السبت 23 نوفمبر 2024

تحقيقات

أوكرانيا وسوريا والنووي الإيراني.. على رأس أولويات القمة الفرنسية الروسية غدا

  • 18-8-2019 | 09:25

طباعة

يتوجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا الاثنين إلى فرنسا للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقر إقامته الصيفي في "حصن بريغانسون"، قبل أيام قليلة من انعقاد قمة قادة الدول الصناعية السبع الكبرى المقررة في الفترة من 24-26 أغسطس الجاري في منطقة "بيارتز" الفرنسية.

وتستمر هذه الزيارة يوما واحدا، حيث يعقد الرئيسان جلسة عمل وعشاء يتناولان خلالهما أهم القضايا الدولية المشتركة، لاسيما تلك التي ستعرض على قمة قادة الدول الصناعية السبع المقبلة وعلى رأسها أزمة أوكرانيا، والملف النووي الإيراني، والصراع في سوريا، إلى جانب الأوضاع في لبيبا ومنطقة الخليج.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، فإنه من المتوقع أن يتم مناقشة استمرار العمل بصيغة نورماندي، حيث يتطلع ماكرون إلى فتح باب جديد للتفاوض بين الجانبين الروسي والأوكراني، وتريد باريس من موسكو أن تستخدم نفوذها لدى انفصاليي شرق أوكرانيا للدفع باتجاه تنفيذ اتفاق مينسك الذي أبرم بمشاركة فرنسية - ألمانية، وتشجيع بوتين على الرد على بادرة التهدئة التي تقدم بها الرئيس الأوكراني الجديد، فلاديمير زيلينسكي.

وكان الرئيس ماكرون قد أيَد من قبل - خلال اتصال هاتفي له مع نظيره الأوكراني - مبادرة عقد لقاء قمة لـ"رباعية نورماندي"، مشيرا إلى أنه سينسق الأمر مع الرئيس الروسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وتم تشكيل "رباعية النورماندي"في يونيو 2014، لحل النزاع في شرق أوكرانيا، وهي تضم روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا.

ويأمل ماكرون في إنهاء النزاع الجاري في شرق أوكرانيا لإحراز إنجاز على غرار ما قام به الرئيس السابق نيكولا ساركوزي مع أزمة جورجيا.

ومن بين القضايا المنتظر تناولها أيضا على طاولة القمة الفرنسية الروسية مسألة الملف النووي الإيراني الذي تأمل باريس أن تلعب موسكو فيه دورا بارزا لوضع حد للتصعيد الإيراني في ظل الضغوط الأمريكية المستمرة، وتسعى كل من باريس وموسكو للحفاظ على الاتفاق النووي، رغم خروج واشنطن منه، وبالتالي فإن ما تنتظره باريس من بوتين هو دفع إيران لوضع حد لتخليها عن بنود الاتفاق وتجميد الإجراءات التي اتخذتها، مثل رفع نسبة تخصيب اليورانيوم أو تجاوز سقف المخزون المتاح لها، والتي تمثل بدورها انتهاكات لبنود الاتفاق.

كما تأمل باريس في وضع حد للتصعيد بين واشنطن المستمرة في سياسة "الضغوط القصوى" وطهران المنتهجة لسياسة «المقاومة القصوى»، وذلك بهدف توفير الظروف التي تهييء جمع الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

ورغم اعتراف ماكرون بـ "الظروف الصعبة" التي تحيط بالملف النووي الإيراني، إلا أنه بدا عازما على الاستمرار في لعب دور "الوسيط والمفاوض"، كما وصف نفسه، بهدف تجنب أي شكل من أشكال التصعيد في المنطقة، أو انهيار الاتفاق الذي اعتبره "مكسب نووي"، وفق تعبيره.

ويحظى الملف السوري بأهمية ملحوظة على جدول أعمال قمة ماكرون وبوتين، حيث تعتبر باريس أن موسكو لاعب أساسي لا غنى عنه في هذا الملف، في الوقت الذي لا يعدو دورها هي وأشقاؤها الأوروبيون مجرد دور هامشي داخل الأزمة السورية، وبالتالي فهم لا يمتلكون أوراقا فاعلة يمكن استخدامها بفاعلية لحل هذه الأزمة، باستثناء المشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا.

وتعتبر فرنسا أنّ الأوضاع في محافظة إدلب السورية "مقلقة للغاية"، من هنا، جاء حرص الرئيس ماكرون على حث بوتين للضغط على النظام السوري من أجل وقف الهجوم على منطقة إدلب وجوارها، وهي المعركة التي تتم بمشاركة الطيران الروسي.

ويرى فريق واسع من المراقبين أن التوقيت الذي اختاره ماكرون لدعوة الرئيس بوتين لزيارته هو "توقيت مثالي"، فهو من ناحية يسبق انعقاد قمة الدول السبع الكبرى، والتي يحاول ماكرون أن يلعب فيها دور "الوسيط" أو "همزة الوصل" بين االرئيس الروسي والقادة الأوروبيين في محاولة لنقل مواقف بوتين من مختلف الأزمات التي تلعب روسيا فيها دورا أوليا، فضلا عن محاولة دفع روسيا للعودة إلى قمة الدول الصناعية الكبرى بعد أن تركتها عام 2014 في أعقاب الحرب مع أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم، والتي تحولت - بخروج روسيا - من "مجموعة الثماني" إلى "مجموعة السبع" الصناعية الكبرى.

من ناحية أخرى.. تأتي هذه الزيارة في ظل أجواء من التوتر تخيم على علاقات ماكرون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك على خلفية قرار باريس بفرض ضرائب مرتفعة على كبرى الشركات الرقمية، ومعظمها أمريكية، وردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن الرئيس الأمربكي في هذا الصدد ومنها تهجمه الشخصي على الرئيس ماكرون، فضلا عن الخلافات بين الطرفين حول الملف النووي الإيراني وعدم رضا ترامب على وساطة ماكرون في هذه الأزمة.

ومن هنا، يرى المراقبون أن دعوة ماكرون لبوتين في هذا التوقيت تحمل رسالة مفادها أن هناك رغبة فرنسية في الحفاظ على سيادة القرار واستقلالية المواقف وعدم الاصطفاف وراء الصف الأمربكي، لذلك حرص ماكرون على استقبال بوتين في منتجعه الصيفي وليس في قصر الإليزيه من أجل إعطاء الزيارة طابعا مميزا.

في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين أهمية تعزيز العلاقات الفرنسية الروسية خاصة في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أنه لو تم إعادة انتخاب الرئيس ترامب مرة أخرى فإنه سيعمل على "توطيد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ولن يأخذ المصالح الأوروبية في عين الاعتبار".


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة