يجد الباحث في نتاج أمير الشعراء أحمد
شوقي أن معظم قصائده لا تخلو من الحكم والعبر والعظات، فقد وضع في حسبانه أن تكون
رسالته كشاعر أن يترك في أعماله الكثير من الحكم والمواعظ لأبناء جيله،
وأيضاً للأجيال التالية، فأفسح المجال للحكم والأمثال في أشعاره ، وشملت
العلم والأخلاق والتعليم ومباهج الحياة وأيضا الموت، وفي ذكراه نستعرض بعض من
أبيات قصائده التي شملت ذلك.
أراد شوقي أن يلفت الأنظار إلى قيمة
العلم والتعليم وأيضا رسالة المعلم السامية، فألقى قصيدة يوم السبت 15 مارس 1924
في حفل افتتاح البرلمان الأول، وأيضا في حفل أقامه نادي مدرسة المعلمين وقال في
مطلعها :
قم للمعلم وفـه التبجيلا ... كاد
المعلم أن يكون رسولا
وعن أضرار الجهل قال شوقى:
الجهل لا تحيا عليه جماعة ... كيف
الحياة على يدي عزريلا
ربوا على الإنصاف فتيان الحمى ...
تجدوهم كهف الحقوق كهولا
ويحث على تعليم المرأة فيقول :
وإذا النساء نشأن في أمية ... رضع
الرجال جهالة وخمولا
أما العمل فقد اهتم به شوقي اهتماما
كبيرا، فقد أنشأ قصيدة عام 1923 بعنوان "أيها العمال" يقول في
مطلعها"
أيها العمال أفنوا العمر كدا واكتسابا
... واعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يبابا
ويستطرد فيها ويقول :
أين أنتم من جدود خلدوا هذا الترابا
... أرضيتم أن ترى مصر من الفن خرابا
بعدما كانت سماء للصناعات وغابا
وكانت الأخلاق نصب عين أمير الشعراء
دائما، فقد أعلى شأنها في أشعاره وأكد أنها الدعائم التي لا تقوم لقوم قائمة
بدونهاولا يعلو شأنهم إلا بها ، فكتب يقول :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن
هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال أيضا: وما السلاح لقوم كل عدتهم
... حتى يكونوا من الأخلاق في أهب
وفي قصيدته الشهيرة "نهج
البردة" قال :
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ... فقوم
النفس بالأخلاق تستقم
والنفس من خيرها في خير عافية ...
والنفس من شرها في مرتع وخم
لم يقتصر تنوع شوقي في بث الحكم
والمواعظ عن العلم والتعليم والعمل والحياة والأخلاق، بل في قصيدة "ذكرى
المولد" استولت الحكم والتأملات على أكثر من نصف القصيدة مثل قوله :
وما نيل المطالب بالتمنى ... ولكن
تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قول منال ... إذا
الإقدام كان لهم ركابا
وفيها يذم البخل والبخلاء ويحث على
البر فيقول :
ولم أر مثل جمع المال داء ... ولا
مثل البخيل به مصابا
فلا تقتلك شهوته وزنها ... كما تزن
الطعام أو الشرابا
وخذ لبنيك والأيام ذخرا ... واعط الله
حصته احتسابا
وفي الوطن وحبه نظم الشاعر في منفاه
قصيدته "السينية" الشهيرة التي عارض بها سينية البحتري، وقال فيها:
وطني لو شغلت بالخلد عنه ... نازعتني
إليه في الخلد نفسي
وهفا بالفؤاد في سلسبيل ... ظمأ
للسواد من عين شمس
شهد الله لم يغب عن جفوني ... شخصه
ساعة ولم يخل حسي
وبعد عودته من منفاه قال في حب الوطن
ويا وطني لقيتك بعد يأس ... كأني قد
لقيت بك الشبابا
وكل مسافر سيئوب يوما ... إذا رزق
السلامة والإيابا