريقية لتصبح أكبر تكتل اقتصادي وتجاري عالمي يضم 1.2 مليار نسمة قوة شرائية و3.4 ترليون دولار كإجمالي ناتج محلي، حيث أن أكثر من 50 دولة وقعت على الاتفاقية وصدقت عليها 27 دولة، مضيفا إن القمة التنسيقية اليوم في نيامي تحضرها التجمعات الاقتصادية الخمسة في القارة الأفريقية والدول الأعضاء لمناقشة بعض القضايا ذات الأولوية حتى يمكن تنفيذ الاتفاقية وتحقيق التقدم المنشود.

 

ولفت إلى أن أبرز تلك القضايا مكافحة الإرهاب والإتجار بالبشر والجريمة المنظمة واللاجئين والنازحين والهجرة غير الشرعية والأوضاع في ليبيا والسودان وجنوب السودان والصومال والرؤية الأفريقية لإسكات البنادق في 2020 ووقف النزاعات والحروب الأهلية في القارة، مؤكدا أن كل هذه القضايا السياسية تمثل وجها آخر لعملية التنمية الاقتصادية المستدامة ومحور المرحلة الحالية التي تمر بها القارة الأفريقية.

 

وأكد أن فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي وما قدمته من رؤى وأفكار وبرامج ونشاط سياسي واقتصادي يؤكد أننا نمر بمرحلة تمثل طفرة ونقلة نوعية في العلاقات الأفريقية- الأفريقية، في المجال الاقتصادي بصفة خاصة وأيضا السياسي والاجتماعي والإنساني.

 

علامة فارقة

من جانبه، قال السفير علي الحفني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قمة نيامي الاستثنائية استهدفت الاحتفال بدخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية التي وقعت في مارس من العام الماضي حيز النفاذ، مشيرا إلى أن الاتفاقية بدأت التنفيذ في نهاية مايو الماضي وادخر الاحتفال إلى القمة الاستثنائية الـ12.

 

وأكد الحفني، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الاتفاقية هي حلم طال انتظاره لعقود وكان له إرهاصات باجتماع التكتلات الاقتصادية الثلاثة الكوميسا والسادك ودول شرق أفريقيا في شرم الشيخ وإنشاء مناطق حرة على مستوى التجمعات الاقتصادية دون الإقليمية، فمنذ نحو 20 عاما أنشئت منطقة في إطار الكوميسا.

 

وأضاف إن الاتفاقية حدث تاريخي وعلامة فارقة خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، ومع نهاية العام ومع تقديم تقرير عن نشاط مصر خلال رئاستها سيكون ثريا وإحدى علاماته الرئيسية هي زيادة عدد الدول المنضمة للاتفاقية والدول التي صدقت برلماناتها على الاتفاقية ودخولها حيز النفاذ والاحتفال بنيامي في النيجر بإطلاق منطقة التجارة الحرة على المستوى القاري.

 

وأشار إلى أن القمة التنسيقية اليوم برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي يحمل أهمية كبرى يستهدف التنسيق بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الثمانية المعترف بها من قبل الاتحاد وهي في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط وزاد عليها ثلاثة تجمعات أخرى وهي تجمع دول شرق أفريقيا والإيجاد والساحل والصحراء.

 

وأكد أهمية التنسيق بين رئاسة الاتحاد الأفريقي وهذه التجمعات بشأن تلك الاتفاقية لأنه ملقى عاتقها الدفع بوضع اتفاق منطقة التجارة الحرة في موضع التنفيذ، مؤكدا أنه بعدما تقرر أن تكون هناك قمة دورية واحدة في العام بمقر الاتحاد في أديس أبابا أصبح ضروريا أن تناقش كل القضايا والموضوعات والتنسيق بين الدول الأعضاء لتوحيد الجهود ليصب في صالح التكامل القاري.

 

وأوضح الحفني أن القمة شهدت حدثا تاريخيا وسيكون له انعكاساته على الوضع الاقتصادي الأفريقي وهو منطقة التجارة الأفريقية سواء بدفع التجارة البينية، والمتوقع أن تصل في2022 إلى 60%، وإزالة الحواجز الجمركية والانتقال الحر للبضائع والخدمات وزيادة الاستثمارات المشترك ونشاط مجتمعات الأعمال بقطاعيها العام والخاص ودعم رواد الأعمال من الشباب وخلق مزيد من فرص العمل.


ولفت الدبلوماسي السابق أن معظم سكان القارة من الشباب ويتطلعون للحصول على فرصة عمل وتحقيق مرادهم للعيش الكريم داخل دولهم بدلا من التعرض للأخطار بالهجرة غير الشرعية أو المنظمات الإرهابية، مؤكدا أن هناك جهدا كبيرا يبذل لتمكين المرأة بشكل أكبر خلال الفترة القادمة.


وشدد على أهمية القمة في تعزيز الدور المصري على المستوى القاري وخاصة أن هناك تقديرا أفريقيا لهذا الدور.

 

أهم عوائدها

ومن جانبها، قالت الدكتورة سالي فريد، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الأفريقية، إن مصر تقدر أهمية تعزيز التعاون بين دول القارة الأفريقية، لا سيما في مجال التجارة، نظراً لأن إزالة الحواجز الجمركية ستسهم في تقليل أسعار السلع؛ مما يخدم أهداف تحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية.

 

وأضافت في تصريحات لـ"الهلال اليوم"، أن القيادة السياسية المصرية كانت حريصة على الإسراع بدخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية حيز النفاذ بهدف تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين دول القارة والوصول بها لمرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة لوضع القارة السمراء في مكانتها الطبيعية على خريطة الاقتصاد العالمي.

 

وأكدت سالي فريد، أن تنمية علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر والدول الأفريقية، تأتي كأولوية أولى للقيادة المصرية، موضحة أن تدشين اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية خلال القمة الاستثنائية في نيامي، سيسهم في تنمية حركة التجارة البينية الأفريقية، وتحقيق معدلات أعلى للنمو الاقتصادي الأفريقي بعد إزالة العوائق الجمركية بين الدول.

 

وأشارت إلى أن الاتفاقية ستعمل على زيادة معدلات النمو الصناعي وتحقيق التنمية التكنولوجية، وهو ما يمكن دول القارة من المنافسة على الساحة الاقتصادية الدولية، مضيفة إن الاتفاقية تعتبر الأكبر من حيث الدول المشاركة فيه منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث وقعت عليها 44 دولة أفريقية، في قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت في رواندا في مارس ٢٠١٨.

 

وأشارت أستاذ الاقتصاد إلى أن إقامة منطقة التجارة الحرة في أفريقيا في سيؤدي لإنشاء سوق واحدة للسلع والخدمات، مع حرية حركة رجال الأعمال والاستثمار، مما يمهد الطريق لإنشاء اتحاد جمركي قاري، وتوسيع التجارة داخل أفريقيا من خلال المواءمة والتنسيق بين أنظمة تحرير التجارة داخل التجمعات الاقتصادية الإقليمية وعبر أفريقيا بشكل عام.

 

وأضافت إن هذه الاتفاقية ستعمل أيضا على مواجهة التحديات التي تعوق التكامل الإقليمي والقاري، وتعزيز القدرة التنافسية التجارية والصناعية من خلال استغلال الفرص المتاحة لزيادة الإنتاج والوصول إلى الأسواق القارية وإعادة تخصيص أفضل للموارد، مشيرة إلى أن الاتفاق يتضمن التعاون في ثلاثة محاور أساسية وهي تكامل الأسواق، والتنمية الصناعية وتطوير البنية التحتية.

 

ولفتت فريد إلى هذا التكتل الكبير سيتيح ميزة تفضيلية لنفاذ السلع والمنتجات بسهولة ويسر دون تعقيد، إلى جانب الإسهام في رفع حجم الأعمال التجارية، وزيادة الاستثمار والاستفادة من تحسين نظام المواءمة التجارية، مما يساعد على خفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية نتيجة إزالة كافة القيود الجمركية، فضلا عن أنه يوفر مصادر بديلة أمام الصناعة المصرية لاستيراد المواد الخام اللازمة معفاة من الجمارك.

 

واختتمت: إنه هذا سيحقق لمصر أيضا الاستفادة من قواعد المنشأ ومعالجة المشاكل التجارية وفض المنازعات، بالإضافة إلى تبادل عروض التخفيضات الجمركية بين الدول الأعضاء، مما يؤدى إلى زيادة التواجد المصري بالأسواق الأفريقية.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة