الخميس 23 مايو 2024

قمة «سوتشي» إحياء لإرث تاريخي من العلاقات الأفريقية الروسية.. دبلوماسيون: تفتح آفاقا جديدة للتعاون.. وتنمية القارة على رأس اهتمام السيسي في المنتدى.. والرئيس سيعرض الفرص الاستثمارات

تحقيقات22-10-2019 | 16:42

أكد دبلوماسيون أن قمة روسيا أفريقيا هي إحياء لإرث تاريخي من العلاقات بين الجانبين، وأن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا هي إضافة جديدة للعلاقات المصرية الروسية، حيث ستشهد لقاء قمة مع نظيره الروسي، فضلا عن عقد لقاءات مع عدد من قادة الدول الأفريقية ومن بينهم رئيس الوزراء الإثيوبي، موضحين أن السيسي سيعرض فرص التنمية في القارة، حيث تتفق أجندة قمة سوتشي مع أولويات مصر خلال رئاستها الاتحاد الأفريقي.


ووصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم الثلاثاء، إلى مدينة سوتشي الروسية، وذلك لرئاسة القمة الإفريقية الروسية مشاركة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما ستشهد الزيارة عقد لقاء قمة بين الرئيس السيسي ونظيره الروسي لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات والأصعدة، وذلك في إطار اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتيجي الموقعة بين البلدين، وكذا الروابط الوثيقة التي تجمع مصر وروسيا، وحرصهما على تدعيم التعاون الثنائي ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.


كما سيعقد الرئيس عدداً من اللقاءات مع القادة والزعماء الأفارقة المشاركين في القمة الروسية الإفريقية، إلى جانب مشاركته في إطلاق المنتدى الاقتصادي الإفريقي الروسي، والذي سيركز على عدد من المحاور لتنمية التعاون التجاري والعلاقات الاقتصادية بين روسيا الاتحادية ودول القارة الإفريقية بحضور الزعماء الأفارقة ومجتمع رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين.


وتعد القمة الإفريقية - الروسية، هي الأولى من نوعها، حيث ستتضمن جلستين عامتين، وسيصدر عنها إعلان ختامي، بهدف إلى دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الإفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.

 

تنمية القارة على رأس اهتمام السيسي

السفير السيد شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية سابقا، قال إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا جاءت في توقيت هام، حيث ستشهد عقد لقاء قمة بين السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين هو اللقاء السابع لهما، مضيفا إن قمة روسيا - أفريقيا هي الأولى من نوعها، ويشارك فيها السيسي بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي.

 

وأوضح شلبي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس السيسي بعث برسالة ترحيبية إلى القمة، ركزت على ملف التنمية في أفريقيا واحتياجات القارة ودعوته للمجتمع الدولي للمشاركة بكل طاقاته لدعم التنمية فيها وخاصة في مجال البنية التحتية، مؤكدا أن هذا الملف هو محل تركيز من الرئيس في كل خطاباته الخاصة بأفريقيا.

 

وأكد أن القمة ستكون مجالا للقاء الرئيس السيسي برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لبحث تعثر المفاوضات بشأن سد النهضة بعدما وصفها الجانب المصري بأنها وصلت إلى طريق مسدود، مضيفا إن هناك آمالا كبيرة على لقاء السيسي وآبي أحمد على تطويع الموقف الإثيوبي للوصول لحل تفاوضي يخدم مصالح كل من مصر وإثيوبيا والسودان.

 

وأشار إلى أن زيارة الرئيس روسيا تحمل بعدا  في تعميق العلاقات الثنائية، وتعكس التقدم الواسع الذي شهدته العلاقات بين البلدين على مدى السنوات الخمس الماضية في مجالات هامة كالتسليح والطاقة والاستثمارات، مضيفا إن الزيارة والقمة المرتقبة بين السيسي وبوتين إضافة جديدة للعلاقات الثنائية المصرية الروسية.


أجندة «سوتشي»

فيما قال السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية وسفير مصر الأسبق في روسيا، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي سيرأس قمة روسيا أفريقيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مضيفا إن هذه القمة هي الأولى من نوعها، وخاصة أن روسيا قوة كبرى وظلت بعيدة عن أفريقيا حتى سنوات ماضية.

 

وأضاف سعد، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، إن السنوات الخمس الأخيرة شهدت طفرة في علاقات روسيا بدول أفريقيا، في ظل اهتمام دولي بالقارة وتنافس بين القوى الكبرى للتواجد في القارة مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي واليابان، مشيرا إلى أن روسيا لديها فرص طيبة لاستعادة مكانة متميزة في أفريقيا.

 

وأشار إلى أن روسيا ليست قوة استعمارية سابقة وسياساتها الخارجية تتفق إلى حد كبير مع توجهات السياسة الخارجية لدول القارة وعلى رأسها مصر، من حيث مبادئ عدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام سيادة الدول الأعضاء وتسوية المنازعات من خلال المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية.

 

وأوضح أن الإنجازات التي حققتها روسيا في السنوات الماضية يمكن أن تشكل أساس طيب للبناء عليه في المستقبل، مشيرا إلى أن أجندة القمة تتفق بشكل واضح مع الأجندة التي أعدتها مصر وأعلنتها في فبراير كأولويات لرئاسة للاتحاد الأفريقي، مثل حفظ السلم والأمن أو التعاون الاقتصادي أو التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو التعاون مع الشركاء وعلى رأسهم روسيا.

 

وأكد أن أفريقيا لم تكن غريبة عن الاتحاد السوفييتي السابق وهناك مصالح مشتركة بين الجانبين، مضيفا إن المنطقة الصناعية الروسية التي تم الاتفاق على إنشائها شرق بورسعيد هي محور هام لأن تكون مصر بوابة روسيا إلى القارة، خاصة بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ يونيو الماضي في قمة نيامي بالنيجر.

 

وأشار إلى أن هذه المنطقة ستوفر إطارا متميز للصناعات الروسية على أرض مصر للتصدير لسوق واعد يستطيع أن يستوعب ما ينتجونه في المنطقة الصناعية في قناة السويس.

 

 

إحياء لإرث تاريخي من العلاقات

ومن جانبه، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن قمة روسيا أفريقيا التي تعقد في مدينة سوتشي الروسية برئاسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الاتحاد الأفريقي هي إحياء روسيا للإرث التاريخي للعلاقات الروسية الأفريقية خلال الحقبة السوفيتية، ومساندتها حركات التحرر الأفريقية لتأسيس القاعدة الصناعية وبناء جيوشها.

وأوضح حجازي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن حجم التجارة الروسية في القارة يصل لنحو 20 مليار دولار، وهو أقل من نصف حجم المبادلات الإفريقية مع فرنسا، وكذلك أقل عشر مرات من علاقات الصين بالقارة، مضيفا إن أغلب هذه العلاقات التجارية هي صادرات من السلاح، وبات بوتين حريصا على استعادة زمام المبادرة في أفريقيا.

وأكد أن الرئيس الروسي وعد الأفارقة بالعديد من المشروعات التى سيمولها بمليارات الدولارات، وإنه سيسعى من أجل تعاون عسكري وأمني ومكافحة الأمراض ودعم التعليم والتدريب دون أي تدخل سياسي، بالإضافة إلى عروضه في المجال النووي والطاقة والتعدين، مشيرا إلى أن روسيا تسعى لتكون ذات نفوذ على الصعيد الأفريقي.

وأشار إلى أن الصداقة الروسية الأفريقية القديمة هي الأساس الذي سيسمح لموسكو بالانطلاق من جديد في علاقتها بالقارة واستعادة جذور الصداقة وإحياء التراث من العلاقات، مؤكدا أن القمة ستعقد في إطار منتدى اقتصادي يشارك فيه نحو 300 من رجال الأعمال الروس والأفارقة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية ونحو 40 رئيس دولة أفريقي سيشاركون في هذه القمة الهامة.

ولفت إلى أن الرئاسة المشتركة للقمة بين السيسي وبوتين، ستسمح لمصر بإدارة نقاش هام ومقرب من القيادة الروسية، حيث سيلتقي الرئيس السيسي بنظيره الروسي خلال الزيارة للاحتفاء بالمستوى الإستراتيجي الذي وصلت إليه العلاقات ودرجة التفاهم والتطابق السياسي بين الدولتين، في ظل المواقف الروسية الداعمة لمصر منذ استقلالها وبعدها مساندة موسكو للقاهرة في بناء قاعدة صناعية كبرى وبناء الجيش الوطني وإعادة تسليحه بعد هزيمة 1967 لتنتصر مصر في حرب 1973 وحرب الاستنزاف.

وتابع إن الدولتين الآن بينهما أوجه عديدة للتعاون حيث تقوم روسيا بإنشاء المفاعل النووي الجديد في محطة الضبعة، وتسعى لتعزيز علاقاتها خاصة في مجال الطاقة والتعدين وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس والتي تقدر استثماراتها بنحو 6 مليارات دولار.

وأكد هناك العديد من المجالات التي تساند فيها روسيا القارة الإفريقية بالإضافة لعملية التنمية ومساندتهم سياسيا واقتصاديا، والتضامن مع القارة في مكافحة الإرهاب ومواجهة تحديات ومخاطر الأمن الإقليمي، مشيرا إلى أن القمة ستكون فرصة للرئيس السيسي لعرض الفرص الاستثمارية الواعدة على مجتمع الأعمال الروسي والمشاركين من الدول الأفريقية.

وأشار إلى أن المنتدى الاقتصادي سيتيح الفرصة للترويج للعديد من المشروعات بمليارات الدولارات في القارة الأفريقية كما قال بوتين، مؤكدا أن القمة فرصة لمصر لتقديم القارة الأفريقية كقارة شابة تملك اقتصاديات لا حصر لها، لأن أحد بنود النجاح في المرحلة القادمة بعد تأسيس منطقة التجارة الحرة الأفريقية هي الشراكات مع الدول الصديقة مثل الصين وروسيا واليابان، كما أكد الرئيس السيسي في رسالته الترحيبية للقمة.