قال العميد خالد عكاشة رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إن عمليات هدم منازل الفلسطينيين وتهجيرهم وتهويد القدس، فضلًا عن كونها شكلًا من أشكال جرائم الحرب وتكريس فاضح لفعل الاحتلال، فهي جرس إنذار للداخل الفلسطيني في حال لم ينخرط سريعًا ويتجاوب مع مشروع المصالحة الذي يُعد أحد الجهود الرئيسيّة التي تتبناها مصر.
وأوضح عكاشة اليوم الخميس أن مصر تؤكد دومًا على أن المصالحة هي حجر الزاوية لانطلاق أي مشروعات قادمة وأي فرصة للبحث عن حلول للقضية أو لفتح حوار يمكن البناء عليه مستقبلًا، مضيفًا أن مصر بذلت جهودًا على مدار عقود وتحذر طول الوقت من خطورة الانقسام الفلسطيني/الفلسطيني.
وشدد على ضرورة أن تضع الأطراف الفلسطينية قضية المصالحة في مقدمة أولوياتها وتغليب المصلحة العامة وأن تتجاوب مع الطروحات المصرية الدافعة لإتمام المصالحة وتوحيد الكلمة الفلسطينية حتى يمكن التصدي للجرائم الإسرائيلية في حق فلسطين وأرضها وشعبها.
ونبه بأن إسرائيل تسير في هذا النهج من الانتهاكات وتدمير الحقوق الفلسطينية والدخول في هذه الجرائم مستثمرة حالة الانقسام الفلسطيني ومستغلة انشغال الداخل الفلسطيني وتأخر المصالحة، واصفًا حالة الانشغال الفلسطيني بالانقسام "بالمدمرة" هي الأخرى للقضية ولحقوق الفلسطينيين لأنها تفتح الساحة أمام إسرائيل في تكريس أوضاع على الأرض، لافتًا إلى خطورة تأخير إنجاز المصالحة حتى لا تكون الأوضاع قد تبدلت بأوضاع أخرى جديدة يصعب العودة عنها في المستقبل.
واعتبر عكاشة أن ما تقوم به إسرائيل من تدمير منازل الفلسطينيين، والادعاء بقانونية هذا الهدم بما يخالف الحقيقة، بأنه إعادة لإنتاج الأزمات والانتهاكات السابقة التي ظلت تعقد مسارات التسوية، لافتا إلى أن هذا المشهد غير الإنساني والمستنكر من العالم كله يعيدنا إلى مربع الصفر في أي حديث عن مشروعات تسوية، أو إعادة الأطراف إلى مائدة تفاوض أو حوار، أو البحث عن حقوق ثابتة يجب صياغتها.
وأضاف: "نتحدث عن مصادرة أراض وهذا يعني إعادة إنتاج لب المشكلة الفلسطينية، وهي انتزاع أراض وقطع الطريق على حق العودة وترحيل وتهجير لأصحاب وملاك هذه المساكن وتشريدهم وتحويلهم إلى وصف لاجئين حتى ولو داخل وطنهم، وهذا يضعنا أمام مشهد يحتاج أن ينتبه إليه العالم كله وهو أن إسرائيل تتخذ خلال الفترة الماضية تصرفات أحادية مدمرة لأي فرص تسوية أو حديث عن الوصول إلى حلول توافقية أو ما يمكن تسميته حتى ببدء حوارات متبادلة ما بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، مستندة لموقف أمريكي داعم بالصمت ويغض الطرف عن مثل هذه الانتهاكات".
وتابع رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية قائلًا: "هذه السلوكيات في الداخل الإسرائيلي تُعد شكلًا من أشكال تنافس اليمين الإسرائيلي ما بينه وبين بعضه، ويعبر عن مشكلات تمر بها الكتل اليمينية التي تحاول أن تقدم صورة متقدمة من التشدد وانتزاع الحقوق لدى الرأي العام الإسرائيلي لكي تحظى بالمكانة والقدرة على تشكيل الحكومة وارتفاع أسهمها".
وأوضح أن هذا التنافس اليميني يدمر حياة مواطنين آمنين سالمين لهم حقوق تاريخية في هذه الأرض ولهم حقوق إنسانية طبيعية وهي العيش في منزل، في أوضاع إنسانية صعبة بالكاد تكفي احتياجات صاحبه الأساسية، وهذه معادلة مختلة وتحتاج لقدر عال من الانتباه والتعاطي معها بما يلزمها على المستوى الدولي وعلى مستوى الداخل الفلسطيني أيضًا.
يشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بتدمير منازل الفلسطينيين في حي وادي الحمص بقرية صور باهر، الواقعة على جانبي جدار الفصل العنصري، جنوب القدس المحتلة، وقد وصفت الحكومة الفلسطينية عملية الهدم، بأنها بأكبر عملية هدم وتهجير منذ احتلال المنطقة في عام 1967.