قانون جديد للعمل الأهلي وافق عليه
مجلس النواب مؤخرا، بعد توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل القانون رقم 70
لسنة 2017، ووصف حقوقيون القانون بأنه يجعل الجمعيات شريكا للدولة في عمليات التنمية حيث
ألغى العقوبات السالبة للحريات وجاء متسقا مع المواثيق الحقوقية الدولية، وخرج
نتيجة حوار فعال بين المنظمات والحكومة.
ويعمل القانون على تقنين كافة صورة
ممارسة العمل الأهلي وحوكمة منظومة العمل داخل كل مؤسسات المجتمع الأهلي والجهة
الإدارية المشرفة عليهم، ويهدف إلى تفعيل العمل التطوعي وتعزيز الديمقراطية والحكم
الرشيد، حيث ألغى قانون تنظيم عمل الجمعيات الصادر بالقانون رقد 70 لسنة 2017
وألغى كل حكم يخالف أحكام مواد الإصدار والقانون المرافق له.
ويشجع القانون على تأسيس الجمعيات والمؤسسات
الأهلية والاتحادات والمنظمات الإقليمية والأجنبية غير الحكومية المصرح لها بالعمل
في مصر وتعزيز دورها في خدمة الصالح العام، مع التزام كافة المؤسسات بتوفيق
أوضاعها خلال سنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون.
وتضمن القانون العديد من المميزات
أبرزها إلغاء عقوبة الحبس، والعقوبات السالبة للحريات عند مخالفة نصوص هذا القانون،
وإقرار عقوبة الغرامة بدلًا من ذلك، والسماح بالحصول على التمويل الأجنبي بشرط
إخطار السلطات وعدم انتهاك المنظمة أيًا من القوانين القائمة.
كما يعمل القانون على تخفيف
القانون لقيود كانت موجودة بالقانون السابق على تأسيس الجمعيات، ومنها السماح
بتأسيس الجمعيات الأهلية بمجرد الإخطار، والسماح للأجانب بعضوية الجمعيات الأهلية
المصرية بنسبة 25% من مجموع أعضائها، وإلغاء الجهاز الذي كان يشرف على عمل
المنظمات الأجنبية.
كما أجاز القانون للجاليات
الأجنبية إنشاء جمعية تعنى بشؤون أعضائها، كما تضمن القانون السماح بإنفاق أرباح
الشركات وصناديق الاستثمار التي تنشئها الجمعيات الأهلية على العمل الخيري.
يجعل الجمعيات شريكا للدولة
وفي هذا السياق، قال حازم منير،
رئيس المؤسسة المصرية للتدريب وحقوق الإنسان، إن قانون الجمعيات الأهلية الجديد
أعاد التوازن للعلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، وجعل من تلك الجمعيات بشكل فعلي
وحقيقي شريك للدولة وليس تابعا، مضيفا إن القانون التزم بما ورد في اتفاقيات العهد
الدولي للحقوق المدنية والسياسية بشأن ترخيص الجمعيات.
وأوضح منير، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن القانون جاء في إطار مناخ تفاهم وتعاون وليس في
إطار فوبيا كما وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون القديم من قبل، مؤكدا أن
القانون جاء نتيجة حوار مجتمعي منتج ومثمر، حيث أن أهم ما نص عليه القانون أنه جعل
من المجتمع المدني شريك.
وأضاف إن القانون أزال كل العقوبات
السالبة للحريات والحبس بسبب المخالفات الإدارية وأحال العقوبات المالية إلى
القانون الجنائي، فأزال المخاوف من أذهان كل العاملين في المجتمع الأهلي بشأن
العقوبات السالبة للحريات، مشيرا إلى أن الميزة الثالثة للقانون أنه جعل للقضاء
سلطة الحكم والبت في الخلاف بين الجمعيات وجهة الإدارة، ونزع عن تلك الجهة حق حل
الجمعية، وجعل هناك مرجعية لحسم الخلافات.
وأشار إلى أن الميزة الرابعة أنه
عدل بعض المواد لتجعل من القواعد العامة هي الحاكم للنصوص القانونية، فكان القانون
السابق يستلزم الأمر الحصول على الموافقة على التمويل خلال 60 يوم وإذا لم يصدر
القرار يعتبر رفض، لكن القانون الجديد نص على إنه إذا لم يصدر القرار خلال تلك
الفترة يعتبر قبول، وهو ما يتسق مع القواعد القانونية العامة.
ولفت إلى أن الميزة الخامسة هي أن
القانون أباح الترخيص بالإخطار بمجرد تقديم طلب تأسيس يحصل المؤسس على الصفة
الاعتبارية، فيصبح الكيان قائما، ويستكمل المؤسس أوراقه ليحصل على الترخيص، مؤكدا
أن القانون أعاد التوازن وخلق مناخا مختلفا عما كان سائدا من قبل وانتقلنا من مناخ
الفوبيا والخوف إلى مناخ الحوار والقبول.
وأكد القانون بهذه الصورة سيسهم في
تقنين أوضاع الجمعيات الأهلية وتفعيل دورها في المجتمع، لأن العلاقة عندما تقوم
على التفاهم والقبول تساعد على النشاط والعمل، مضيفا إنه بقي خطوة واحدة إذا ما
اكتملت سيكون المناخ مثاليا، وهي اللائحة التنفيذية المعنية بترجمة النصوص
لإجراءات، والتجربة تؤكد أن الحوار والتشريع الإيجابي يجعل من اللائحة التنفيذية
المقبلة إيجابية لتسهيل الإجراءات.
وتابع: إن الحوار الذي جرى حول
القانون هو نموذج لما ينبغي أن تكون عليه الحوارات المجتمعية بشأن القوانين ذات
الصفة القومية، وهناك اقتناع بأهميته ودعوة لكل أطياف المجتمع ليشاركوا فيه، مؤكدا
أن جلسات الحوار كانت تمثيلا لكل الأطياف وعبرت عن المناخ السياسي في المجتمع
وأدير فيه حوار واضح وشفاف والأخذ بكل الملاحظات وكانت هي الأساس للتشريع.
نتاج حوار فعال بين المنظمات والحكومة
فيما قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن قانون الجمعيات الأهلية الجديد خرج بصورة جيدة
وحقق الكثير من مطالب المنظمات، مضيفا إنه نتاج حوار بين الجمعيات والحكومة ونوقشت
كل الأفكار بشأن القانون في 7 اجتماعات شارك فيها نحو 600 جمعية أهلية.
وأوضح
أبو سعدة، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن كل الاتحاد والجمعيات
والمنظمات شاركت بما فيها منظمات حقوق الإنسان، وخرج القانون مستجيبا للكثير من
مطالبهم، مشيرا إلى أن أول هذه المطالب هو ضمان حرية الجمعيات في الإنشاء والتسجيل
دون قيود فأصبح إنشاء المنظمات بموجب القانون بالإخطار.
وأضاف
إن أصبح لا يجوز حل الجمعية أو مجلس الإدارة أو تجميد نشاطها إلا بحكم قضائي وليس
بقرار إداري، موضحا أن المنظمات والمؤسسات الأهلية هي جمعيات غير ربحية لا تهدف
للربح وبالتالي فهي حاجة دائمة للتمويل والتبرعات، وقد نظم القانون هذا الأمر،
فأصبح لها الحق في جمع التبرعات بعد إخطار الجهة الإدارية أو إصدار ترخيص بجمع مال
والموافقة على التمويل الأجنبي.
وأشار
إلى أن هذه الموافقة تكون خلال 60 يوما وإذا لم يتم الرد خلال تلك الفترة تعتبر
الجهة موافقة على الطلب، موضحا أن القانون لتنظيم العلاقة بين المجتمع المدني
والدولة فألغى العقوبات السالبة للحرية والتي كانت تصل في القانون القديم إلى
السجن خمس سنوات، لكن القانون الجديد ألغاها واكتفى بالعقوبات المالية والإدارية.
وأكد
أبو سعدة أن القانون يسمح بإنشاء منظمات أجنبية أو عضوية مجالس إدارة الجمعيات
للأجانب بنسبة 25% وهو ما يعطي مساحة من الحرية للمجتمع المدني، مشيرا إلى أهمية
استكمال مكتسبات القانون عبر اللائحة التنفيذية وضرورة أن تجعل القانون ميسرا في
التنفيذ دون قيود أو عراقيل.
ولفت
إلى أن هنا 57 ألف جمعية على مستوى الجمهورية مسجلين لدى الجهات المعنية وسيعيدوا
تسجيل أنفسهم بعد صدور اللائحة التنفيذية، مشيرا إلى أهمية أن تقوم الجمعيات غير
المسجلة بتقنين أوضاعها كجمعية أو مؤسسة لتتمكن من استكمال نشاطها وتواصل العمل
بشكل شرعي وقانوني.
أثلج صدور المؤسسات
ومن جانبها، قالت مارجريت عازر،
وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن قانون العمل الأهلي الجديد ألغى كل
العقوبات السالبة للحريات التي كانت موجودة في القانون 70 لسنة 2017، وهي خطوة
إيجابية أثلجت صدور كل مؤسسات المجتمع، مضيفا إن القانون يؤدي لضبط العمل الأهلي
ويغير ثقافة المجتمع تجاه العمل الأهلي.
وأوضح عازر، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن تلقي التمويلات وضع بعض الشبهات حول العمل الأهلي،
إلا أن مؤسسات المجتمع المدني شريك أساسي في التنمية، مضيفة إن القانون وضع ضوابطا
للتمويل وجعل تأسيس الجمعيات بالإخطار بعدما كان القانون السابق يحدد فترة شهرين
للموافقة على التأسيس.
وأكدت أن آلية التمويلات في
القانون الجديد هي التقدم بطلب للجهة الإدارية المعنية ويكون الرد خلال 60 يوما
وإذا مرت هذه المهلة دون رد تعتبر موافقة، بعكس القانون القديم الذي كان يعتبر عدم
الرد هو رفض، في مخالفة للعرف العام، مضيفة إن القانون ألغى خصم 1% من التمويلات
لصالح صندوق الجمعيات الأهلية، لأن البعض الجهات المانحة كانت تحظر خصم أية مبالغ
مما كان يحجب التمويلات.
وأشارت إلى أن القانون بشكله
الحالي وبعد النقاش المجتمعي الواسع وتلبية أغلب مطالب منظمات المجتمع المدني سواء
المصرية أو الأجنبية فسيؤدي لتنشيط مؤسسات المجتمع المدني بشكل أكبر مما سبق.