أكد الدكتور محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية، أن الدولة أقدمت على دمج الهيئات الرقابية غير المصرفية - منذ عشر سنوات ماضية - في كيان رقابي واحد لتندرج تحتها كافة أنشطة التمويل غير تقليدية على تعدد آلياتها، وكان هناك تقدير إيجابي بأن عملية الدمج سوف تُسهم بسرعة توفير بدائل مستحدثة من آليات التمويل غير التقليدية أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري لاقتصاديات الدول، وفى بداية الشهر الجاري تمَّ الإعلان عن تقدم ترتيب مصر بمقدار 48 مركزا فى مؤشر اتاحة التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتقفز إلى الترتيب الـ 41 هذا العام مقارنة بالمركز 89 فى العام الماضي وفقا لتقرير التنافسية العالمى لعام 2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمى.
وفي دلالة على تيسير وإتاحة بدائل متعددة من آليات التمويل أمام القطاع الخاص، ومنها أدوات التمويل غير المصرفية ليتعاظم دورها في المشاريع الاقتصادية المتنوعة، والإسهام بشكل فعَال في تطوير الاقتصاد القومي مستهدفا" معدل نمو قدره 6.5% في ميزانية (2019-2020)، وطموحات لرفع المعدل إلى 7% بحلول عام 2021، وتوجيه مصادر التمويل نحو القطاعات المنتجة في الاقتصاد.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية لملتقى أدوات التمويل غير المصرفية في نسخته الرابعة تحت عنوان "التمويل المبتكر.. رؤية جديدة لدعم الاستثمار" والذي تنعقد فعالياته برعاية عمران وبحضور القيادات التنفيذية لكبريات المؤسسات التمويلية المحلية والإقليمية، وممثلون عن القطاعين العام والخاص، وبمشاركة خبراء في الشئون المصرفية، ومتخصصون في الأنشطة المالية غير المصرفية.
وشهدت فعاليات الافتتاح جلسة حوارية للدكتور محمد عمران مع الإعلامية دينا عبد الفتاح الأمين العام لمبادرة شراكة التنمية، حيث تم إلقاء الضوء على دور أدوات التمويل المبتكرة في دعم وتنمية وتسريع وتيرة الاستثمارات داخل السوق المصرية، بالإضافة إلى قدرتها على اقتناص حصة جيدة من تمويلات السوق السنوات المقبلة، في ظل التعديلات التشريعية التي تشهدها الفترة الحالية بعد تفعيل العمل بقانون التأجير التمويلي والتخصيم الصادر فى العام الماضى والضوابط المنظمة له، ومشاركة الحضور لرؤيتها الايجابية لمستقبل أنشطة التمويل عقب ما استشرفته هيئة الرقابة المالية اثناء الحوار المجتمعي الذى إدارته مع عدد من الجهات عن مشروع قانون التمويل الاستهلاكي واحكام موادة التى تهدف إلي تنظيم توفير التمويل المخصص لشراء السلع والخدمات لأغراض استهلاكية متى تم مزاولته على وجه الاعتياد ، وما يتيحه مشروع القانون من تقديم تمويل من خلال بطاقات المدفوعات التجارية وأنظمة المدفوعات بناء على تعاقدهم مع شبكة من بائعي ومقدمي السلع والخدمات الاستهلاكية
وثَمَن رئيس الهيئة ما تقوم به شركات التأجير التمويلي من نشاط تمويلى وتركيزها على تمويل الأصول الإنتاجية، والتى تُسهم في تحسين وتعزيز القدرة الإنتاجية للشركات، وبما ينعكس بشكل إيجابي نحو تعزيز أجمالي الناتج المحلى. وذلك استنادا لمكونات محفظة أصول شركة التأجير التمويلي والتي تتضمن الخطوط الإنتاجية، والماكينات، والآلات والمعدات، والعقارات، والسيارات، فضلا عما تحققه شركات التأجير التمويلي من نتائج إيجابية من توفير الدعم المالى للشركات الصغيرة والمتوسطة وما يترتب عليه من خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين بشكل عام. فى إطار استفادة شركات التأجير التمويلى أكثر من غيرها من تشغيل سجل الضمانات المنقولة لشهر الحقوق باعتبارها من مقدمي خدمات التمويل بضمان منقولات واستفادت من انخفاض تكاليف الائتمان.
ومن ناحية أخرى يقوم نشاط التخصيم بدور كبير في دعم الاقتصاد المصري بتوفير تسهيلات قصيرة الأجل ويعمل على تمويل رأس المال العامل للشركات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة النمو، وهو ما يجعل التخصيم يتصدر السبل التمويلية التي تساعد الشركات على النمو بشكل سريع وإحداث طفرة في المؤشرات الكلية للشركة التي يتم تمويلها.
وقال عمران إنه كان من الضروري وجود رؤیة مستقبلية لقطاع الخدمات المالية غير المصرفية عبر تنفيذ استراتيجية شاملة للأنشطة المالية غير المصرفية (2018-2022) تسهم في تعزیز الدور المنوط للقطاع المالي غیر المصرفي القیام به، وكان من إنجازات تطبيقها بنهاية الربع الثانى من العام الثانى من برنامج تنفيذ الإستراتيجية أن ساهمت شركات التمويل في بلورة نظام مالي غير مصرفي احتوائي من خلال نمو حجم أعمال شركات التأجير التمويلي والتخصيم والتمويل العقاري خلال عام 2019 مقارنة بعام 2018.
وكشف عن ارتفاع إجمالي قيمة عقود التأجير التمويلي لتصبح 48 مليار جنيه في يونيو 2019 مقارنة بـ 32 مليار جم في يونيو 2018 وبنسبة زيادة قدرها 50% في حجم التمويلات الموجهة من جانب شركات التأجير التمويلي للمشروعات الإنتاجية، علما بأن استراتيجية الهيئة تستهدف رفع محفظة التأجير التمويلي إلى 60 مليار جنيه عام 2022.
كما ارتفع حجم الأوراق المُخصمة لتصبح 9.937 مليار جم في يونيو 2019 مقارنة بـ 8.86 مليار جم في يونيو 2018 وبنسبة نمو قدرها 12.11%. مما يعكس زيادة حجم التمويلات الموجهة لتمويل رأس المال العامل، والمضي نحو مستهدفات استراتيجية الهيئة من رفع محفظة التخصيم إلى 20 مليار جم عام 2022.
وارتفع حجم التمويل العقاري الممنوح للعملاء ليصل إلى 12 مليار جنيه في ستة أشهر فقط من عام 2019 مقارنة بـ 10.7 مليار جم في ديسمبر 2018 وبزيادة قدرها 20%، كما تستهدف استراتيجية الهيئة رفع محفظة التمويل العقاري إلى 20 مليار جم عام 2022.
كما استمر نشاط التمويل متناهى الصغر في تطوره الملحوظ ليصل حجم التمويل الممنوح 13 مليار جم، وبعدد 3 مليون مستفيد -تستحوذ المرأة منها على نسبة 65% - في نهاية يونيو 2019. وتستهدف استراتيجية الهيئة أن يصل أعداد المستفيدين إلى 4 ملايين وزيادة حجم التمويل ليصل إلى 25 مليار جم مع زيادة عدد مؤسسات التمويل متناهي الصغر إلى 1000 مؤسسة.
وأكد رئيس الهيئة أن وراء تلك القفزة النوعية في أداء أنشطة التمويل واقتناص حصة متزايدة من تمويلات السوق، وتيسيراتاحة بدائل للتمويل حزمة من الإجراءات والمجهودات التشريعية والتنظيمية كان آخرها ما تحقق خلال الاثنتي عشرة شهرا الماضية من موافقة مجلس إدارة الهيئة على الترخيص لشركات التصنيف الائتماني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف إتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث من المتوقع أن تسهم تلك الخطوة التنظيمية في إتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إصدار السندات بأنواعها المختلفة، ومن بينها السندات متوسطة الأجل لتمويل الأصول الرأسمالية والسندات قصيرة الأجل لتمويل رأس المال العامل.
وأضاف رئيس الهيئة أن حزمة المجهودات التشريعية تضمنت تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال فيما يتعلق بنشاط صناديق الاستثمار العقاري، وذلك بهدف تنمية وتنشيط صناديق الاستثمار العقاري والعمل على تيسير عملها وتقليل ما تتحمله من أعباء لمزاولة نشاطها، كي تلعب دورها الاستثماري الحيوي في تعزيز صناعة التشييد والبناء والتي تصل نسبة مساهمتها في الناتج المحلى الإجمالى ما يقرب من 7.5% وترتبط بشكل وثيق بنشاط التمويل العقارى .
ومن تلك الإجراءات ما نوه عنه رئيس الهيئة من تفعيل العمل بالقانون رقم 176 لسنة 2018 والخاص بتنظيم نشاطي التأجير التمويلي والتخصيم معا – منذ أغسطس 2018- حيث سعى القانون إلى توفير أدوات تمويلية متنوعة للمشروعات سواء الإنتاجية أو الخدمية، بالإضافة إلى تعزيز الشمول المالي والمساهمة في انتشار أدوات التمويل غير المصرفي في أنحاء البلاد ووصولها لشرائح من المجتمع محرومة من الخدمات المالية، عبر السماح لمنافذ الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية المرخص لها بممارسة نشاط التمويل متناهي الصغر وفقاً لأحكام القانون (141) لسنة 2014 بتقديم خدمات التأجير التمويلي متناهي الصغر - في ضوء الضوابط التي يحددها مجلس إدارة الهيئة - بإستخدام قاعدة البيانات المتوفرة لديها في أكثر من 2190 فرعا منتشرين بكافة محافظات الجمهورية بنهاية يونيو 2019 للوصول إلى عدد أكبر من المتعاملين في الصناعات الصغيرة أو الحرفية في كافة المحافظات والذي يعد حافزاً إضافياً للصناعات الصغيرة المكملة ويفتح أفاق لخلق فرص عمل جديدة .
كما أشار عمران لموافقة مجلس إدارة الهيئة على مشروع قانون بتعديل أحكام القانون رقم (141) لسنة 2014 ، والخاص بتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر ، لكي يشمل كافة أعمال التمويل الممنوحة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بهدف تمكين أكبر قدر من الفئات المستهدفة والمشروعات المتوسطة والصغيرة للوصول لوسائل التمويل المختلفة، وإرساله لدولة رئيس الوزراء للبدء في إصدار التشريع .
ويعتبر مشروع القانون خطوة لاستيعاب التطورات التي كشف عنها التطبيق الفعلي لقانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر عبر السنوات الأربع الماضية من الحاجة الفعلية لزيادة قيمة التمويل الذي يجوز منحه للعملاء، وإتاحة سقف جديد من التمويل لفئة أخرى وبما ييسر على الجمعيات والمؤسسات الأهلية مزاولة نشاط التمويل في ضوء ما شهده الاقتصاد المصري من متغيرات .
وفى نهاية حواره أعلن رئيس الهيئة عن قدرة الرقيب وفعالية أدواته الرقابية فى تحقيق طموحات كثير من الخبراء والاقتصاديين فى بلورة نظام مالي غير مصرفي يسهم فى زيادة دور أدوات التمويل غير المصرفية فى المشروعات الاقتصادية المتنوعة، وتمكنه من تشجيع الوحدات الإقتصادية فى النظام المالى غير الرسمى على الانضمام للاقتصاد الرسمي، استنادا لتجارب المتعاملين في أنشطة التمويل ( العقاري – التأجيري – التخصيم ) والتي دفعت بالعديد من المشروعات الصغيرة الى الدخول إلى للقطاع الرسمي عبر فتح سجل تجارى لها.