عندما جاء إلى القاهرة عام 1964، لم يدرك أحد أن هذا الشاب النحيل، ورفاقه، سيغيروا الخريطة الأدبية في مصر، والعالم العربي، وخلال سنوات سيمتطي كل منهم خياله، وما يحمله من قريته محلقا في سماء الإبداع، وواضعا اسمه كبوابة لدخول الأشكال الأدبية الثلاث: القصة القصيرة، وشعر الفصحى، وشعر العامية.
اختار يحيى الطاهر عبدالله القصة القصيرة، كوعاء لما يدور بخلده، وبوقا لموهبته، بينما رافقه أمل دنقل، وعبدالرحمن الأبنودي، لم يسعهم سوى الشعر.
موعد الميلاد:
ولد يحيى الطاهر عبدالله، في 30 أبريل عام 1938، بقرية الكرنك في الأقصر؛ لأب معمم كان له عظيم الأثر، في حب يحيى للغة العربية، وآدابها، توفيت والدته، وهو في سن صغيرة، فربته خالته، التي أصبحت زوجة أبيه فيما بعد، وليحيى 8 أخوة، وأخوات، وكان ترتيبه الثاني بينهم.
بداية الرحلة:
جاء يحيى الطاهر إلى القاهرة عام 1964، وسبقه إليها صديقه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، وأقام الطاهر، والأبنودي في شقة بحي بولاق الدكرور، والذي قال عنها الأبنودي: «كانت هذه الشقة أشبه بالمقهى الشعبي، وحولها يحيى الطاهر إلى ما يشبه سوق الثلاثاء، فكانت الأسرة تزدحم بالمشردين، والغرباء، من المثقفين، والمبدعين، وكان عليّ أن أطعم كل هذا الجيش، من الجنيهات التي اتكسبها من الأغنيات، التي كنت أكتبها في ذلك الوقت، وكان من النادر أن تجد أحدا من أبناء جيلي قادر على الكسب».
إنتاجه الأدبي:
كتب يحيى أولى قصصه القصيرة، «محبوب الشمس»، عام 1961، ثم كتب بعدها في نفس السنة، «جبل الشاي الأخضر»، وظهرت أولى مجموعاته القصصية عام 1970، وتحمل اسم «ثلاث شجيرات تثمر برتقالا».
وظهر يحيى الطاهر، كواحد من أبرز كتاب القصة القصيرة، في تلك الفترة، وخاصة بعد أن قدمه يوسف أدريس، في مجلة «الكاتب»، وقدمه أيضا عبدالفتاح الجمل، في الملحق الأدبي بجريدة المساء.
وليحيى الطاهر عبد الله، العديد من الأعمال الإبداعية المتميزة من أهمها: «الدف والصندوق، الطوق واللأسورة، أنا وهي وزهور العالم، الحقائق القديمة صالحة لأثارة الدهشة، حكايات للأمير حتى ينام، تصاوير من التراب والشمس، حكاية على لسان كلب، وهي قصة طويلة نشرت في الأعمال الكاملة بعد رحيله، «الرقصة المباحة»، مجموعة قصصية نشرت في الأعمال الكاملة»
أعماله السينمائية:
قرر المخرج خيري بشارة، أن يخرج ليحيى الطاهر، قبل وفاته، فيلما مأخوذا عن رواية «الطوق والأسورة»، والذي حمل الاسم ذاته، ويُعتبر واحدًا من أهم أفلام السينما المصرية، المأخوذة عن عمل أدبي، وكتب حواره عبدالرحمن الأبنودي، وحصد الفيلم المركز العشرين في أفضل 100 فيلم مصري.
تزوج يحيى الطاهر عبدالله من السيدة مديحة، شقيقة الدكتور عبدالمنعم تليمة، ويحكي الأبنودي: «يحيى في ليلة عرسه اختفى، ولم يأت، وكنّا هناك الدكاترة جابر عصفور، وعبد المحسن طه بدر، وسيد البحراوي، والأساتذة فاروق شوشة، وسليمان فياض، وأنا، وغيرنا كثيرون».
وأضاف: «جلست على كرسي العريس، بجوار العروس، إلى أن حضر يحيى الطاهر عبدالله في آخر الليلة، مصطحبا طفلا فقيرا وجده ملقى مشردا، تحت أحد الكباري، التي ذهب عنده ليحتسي بعض زجاجات البيرة، فوضعناه على كرسي العريس، وأتموا الليلة»، وأنجب يحيى من زوجته، ابنتين هما: أسماء، وهالة، وولد هو محمد، لكنه توفي صغيرا.
وتوفى يحيى الطاهر عبد الله، يوم الخميس 9 أبريل 1981، قبل أن يتم الثالثة والأربعين بأيام؛ إثر حادث سيارة على طريق القاهرة الواحات، ودفن في قريته الكرنك بالأقصر، كانت الفاجعة كبيرة نظرا لصغر سنه وموهبته المتفجرة ورثاه الكثير من الكتاب والشعراء، وكان أبرزهم رفاق دربه وأصدقاء رحلته أمل دنقل، وعبدالرحمن الأبنودي.